تجربة شعرية أنثوية فريدة في بانوراما الشعر المكسيكي.
[url=https://www.addtoany.com/share#url=http%3A%2F%2Fwww.alarab.co.uk%2F%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%AA-%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86%D9%88-%D9%83%D8%A7%D8%A6%D9%86-%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1%D8%A9&title=%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%AA %D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86%D9%88 %D9%83%D8%A7%D8%A6%D9%86 %D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D9%8A %D9%81%D9%8A %D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9 %D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9 %D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1%D8%A9][/url]
[url=https://www.addtoany.com/share#url=http%3A%2F%2Fwww.alarab.co.uk%2F%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%AA-%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86%D9%88-%D9%83%D8%A7%D8%A6%D9%86-%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1%D8%A9&title=%D8%AC%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%AA %D9%84%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%86%D9%88 %D9%83%D8%A7%D8%A6%D9%86 %D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D9%8A %D9%81%D9%8A %D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9 %D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9 %D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1%D8%A9]Share[/url]WhatsAppTwitter
الشعر المكسيكي الحديث مثّل منعرجا هاما للشعرية العالمية لما قدمه من تجديد في روح الشاعر ولغته وخياله، وغالبا ما يتبادر إلى الذهن حين نتحدث عن الشعر المكسيكي شعراء رجال مثل أوكتافيو باث أو خوسيه إميليو باتشيكو أو أمادو نيرفو، وغيرهم من الشعراء، لكن من النادر أن نجد شاعرة تنافس تجربتها تجارب الشعراء مثل الشاعرة جانيت لوزانو.
تحمل المختارات التي ترجمها الكاتب والمترجم السوري للشاعرة والمترجمة المكسيكية من أصول لبنانية جانيت لوزانو كلاريوند رؤية متكاملة لتجليات تجربة كلاريوند الشعرية، هذه الرؤية التي تؤكد خصوصية نسيجها الإنساني الحميمي والجمالي والفني، وعمق تساؤلات فضاءات الجسد والروح مع تقلبات الذات حضورا وغيابا، تجربة صوفية فكرية تنهل من الأسطورة لتشكل وجع مواجهة الآخر؛ الصمت، الموت والحب والفقد والخوف والأفكار وحيوات الطبيعة والإنسان.
يصف الشاعر السوري أدونيس هذه الشاعرة وتجربتها قائلا “كمثل كائن أسطوري في صورة امرأة شاعرة، تبث الفتنة بمعنييها الإبداعي والجمالي، تذكرنا جانيت لوزانو بأن المخيلة سهر على الواقع، وأن الواقع نفسه نائم لا يوقظه حقا إلا الشعر، وسواء كانت القصيدة لحظة فرح أو غيمة حزن، فإن الجرح الذي لا يلتئم جرح الوجود، هو نفسه المكان الذي ينبجس منه الشعر”.
الشعر الخلاق
الشاعرة تكشف في كل قصيدة رحلة نحو الذاكرة والمساحات التي دفنت من جراء الحداثة التي تسير فوقنا
يقدم أدونيس للمختارات التي حملت عنوان “المرأة.. التعب.. أشجار الحور” التي ترجمها من الإسبانية إلى العربية جعفر العلوني، ويضيف “ليس الشعر في هذا الأفق مجرد قصيدة، وإنما هو رؤية، وهي رؤية تساؤلية تصدر عن كينونة الإنسان، حساسية ومخيلة، وتأملا، وأن نتخيل أو نحلم أو نحس، فذلك يعني في هذا السياق أننا نفكر”.
ويتابع “الجسد أول اللغة. وليست القصيدة أن نملأ شكلا بفكرة أو أكثر كما لو أننا نصب ماء في إناء، إنها بنية تنفتح على مشروع منفتح، القصيدة أفق، للكلمة فيها فضاء يتسع لبعد جمالي هو بعد الهشاشة الخاصة بعالم الحب، غير أن هذا الفضاء يمنحنا المزيد من اليقين بأن بعد الهشاشة قائم في كل علو جمالي، هكذا يبدو الوجود كأنه -جماليا- شكل زائل كوجود الإنسان حياتيا في العالم. قل لي ما وجودك، جماليا، أقل لك ما وجودك حياتيا”.
ويؤكد أدونيس أن الشعر -بوصفه كذلكـ يخلق زمنه وتاريخه داخل التاريخ العام في تموجاته وتغيراته، وهو في ذلك يذكرنا بأن الإنسان أعطى الحياة لكي يحياها متخطيا تقاليدها، بحيث يعيد ابتكارها في أفق يتجاوز ما كان وما هو، نحو ما لا ينتهي. يذكرنا أيضا بأن الإبداع يتخطى جذريا كل ما يغلق العالم، جامحا أبدا في سفره لاكتشاف المجهول. هكذا تتابع جانيت لوزانو مسيرة الشعر الخلاق، وهي مسيرة تقول بلسان كل شاعر، لا يقول لي الإبداع أن تكون القصيدة أداة أو وسيلة لبلوغ أي هدف خارجي، وإنما يقول: كن منفتحا على حضور الآخر، في هذا اللقاء المفرد بين الذات والذات وبين الذات والعالم.
ويلفت إلى أن المترجم جعفر العَلّوني “عرف كيف يقرأ هذا الشعر ــ اللقاء، وكيف يحتضنه فيما ينقله من سرير لغته الأمّ، الإسبانيّة، إلى سرير شقيقتها في الشّعر: العربيّة وهو، في ذلك يعرف أنّ ترجمة الشعر عبور خَطِر لحفرة الانهدام الكبرى بين لغة ولغة. خصوصا أنّ مترجِمَ الشعر يترجمُ ذاتَه فيما يترجمُ شعرَ الآخر، مُعطِيا للقارئ في الضفّة الثانية ــ لغةِ الاستقبال، أجنحة يطير بها إلى الضفّة الأولى، لغة الإرسال”.
تجربة أنثوية
العودة إلى وراء، نحو النبع والأصل
أما المترجم جعفر العلوني فيقول في مقدمته للمختارات “منذ ولادتها لم تفعل الشاعرة سوى العودة إلى وراء، نحو النبع والأصل، وما قبل الولادة، أي الرمز السومري، بدءا من ملحمة جلجامش، وانتهاء بقصة الخلق البابلية، القصيدة بهذا المعنى، هي سفر دائم إلى ذلك المكان غير المؤكد؛ حيث تعود لتخلق الأشياء بقوة الشعر، فتنسج علاقات العالم بدءا من شعور يتجاوز الأنا، الجسد والروح. هنا فقط تستطيع الشاعرة أن تهرب من قيود الزمن بمعناه الرياضي الأجوف، فتتحرر من تتابعيته وأفقيته، وتخلق زمنا وجوديا تتحول فيه الثواني والدقائق والساعات إلى انبجاس تلو انبجاس”.
ويتابع “هذا هو المسار الذي يتبعه الصوت الشعري للشاعرة المكسيكية من أصول لبنانية جانيت لوزانو كلاريوند ‘تشيهواهوا ـ المكسيك 1949’، في رحلته عبر متاهة الذكريات، وهو مسار يطور نوعا من لعبة الهوية والذاكرة، من أجل هدف واضح: ممارسة الكلمة المضيئة والثاقبة، التي تسمح لها بفهم الحياة، وفهم نفسها كشاعرة وامرأة، وذلك من خلال فك رموز الماضي وتعرية الكلمة، بغية البحث عن روحها. وهذا سيسمح بدوره، للشاعرة، بتعرف الرموز والإشارات والحقائق الخفية والمعلنة لآلام الماضي، ومن ثم تفجير أركان الصمت لغويا وإعادة بناء جوهر الوجود عبر صوت حميمي ممتلئ بالألم والفرح والحنين والامتنان، يتشكل داخل الصمت”.
ويلفت العلوني إلى أنه في ظل مجتمع مكسيكي تسيطر عليه الأصوات الشعرية الذكورية، يتفجر صوت جانيت لوزانو الشعري، مرسخة عبره تجربة شعرية أنثوية فريدة في بانوراما الشعر المكسيكي، وهي تكشف في كل قصيدة رحلة نحو الذاكرة والمساحات والأبعاد، التي دفنت من جراء الحداثة التي تسير فوقنا، ضمن هذا السياق، فإن عالم جانيت الشعري يقوم على أساس الكلمة الشعرية المسافرة نحو الذاكرة، التي وهبت كل شيء من أجل أن تنقل إلينا المعنى الجوهري للأشياء.
يذكر أن جانيت لوزانو حاصلة على الإجازة في الفلسفة والأديان المكسيكية القديمة، رسخت نفسها في بانوراما الشعر المكسيكي كأحد أبرز الأصوات الشعرية الأنثوية، لها ما يقرب من عشرة دواوين، منها “لحظات الماء 2007 – ذاكرة مقفرة 2002 – دم خفيف 2011 – دفاتر تشيهواهوا 2012″، حازت العديد من الجوائز، أبرزها “جائزة سان خوان دي لاكروز” الشعرية عام 2018.
نماذج من المختارات
تكوين
كمثل مرآة تنزف، كمثل جرح يقطر، أنزلق. أضعف وأنزلق من فوهة بركان أنزلق بين فخذيك أخاف أن أتهاوى. أرتجف، وأحاول دائما أن أتماسك.
***
سقوط
نار سوداء هذا الجرم السماوي الذي يدور فيّ ويحدد الوقت بعقارب تدور القهقرى. أنا دود ينخر القوقعة بلا توقف، نملة حمراء صارت عشر مرات، سوداء. أنا الصمت العمودي للجحيم يقظة بين السكاكين، طريق إلى أسفل الموت. ***
امرأة تدير ظهرها بين ركام جدران المدينة وأسلاكها المعدنية التي تشق بذبذباتها واجهات العرض، وحيدة في دخان اللحظة، حتى دون أن تسمع صوتا، يسطع حضورها المشهد.
***
من نصوص قصيدة “إشارات”
من القعر حيث الحجارة العميقة، تعكس المياه البلورية الذهب والبرونز. تعكس وجه ثور، أبوابا وياسمينا بحريا أثقل عليها رحيلك. ـ أريد أن أداعب شعرك المتعب أن أرج الطين وأدخل فيك خلية خلية لا تتأثر بحنينك. هكذا أكون شبه ميتة أعيش في احتضار دائم على ضفة الخوف منك ينقصني حب. ـ في الليل، بعيدا، تضيع عند المساء. عموديا وبعيدا، تنطفئ. تغيب. ـ يسكب الغروب كلماته المتلعثمة في عكاز الأعمى: قوديه، أيتها العصا، حيث لا وجه له. ـ لا صوت ولا جمر يرفعني كل ليلة، صدري في مهب الخوف لأنني لا أروي حبي. ما أقصر الحب وما أطول الطريق إليه! ـ من عباءة النار يولد ضوء جسده، العالم، الوقت، والموت وكل شيء ـ يكون في انتظاره.
***
من نصوص قصيدة “دم خفيف”
ـ لا أحد يقول شيئا عندما يموت البحر، لا أحد يعرف أنه عندما يأتي الموت فلن يقول أحد شيئا عن الضوء. ظلال تطل من الظلمة ولا يقين في هذه السماء، ولا في هذه الكلمات، عدم، وحدها زهرة الغاردينيا تتفتح إلى جانب هذا الأفق الأحمر، من بداية لا نهاية لها، يلد الطائر فضاءه. ـ ليس بوحه كل شيء الحزن في الغرفة ضفة صامتة، خفقان مبكر. لا يفجرنا كل شيء؛ هناك أقاليم تحوي أبجدية من الظلام. لغتنا ليست كل شيء. ـ الخوف يحجّر جسد المرآة نار هجر ونظرة عمياء مكسورة. آه يا أمي، كنت بهاء في تدفقي.
***
على حافة شعاب مرجانية
1 ـ كل شيء ينبثق من الرؤية؛ بهاء يغسل الحجارة ومدن مظلمة تنبثق كغناء حوت مفتوح.
2 ـ الريح والشجر والسمك هاربا. لا صيد اليوم أيها الصيادون؛ فالضباب يغطي كل شيء.
3 ـ ضباب ووحدة وورد يسبح بلا جذر هكذا يجنح القارب فيما يجد سماءه.
4 ـ هل من عيون تضيء هذه الشعب المرجانية؟ 5 ـ ببهاء الذهب تنسج أسراب السمك معجزة الماء.
6 ـ من جاء بك، أيها السمك، إلى البحر؟ في العمق تفترش الأوراق حدائق تدثرت بأغطية من ماء راكد. لا شيء إلا نبع مظلم، فيضان نهر بارد وشمس تغرق في ملح صخر هذه المملكة.
7 ـ لماذا لا أرى السمك إلا في الحلم لا أرى إلا ثوبه الأزرق، خيط ذهب على خصره ودما يتفجر من عينيه، بياضا، بياضا بياضا.