تداعيات سرقة وإختلاس المال العام من قبل مسؤولي الدولة، وموقف القانون منها.
د.عامر الدليمي
تداعيات سرقة وإختلاس المال العام من قبل مسؤولي الدولة، وموقف القانون منها.
السرقة فعل سيئ ومن أكثر الأفعال والسلوكيات المنحرفة في المجتمع، وترتبط بأسباب نفسية أو تربوية عائلية أو إجتماعية، وترتبط بحالات مرضية، ولها تأثيرات علىٰ القيم الإجتماعية السليمة.. وهي من الجرائم الشائعة التي تتكرر بصورة متفاوتة من مجتمع لآخر في العالم، ومن أسبابها عدم قدرة الشخص السيطرة علىٰ رغبته وضعف في قيمه الإنسانية والسلوكية، مع إضطراب نفسي وقلق ينتاب الشخص نتيجة لعوامل متعددة قد تحيط به، وعدم قدرته السيطرة علىٰ أفعاله،، وأخطر أعمال السرقة وألإختلاس هي سرقة الأموال العامة ( أموال الشعب) من قبل المسؤولين في الدولة، أو المتنفذين فيها بسبب عدم تخوفهم من المسائلة القانونية أو المجتمع من المحاسبة، لأن المسؤولين في الدولة قبل أن يفكروا بالسرقة يحاولون إيجاد مبرر أو غطاء لجريمتهم، وقد يشاركهم أويساعدهم فيها من هم في سلطة فاسدة فاشلة مثلهم، لذلك ستكون شبه مشروعة من وجهة نظرهم، مع أنها أموال عامة للشعب، وليس أموال خاصة، ومن حق الشعب التمتع بها وإستخدامها لتداعياتها الاقتصادية عليه في الحياة.
ومن الآثار السلبية لسرقة أموال الشعب :
1: فقدان الثقة بالسلطة وأجهزتها المكلفة بحماية المال العام.
2. إضطراب الحالة الإقتصادية في البلد وإنعكاسها علىٰ معيشة الشعب.
3. تولد السرقة حالةمن عدم الأمان لتوظيف وتشغيل المال في المشاريع الإقتصادية في القطاعين الخاص والعام.
4. تؤدي سرقة المال العام لمشاكل في مؤسسات الدولة ودوائرها في إداء مهامها الوظيفية.
5. تسبب سرقة المال العام عجز مالي في الدولة.
6. تولد السرقة أزمة خطيرة في إقتصاد البلد في حالة عدم معالجتها معالجة حقيقية، والحد منها بصورة جادة.
وجاء في القانون المصري المادة( 300) جريمة السرقة هي أخذ مال الغير دون علمه ورضاه، وتعد جريمة الإختلاس، كل من إختلس أموال الدولة وسلب الشيئ أو الإستيلاء علىٰ المال العام من قبل موظف يضع يده عليه، وألإختلاس في مضمونه لايختلف عن السرقة، إذ الإختلاس هو الإستيلاء علىٰ المال العام من قبل من وكل إليه آو أمر بإدارته أو جبايته أو وصايته.
وحددت المادة (121) من قانون العقوبات المصري عقوبة جريمة الإختلاس للمال العام بالسجن المؤبد، وكذلك بالمادة (311)، وجاء بالمادة (119) بأن كل موظف عام إستولىٰ بغير حق علىٰ مال عام أو أوراق أو غيرها لإحدىٰ الجهات أو سهل ذلك لغيره بأي طريقة كانت يعاقب (بالسجن المشدد).
وجاء في قانون العقوبات الأردني لعام 2021م المادة (174، الفقرة 1،2)، كل موظف عمومي أدخل في ذمته ما وكل إليه بحكم وظيفته أو بموجب تكليف من رئيسه أمر بإدارته أو واجباته أو حفظه من نقود وأشياء أخرىٰ للدولة أو لأحد الناس ( عواقب بالاشغال الشاقة المؤقتة) وبغرامة تعادل قيمة ما إختلسه من النقود، وجاء في المادة (2) من القانون الأردني، كل من إختلس أموال تعود لخزائن أو صناديق البنوك أو مؤسسات الإقراض المتخصصة أو الشركات المساهمة العامة وكان من الأشخاص العاملين فيها ( عوقب بألاشغال المؤقته)، والموظف الإداري في قانون العقوبات الأردني المادة (169)، هو كل موظف عمومي في السلك الإداري آو القضائي وكل ضابط في السلطة المدنية أو الموظف العام.
أما في قانون العقوبات العراقي المرقم (111)لعام 1969م، جاء فيه بعقوبة السجن لكل من يسرق أموال الناس أو أموال الدولة،... ويطلق سراحه بعد إكمال محكوميته، وعدم ملاحقته قانونيا أو إسترجاع المبالغ المسروقة، بعد إنهاء محكومية السارق. وقد تم تعديل القانون إذ أصدر مجلس قيادة الثورة قرار رقم (120) لعام 1994م في المادة (1)، ( لايطلق سراح المحكوم عليه عن جريمة إختلاس أو سرقة أموال الدولة، ما لم تسترد منه هذه الأموال).
أما المحكمة الإتحادية العليا العراقية أصدرت قرارها العدد (57) إتحادية بتاريخ 3//8/ 2017م بعدم دستورية قرار مجلس قيادة الثورة المرقم (120) لعام 1994م، لتعارضه مع مبادئ الحريات الواردة في دستور العراق لسنة 2005م، وبالغاء قرار مجلس قيادة الثورة، أصبح لصوص الحكم الجديد من المسؤولين أموال الشعب العراقي مباحة لهم ويحميهم القانون، ولهم كامل الحرية في السرقة والأختلاس.
إن سرقة وإختلاس أموال الشعب العراقي، الأموال العامة من قبل المسؤولين في الدولة التي هي من أساسيات معيشته وإحتياجاته، تسبب رفضاً شعبياً واسعاً وإستياءً عام يشمل الجميع عن عدم الرضا وألإستنكار المؤدي إلىٰ الإحتجاجات والاعتصامات والمظاهرات الشعبية لسلوكيات المسؤولين العراقين ألا أخلاقية بسبب سرقتهم المال العام، أموال الشعب، وعدم محاسبتهم محاسبة قانونية جدية ، وإن جرت فتكون شكلية صورية، دون وأعز أو ضمير، وهذا ليس بغريب، وكما تتناوله الفضائيات العراقية، وتصريح عدد من المسؤلين في الحكومة العراقية عن السرقات المستمرة فيها، وما زالت سرقة المال العام دون رقيب أو حساب.