التعامل السرّي بين إيران وأمريكا
بقلم : علاء المعموري
التعامل السرّي بين إيران وأمريكا
الولايات المتحدة ما كانت يوماً على عداوة مع نظام الملالي في إيران، وما كان هذا النظام في يومٍ ما بخصام حقيقي مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة. كل ما قيل عن شيطان أكبر وعن الموت لأمريكا منذ أن أعاد الغرب الخميني إلى إيران مسقطاً نظام الشاه حتى هذه اللحظة ما هو إلا لزوم الشغل والدعاية والتحشيد، وفي تبسيط للكلمة الضحك على الناس.
لطالما اعتمد ما يسمى بمحور الممانعة على مبدأ الصراع لقمع الشعوب على قاعدة لا صوت يعلو فوق صوت البندقية، فيما هذا المحور بشكل أو بآخر ينام في سرير الشيطان الأكبر. هذا ما حصل في العراق عندما دخل الملالي خلف الدبابات الأمريكية إلى بغداد والبصرة، ومن ثم الموصل في استكمال للعبة القضاء على الإرهاب المصنوع في أقبية سجون تلك الدول الساكنة قياداتها في فلل ومنازل في ضواحي طهران، وهذا ما حصل في سورية حين سارع قاسم سليماني في طلب نجدة روسيا وتوسل محاولاً أن يقنع فلاديمير بوتين بالتدخل بطائراته وسلطانه بعدما تمت شيطنة ثوار سورية الأحرار، وهذا ما يحصل في لبنان، حيث لا تُشكل حكومة إلا بناء لإشارة إيرانية بالتنسيق مع الأمريكيين، ولا تجرى انتخابات إلا إن كانت محسومة النتائج ولا تحمل في طياتها ما هو خارج الحسبان.
فيلق القدس لم يخض معركة واحدة باتجاه القدس، بل كان دائماً مهمته ضرب الحواضر العربية خدمة للإسرائيلي ومعه الأمريكان، واليوم ها هي صواريخ ومسيّرات الإرهابي الحوثي تتحرك باتجاه المملكة العربية السعودية بكل التواقيت والمواعيد ، ولا قرار ولا صواريخ من الحوثي إلا بتوقيت ايراني ، كما لا تسهيل لحياة الناس من قبل حزب نصر الله في لبنان إلا إن كان فيها مصلحة إيرانية تخدم هذا الملف وذاك العنوان.
ولمعرفة حقيقة التعامل السرّي بين ايران وامريكا يمكن الاطلاع على كتاب بن رودس Ben Rhodes العالم كما هو The World as It Is
والكاتب هو أحد كبار موظفي الإدارة الأمريكية في زمن اوباما الذي عمل طويلاً معه ، و كيف أدت سياساته في العراق الى كارثة والمذكور كان مسؤولاً عن ملف سوريا في مجلس الأمن القومي الأمريكي في الفترة من عام 2011 و حتى عام 2013، و بعد عام 2013 استلم (بن رودس) ملف المفاوضات مع إيران بشأن ملفها النووي.
وفي أدناه مقتطفات من كتاب بن رودس :
يؤكد بن رودس في كتابه أن الرئيس أوباما بدأ يتواصل مع إيران منذ 2010 للتوصل إلى اتفاق بشأن طموحاتها النووية. فعرضت إيران على إدارة أوباما التوقف عن الأنشطة النووية لمدة 10 سنوات، مقابل رفع العقوبات عنها و إطلاق يدها في الشرق العربي كله ... و هذا ما حصل في النهاية ويضيف بن رودس أن إيران و منذ رفع العقوبات عنها، حصلت على مداخيل تزيد عن 400 مليار دولار، ذهب منها ما يزيد على 100 مليار دولار لدعم تمددها في سوريا و العراق و اليمن و لبنان و أفريقيا و المغرب العربي ومن اللافت جداً الفقرة التي تناول فيها بن رودس في هذا الكتاب انتخابات سنة 2010 في العراق.
يشير رودس إلى أن أياد علاوي فاز في تلك الانتخابات و هذا ما أزعج الإيرانيين كثيراً، لذلك هدد الإيرانيون بوقف المفاوضات السرية إذا ما صار صار علاوي رئيساً للوزراء في العراق، وطلبت من أوباما بكل صراحة ووضوح أن يسهل ويدعم وصول المالكي إلى الحكم... وهذا ما كان.
يقول بن رودس إن المالكي هو من أعطى الأمر بفتح السجون لكي يهرب عملاء ايران من تنظيم القاعدة، الذين أسندت لهم مهمة تأسيس داعش.
وأن المالكي هو من أمر الجيش بالهروب من الموصل عمداً وترك العتاد العسكري، الذي تزيد قيمته على 20 مليار دولار.
وهو الذي تقصّد إبقاء مبلغ 600 مليون دولار في فرع البنك المركزي في الموصل ، وبهذا ساهم في إدخال 600 عنصر من داعش الى الموصل في عام 2014، وزودهم بما يلزمهم من أموال و عتاد*، لكي يبدأ مسلسل داعش وإيران، وتتحرك الأمور وفق ما يشتهيه حكام طهران .
يؤكد بن رودس أن أوباما كان على علم بأن إيران هي من يحرك داعش، وكان يغض الطرف عن ذلك، لأنه كان يريد أن يختم عهده باتفاق يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. و في سبيل هذا الهدف كان على استعداد لدفع أي ثمن... وهذا ما حصل في عام 2015.
ويتحدث بن رودس في كتابه عن الضربة الكيماوية للغوطة في 2013 ، مشيرا إلى أن أوباما استعمل الخط الأحمر ليس لكي يحمي السوريين من بطش النظام و حلفائه بل لكي تكون ورقة ضغط على إيران يستخدمها عندما تهدد إيران بوقف المفاوضات السرية.
وعندما حصل الهجوم الكيماوي على الغوطة في آب 2013، و هدد أوباما بضرب قوات النظام، أرسلت له إيران على الفور رسالة تهدد فيها بالانسحاب من المفاوضات.
ويؤكد بن رودس أنه بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران، أوعز أوباما لمساعديه بأن لا يذكروا أمامه أي شيء عن الملف السوري، و قال بالحرف الواحد:
our mission accomplished
لقد أنجزنا مهمتنا