كارثة المياه ومواقف دول الجوار إيران وتركيا
مصطفى محمد غريب
كارثة المياه ومواقف دول الجوار إيران وتركيا
لن نكرر ما قلناه سابقاً ان حرب المياه قادمة وهي ليس ضمن مخطط جديد استخدم الان فحسب انما مخطط مدروس نفذ على مراحل ووفق نهج يهدف الى الهيمنة والسيطرة والضغط بواسطة مصادر المياه مثلما هو حال العراق في الوقت الحاضر وما يواجه من تحديات ستلحق اضراراً جسيمة بجميع المرافق الحياتية الاقتصادية والمعيشية والأمنية، وهذه المخاطر لمسناها في التصحر والجفاف وفي مجال حاجات الانسان الأخرى.
على ما اعتقد انه المقال الثالث الذي يتناول قضية ازمة المياه وتأثيراتها على حياة الشعب العراقي برمته دون تمييز او تفريق ولا ادعي انها المقالات الوحيدة فيما يخص هذه الكارثة التي تعبر من الكوارث التي صنعها الانسان وليس الطبيعة مثلما حال كارثة تشكيل الحكومة العراقية التي تتلاعب وتتجاذب أكثرية القوى المتنفذة لتحقيق مصالحها ضاربي عرض الحائط مصالح البلاد واكثرية الشعب العراقي، كارثة المياه التي تتفاقم يوماً بعد آخر وشهراً بعد شهر منذ سنين اشتركت فيها الحكومات العراقية المتعاقبة ثم تأزمت اكثر خلال بناء السدود وقطع الروافد وتحويل الانهار من قبل الجارتين المسلمتين ايران وتركيا بدون مراعاة حقوق العراق المائية التي نصت عليها القوانين والاتفاقيات الدولية وبدون أي اعتبار للجيرة والحقوق المشتركة بما فيها التاريخية ، هاتين الدولتين اللتان لهما مصالح تجارية بمليارات الدولارات تقفان في كل مرة موقف غير طبيعي شبه عدائي من قضية المياه ومصادرها
1 ـــ ايران اقرت مشاريع ضخمة لبناء 152 سداً عام 2011 مع تنفيذ سياستها باستنفاذ المياه الداخلية وبخاصة الأنهار والروافد مما سبب الحصار المائي على اضراراً واسعةً للأراضي الزراعية، ولم نلاحظ أي موقف او ادانة من قبل الحكومات العراقية، او حتى المطالبة بتنفيذ الاتفاقيات الدولية المنظمة للحصص المائية لكل طرف من الأطراف، كما أغلقت ايران وحولت واقامت سدود على 45 نهر ورافد منها انهار معروفة وتقوم من جهة أخرى اغراق أراضي عراقية زراعية بمياه المبازل المالحة إضافة الى صبها في شط العرب
2 ـــاما تركيا فيعود الخلاف معها الى بداية القرن العشرين ولهذا تم عقد اتفاقيات ضمت تركيا وسوريا والعراق من اجل تقسيم المياه وفق الأسس العامة التي اكدتها الاتفاقيات الدولية واعقبتها العديد من الاتفاقيات، لكن تركيا ترفضاعتبار نهري دجلة والفرات انهار دولية واعتبارهما مجرد نهرين عابرين للحدود، وعلى الرغم من اللقاءات والمفاوضات فان تركيا تصر على انتهاج سياسة مائية مغايرة للاتفاقيات الدولية وهي بهذا تخرق وتخالف المادة ( د ) من مبادئ هلسنكي سنة 1966 التي تنص على ان نهر الفرات نهراً دولياً وليس نهراً عابراً للحدود، إضافة فان تركيا اقامت سدود كبيرة على نهري دجلة والفرات فتسببت بتصحر وجفاف آلاف الهكتارات الزراعية وأدى ذلك الى الحاق اضرار غير قليل بالمزارعين وتهديد حياة الملايين من العراقيين بالتأثير على مياه الشرب في المدن والقصبات .
بينما تسدل الستارة على هذه الجرائم بحق العراق والعراقيين ما عدا البعض من الأصوات الوطنية والديمقراطية ومحاولات تعبانة من قبل الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 للاتصال بالحكومتين الإيرانية والتركية واتخاذ موقفاً حازما ورفض أي تغيير جذري انما الاتفاق على حلول عادلة وتثبيت الحقوق المائية وفقاً للقوانيين الدولية والعلاقات التاريخية، وبقيت معدلات انخفاض كميات المياه مستمرة بسبب العديد من السدود، وسد " اليسو" التي بنته الحكومة التركية مما أدى الى انخفاض منسوب المياه في نهر دجلة الى نصف الكمية، وبما قامت به ايران بعد ان حولت جميع مجرى الأنهار وبناء السدود فقد خلقت هاتين الدولتين مشاكل كثيرة للعراق ومخاطر استمرار هذه السياسة المائية من قبل الجارتين سوف تزيد من معاناة العراقيين على كافة الصعد وبدلاً من تقديم التسهيلات والتعاون فان البلاد وقعت بين فكي تركيا وايران وظهر بما لا يقبل الشك ما أشارت اليه التحذيرات والاستنتاجات بداية حرب المياه .
لقد اكد مؤتمر بغداد للمياه بضرورة دعم العراق وفي البيان الختامي ذكر مهدي رشيد الحمداني وزير الموارد المائية " أن المؤتمر أوصى على دعم دول المصب العراق ومساعدته لمواجهه أزمة المياه والتغيرات المناخية، والتأكيد على ضرورة مبدأ تقاسم الضرر، وعدم رمي الملوثات في الأنهار" وهذا دل على حقيقة السياسة المظللة لدول المصب وما قامت به بخصوص التجاوز على الموارد المائية التي من حق البلاد الحصول عليها ووقف التجاوز على الحصة المتكفلة بالقوانين التي تنص على حق البلدان في تقاسم مصادر المياه وعدم التطاول عليه تحت أي حجة
ان الازمة التي تفحرت في الأعوام الاخيرة بسبب السياسة المائية لدول الجوار وسياسة الحكومات الخاطئة وعدم الشعور بالمسؤولية واستشراق المستقبل واعتبار هذه الازمات خطيرة جداً وضرورة معالجتها وهي تحتاج الى اتخاذ خطوات عملية ملموسة بدلاً من الانتظار والاحتكام الى عامل الزمن لان السنوات القادمة ستكون اقسى وامر مثلما ذكرنا في المقدمة خطورة امتداد حالة التصحر والاضرار التي ستلحق بالمزارع والبساتين ولهذا يجب اتخاذ قرار مرحلي واستراتيجي في انقاذ البلاد والمواطنين من ما ينتظرهم من مآسي إضافة للمآسي التي يعيشوها في مناحي عديدة، هذه المأساة تظهر بوادرها من خلال ما تقوم به الجارتين من حرب المياه والتي تفضي بالنتيجة الى تصحر واسع واستمرار التوسع في جفاف الأراضي وتدمير البنى التحتية للعر اق