فيديو - التراث اليهودي في العراق يواجه خطر الاندثار
أ ف ب:في حي مزدحم بالعاصمة العراقية بغداد، لا يوجد الكثير مما يميز المبنى الباهت، باستثناء نقش بالعبرية فوق المدخل.
كان المكون اليهودي في العراق ذات يوم، واحداً من أكبر المكونات في الشرق الأوسط، لكن عدد أعضائه تضاءل ليتحول الى اقلية، يعيشون خارج إقليم كوردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي.
وقال عضو في الطائفة طلب عدم الكشف عن هويته ان "تراثنا في حالة يرثى لها" والسلطات لم تنتبه لها.
تاريخ اليهود، بما في ذلك المعبد اليهودي، مهدد، في بلد مزقته عقود من الحرب والفساد والجماعات المسلحة، ورغم المحاولات الدولية لاستعادة المقتنيات الأثرية التي دمرها المسلحون في العراق، لكن الجهود المبذولة لم تكن كافية لانقاذ التراث اليهودي في البلد.
ومع مرور الوقت، بدت على كنيس مئير تويج، الذي بني عام 1942 في بغداد، معالم التجمد، حيث تظهر خلف أبوابه المقفلة مقاعد مغطاة بقطع قماش بيضاء لحمايتها من أشعة الشمس، وجدرانه الداخلية ذات الأعمدة الزرقاء تؤول للانهيار.
وقالت عضو في الطائفة اليهودية: "كنا نصلي هنا"، مضيفة: "احتفلنا بأعيادنا، وفي الصيف درسنا دروسا دينية باللغة العبرية".
وأضافت المرأة أنه تم احتلال كنيس يهودي في جنوب العراق بشكل غير قانوني وتحويله إلى مستودع، طالبة المساعدة من الأمم المتحدة، بالقول: "احفظوا هذا التراث".
"جذور عميقة"
تعود الجذور اليهودية في العراق إلى حوالي 2600 عام، على الأرض التي ولد فيها البطريرك إبراهيم، وحيث كتبوا التلمود البابلي، وبعد أكثر من 2500 عام، شكل اليهود 40 بالمائة من سكان بغداد التي كانت تخضع للحكم العثماني.
حين إنشاء إسرائيل في عام 1948، كان عدد اليهود في العراق 150 ألفا، وبعد ثلاث سنوات غادر 96 في المائة من اليهود، العراق.
أدرج تقرير نشر في عام 2020 مواقع التراث اليهودي في العراق وسوريا، حيث يعود تاريخ بعضها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد.
حددت الدراسة القائمة 118 معبدا يهوديا و48 مدرسة، وتسعة ملاذات، وثلاث مقابر، ضمن مواقع التراث اليهودي العراقي، زالت معضمها الآن.
"في العراق، تم التأكد من استمرار وجود 30 موقعاً فقط من 297 موقعاً موثقًا"، وفقا للتقرير الذي نشرته مؤسسة التراث اليهودي ومقرها لندن و"ASOR " وهي جمعية أميركية غير ربحية للأبحاث الخارجية.
وأشار التقرير الى انه "من بين هذه المواقع الثلاثين، هناك 21 موقعاً في حالة سيئة أو سيئة للغاية".
دارين أشبي، احد القائمين على الدراسة، قال إن اليهود القلائل المتبقين في العراق "عملوا بجد لحماية تراثهم والحفاظ عليه، لكن حجم العمل كان يفوق قدراتهم"، مضيفاً انه "بمرور الوقت، ضاع الكثير من هذا التراث بسبب الاستيلاء عليه أو بيعه أو التحلل البطيء والانهيار".
"بصيص أمل"
في الموصل، ثاني أكبر مدن العراق وبوتقة انصهرت فيها مجتمعات عرقية ودينية متنوعة، تشير اللوحات الملونة إلى أنقاض كنيس ساسون عند منعطف في زقاق.
أقواس وأعمدة حجرية منهارة، وحطام ونفايات معدنية ملقاة في كل مكان.
وذكر مصعب محمد جاسم، وهو المسؤول المحلي عن الآثار في المدينة، ان المبنى الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر "كان بمثابة سكن لفترة طويلة"، مضيفاً ان المعبد يعود إلى عائلة محلية تحمل سند الملكية، وطلب من السلطات المحلية إما شرائها منهم أو استعادتها.
أعرب التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع في سويسرا، عن استعداده لدعم مشروع تجديد محتمل لمعبد ساسون اليهودي.
"بارقة أمل أخرى"
في كانون الثاني الماضي، أعلنت قنصلية الولايات المتحدة في أربيل، في اقليم كوردستان، عن تمويل بقيمة 500 ألف دولار لترميم كنيس حزقيال الصغير بالقرب من عقرة.
حيث انه على الرغم من اعتناق البعض، الإسلام، تعيش عائلات أخرى من أصل يهودي في اقليم كوردستان.
كما ساعدت الأموال الأميركية في ترميم قبر ناحوم، أحد أنبياء اليهودية الصغار، إلى جانب الدعم المالي من كوردستان ومانحين من القطاع الخاص.
المعبد المحاط بأبراج الكنائس في قرية القوش، يبدو الآن جديدا تقريبا، وتم تشييده على شكله الفعلي في القرن الثامن عشر، ويمكن أن يعود تاريخه إلى القرن العاشر، وفقاً لمسؤولين محليين.
ويتذكر جوزيف الياس يلدا، المسؤول في متحف التراث في القوش، القصص التي رواها كبار السن المحليين، عن الحجاج اليهود الذين يتدفقون لمدة أسبوع من كل شهر حزيران للصلاة.
وقال الرجل الستيني: "جاءوا من جميع المحافظات وحتى من الدول المجاورة".
"بعد الذكرى الدينية، كان هناك احتفال في البلدة القديمة، مع احتساء الخمر والرقص"، على حد قول يلدا.
https://www.youtube.com/watch?v=MJY3oU6YH58