العنف الأسرى في العراق.. هل تحقق "الملاذات الأمنة" ما عجز عنه القانون؟
تمكن الملاذات الآمنة النساء المعنفات من الحصول على التوعية اللازمة والاستشارة القانونية.. صورة تعبيرية
الحرة:تعتبر ناشطات عراقيات إصدار قانون الحماية من العنف الأسري في العراق أفضل خطوة لحماية النساء من العنف، مع ضرورة زيادة أعداد الملاذات الآمنة لتوفير الحماية للنساء والفتيات المعنفات.
ورغم تصويت مجلس الوزراء العراقي في 4 أغسطس 2020 على مسودة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، إلا أن القانون ما يزال ينتظر التصويت عليه في مجلس النواب، فيما لا توجد في البلاد سوى 5 "ملاذات آمنة" للنساء المعنفات، 3 منها في إقليم كردستان وآخران في بغداد والأنبار.
أم غادة (اسم مستعار) سيدة عراقية من بغداد خاضت تجربة الملاذات الآمنة وتمكنت عبرها من حماية نفسها وأطفالها.
تقول أم غادة لموقع "ارفع صوتك": "تعرفت على وجود الملاذات والمساحات الآمنة صدفة من خلال زيارة مجموعة من الناشطات لمنطقتنا"، خلال ندوة لمواجهة العنف الأسري.
وحسب أم غادة، تمكن الملاذات الآمنة النساء المعنفات "من الحصول على التوعية اللازمة والاستشارة القانونية بهدف رفع الظلم عنا وكذلك تمكيننا اقتصاديا عبر تعلم حرف يدوية تساعدنا بتوفير القوت اليومي لنا ولأطفالنا".
ووقعت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية اتفاقية مع السفارة الفرنسية في العراق وصندوق الأمم المتحدة للسكان في 27 يناير الماضي لإعادة تأهيل ملاذ آمن للنساء في بغداد، وإنشاء ثلاثة مراكز أخرى في البصرة والأنبار ونينوى.
وأكد صندوق الأمم المتحدة للسكان في بيان أن مراكز حماية المرأة والملاذ الآمن للنساء والفتيات ستوفر الدعم الطبي والنفسي الاجتماعي والقانوني، بالإضافة إلى "جلسات كسب العيش" لدعم إعادة اندماجهن في المجتمع أو المصالحة مع أسرهن.
وتشير الناشطة أمل أحمد، التي عملت خلال السنوات الماضية في المساحات والملاذات الآمنة، إلى أن هذه المساحات كان لها دور كبير في تعريف النساء خاصة في المناطق النائية والشعبية بحقوقهن ومساعدتهن في حل مشكلاتهن الأسرية.
وتقول أحمد لموقع "ارفع صوتك": "تستقبل الملاذات الآمنة أو مراكز حماية المرأة النساء المعنفات وتقدم لهن الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني، ولا تباشر هذه الملاذات باتخاذ أي خطوات من دون موافقة المرأة أو الفتاة المعنفة. وبعد موافقتها على بدء الإجراءات القانونية، يحال ملفها إلى الجهات المختصة حسب الحالة واحتياجها، سواء التحويل إلى المستشفى إذا كانت مصابة جراء العنف الذي تعرضت له ومن ثم تسجيل دعوى في مركز شرطة أو الشرطة المجتمعية".
ويبدو الوضع مختلفا في إقليم كردستان، حيث شرع برلمان الإقليم في عام 2011 قانون رقم ( الخاص بمناهضة العنف الأسري، وافتتح حتى الآن 3 ملاذات آمنة للنساء والفتيات المعنفات في كردستان تتبع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة الإقليم موزعة على محافظات أربيل والسليمانية ودهوك. وتوفر الملاذات الآمنة في الإقليم المأوى المؤقت للنساء والفتيات المعنفات والمهددات والحماية والمبيت ووجبات الطعام وخدمات التوعية النفسية والصحية والاجتماعية لحين حل مشكلاتهن والعودة إلى حياتهن الطبيعية.
وترى الناشطة في مجال حقوق المرأة، آلاء الياسري، أن فائدة الملاذات الآمنة تقتصر على شريحة قليلة من النساء بسبب النزعة العشائرية التي تسود المجتمع العراقي في غالبية المدن.
وتقول الياسري لموقع "ارفع صوتك": "يحارب المجتمع دور هذه الملاذات. وقد شهدنا الانتقادات والاعتراضات التي حدثت عندما تقرر فتحها في عدد من المحافظات التي تسودها الأعراف العشائرية. لذلك من الضروري تشريع قانون حماية الأسرة وحماية المرأة من العنف وتفعيله كي يتم الاستفادة من هذه الملاذات بشكل أكبر وأكثر".
وبحسب الياسري تقتصر هذه الملاذات في بغداد والأنبار على النساء المعنفات من قبل الآباء والنساء المشردات اللواتي لا يوجد لديهن ارتباط عائلي وأعدادهن قليلة مقارنة بالنساء المعنفات اللائي لا تمتلكن ملاذاً آمناً يشجعهن على رفض العنف وتقديم شكوى رسمية ضد من يعنفهن.
وتعتبر الناشطة، نور نافع، وجود ملاذ آمن للنساء في كل محافظة عراقية أمرا ضروريا خاصة في المدن التي تشهد ارتفاعا ملحوظا في حالات العنف الأسري والعنف ضد النساء.
وتقول نافع لموقع "ارفع صوتك": "زيادة عدد هذه الملاذات أمر مهم جدا، لكننا ننتظر أن نشهد خلال الفترة المقبلة ضغطا من قبل الأطراف والجهات المعنية من أجل إقرار القوانين والتشريعات اللازمة لحماية النساء في العراق من العنف الأسري وجرائم القتل التي تمارس يومياً بحقهن".
وفي أواخر ديسمبر الماضي، كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان، ضمن نتائج المسح المتكامل الثاني للأوضاع الاجتماعية والصحية للمرأة في العراق، عن تعرض 29% من النساء في العراق لكافة أشكال العنف خلال عام 2021.
وتشدد المحامية، زينه نبيل أبو قلام، على ضرورة أن توفر الملاذات الآمنة الحماية القانونية والاجتماعية وتقدم التوعية النفسية والتمكين الاقتصادي للنساء بحيث تشعرن فيه أنهن محميات من الأذى الجنسي والجسدي وسوء المعاملة مع دعمهن للوصول الى حلول لمشكلاتهن اجتماعيا وقانونيا.
وتؤكد لموقع "ارفع صوتك": "لكن الحلول المقدمة لمشاكل النساء المعنفات حاليا، حتى إذا كن في ملاذات آمنة، تعتبر غير فعالة ولا تجدي نفعا لأننا لا نمتلك قانونا لحماية الاسرة من العنف بضوابط صارمة".