قيمة المشروعات ورواتب المسؤولين.. استرداد أموال العراق "يحتاج سنوات"
الحكومة العراقية تتحدث عن إهدار 300 مليار دولار
الحرة - واشنطن:علق خبراء تحدثوا مع وكالة الأنباء العراقية (واع) عن البيانات الحكومية الأخيرة التي تشير إلى فاتورة ضخمة للفساد في العراق وصلت إلى نحو 300 مليار دولار، وتحدثوا في هذا الصدد عن مشاريع وهمية والإنفاق على رواتب أعضاء مجالس المحافظات.
وقال الخبير في مكافحة الفساد، سعيد موسى، للوكالة إن عملية استرداد الأموال المنهوبة قد تستغرق سنوات طويلة، فضلا عن تكاليف الملاحقة، لأن الأموال المنهوبة والمهربة تدخل في اقتصاديات دول الملاذ.
وأشار إلى أن "الغالبية العظمى من مشاريع البنى التحتية، ومنها الصرف الصحي تحوم حولها شبهات فساد من الإحالة إلى تسلم المشاريع، ولم تنفذ وفق معايير الجودة وكفاءة الأداء، فضلا عن عدم تخصص الكثير من الشركات المنفذة وأهليتها الفنية والمالية".
وأوضح الخبير في شؤون الفساد محمد رحيم، للوكالة، أن "الأموال المهدورة على المشاريع الوهمية تقدر نسبتها بين 25 و40 في المئة من الموازنة العامة لكل بلد على المستوى الإقليمي وليس في العراق فقط، أما في العراق فإضافة إلى أموال الموازنة العامة، هناك مبالغ البترودولار التي تصرف للمحافظات المنتجة للنفط والغاز، حيث تقدر هذه الأموال بأكثر من تريليون دينار حتى عام 2019 بموجب تقارير الجهات الرقابية في العراق".
وتابع أن "هنالك إشكالات في وزارة المالية حول آلية صرف هذه الأموال في المحافظات، بسبب عدم تسوية الوضع القانوني للمبالغ المتسلمة سابقا ولعدة سنوات، إضافة إلى أن هناك بابا كبيرا لهدر الأموال من خلال عقود جولات التراخيص ومسألة تضخيم التكلفة، فضلا عن المشاريع الوهمية التي يدفع العراق أموالها للشركات الأجنبية".
ولذلك، بحسب الخبير، "تكون الأموال المهدورة تتراوح بين 6 و10 أضعاف المبالغ المقررة لأن المسؤول الفاسد عندما يريد أن يسرق مبلغ 10 ملايين دينار، يقوم بإبرام عقد أو صفقة بمبلغ 100 مليون دينار لكي يغطي على صفقة الفساد التي أبرمها للحصول على المنفعة الخاصة، والمشروع المتعاقد عليه قد لا يكون للبلد أو الجهة التي ينتمي لها بحاجة ماسة له، بينما هناك مشاريع تلبي حاجات أهم قام بتركها".
وقال النائب السابق، فلاح الخفاجي، إن "مبالغ كبيرة أهدرت على مشاريع لم تكتمل وأخرى لم تنفذ، والدليل على ذلك أن لدينا مشاريع في بابل من سنوات 2008 و2009 و2011 كان يمكن أن يكون لها مردود إيجابي على المحافظة لكن للأسف لم تنفذ".
وتابع أن "أغلب المحافظات كبابل ومثنى وذي قار فقيرة جدا ومع أية زخة مطر تغرق شوارعها وهذا الموضوع يتحمله المحافظون الذين لم ينصفوا المحافظات، بينما محافظة كربلاء عندما ندخل إليها حاليا نجد فرقا كبيرا على مستوى العمل والآن كربلاء بدأت تظهر بمظهر جميل".
ولفت إلى أن "الكثير من المبالغ المسروقة تم تسريبها خارج العراق وإيداعها في البنوك الأجنبية عبر فاسدين منهم وزراء وشخصيات وإذا تم تفعيل الإنتربول بشكل جيد وكان للعراق علاقات جيدة مع دول العالم سيمكن إعادة تلك الأموال وقيمتها من الممكن أن تساهم بإعمار العراق".
ورأى الخبير الاقتصادي، باسم أنطون، أن قرار مجلس النواب السابق بإلغاء مجالس المحافظات أوقف سببا كبيرا لهدر الأموال لا يقل خطرا عن الفساد في المشاريع.
وقال في حديثه مع "واع" إن "الانفاق على رواتب أعضاء مجالس المحافظات شكل رقما كبيرا على موازنة الدولة وصل إلى 208 مليارات دينار سنويا، وكل عضو له ثلاث سيارات وستة أفراد من الحماية".
وأضاف أن "إلغاء هذا الجهاز وأجهزة أخرى فائضة لا طائل منها سيوفر للموازنة مبالغ كبيرة وممكن الاستفادة منها في عملية التنمية الحقيقية وتوفير تلك المبالغ لموازنة الدولة وتشغيل العاطلين".
وكانت هيئة النزاهة قد أعلنت، الأربعاء الماضي، صدور 98 أمر قبض واستقدام خلال شهر ديسمبر الماضي، مشيرة إلى أن تلك الأوامر صدرت بحق 85 من كبار المسؤولين، بينهم وزير حالي.
وقالت الهيئة مطلع الشهر الجاري إن حجم الأموال المهربة خارج البلاد تقدر بنحو 350 تريليون دينار، أي حوالي 300 مليار دولار.
ويأتي هذا فيما أعدت رئاسة الجمهورية قانونا لاسترداد عائدات الفساد، من المتوقع أن يناقشه البرلمان الجديد.
وقال مستشار رئيس الجمهورية، عبد الله الزيدي، قبل أيام، لـ"واع" إن المشروع أرسل إلى مجلس النواب وذهب إلى اللجنة القانونية لكن لم يتم التصويت عليه في هذه الدورة النيابية"، معربا عن أمله "بدراسة القانون دراسة موضوعية ومستفيضة من قبل مجلس النواب في الدورة المقبلة مع إمكانية التعديل وإبداء الملاحظات وإرساله إلى رئاسة الجمهورية مرة أخرى".
ويتسبب الفساد وضعف الإدارة في العراق بهدر مليارات من الدولارات سنويا، بحسب تقارير للأمم المتحدة، ولا تسفر حملات الحكومة أو المنظمات المدنية عادة عن نتائج كبيرة أو إنجازات في هذا الملف.
وكانت مكافحة الفساد أحد أهم مطالب احتجاجات "تشرين" العراقية التي أدت إلى إسقاط حكومة عادل عبد المهدي.