مشاكل العراق تزعزع اوضاع المنطقة
الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
مشاكل العراق تزعزع اوضاع المنطقة
أكدت احتجاجات الشعب العراقي منذ احتلال بلدهم في نيسان 2003 حجم المظالم الفريدة والديناميكيات السياسية للدولة الهجينة التي اوجدها الاحتلال، كانت مشاركة المحتجين تقييم حقيقي لإخفاقات دولة الاحتلال،سيما بعد ان تركزت السلطة السياسية والاقتصادية بشكل مفرط في أيدي مجموعة فاسدة ارتبطت بقوى خارجية، ولم تعد هناك اية فاعلية لقطاعات الدولة المترهلة غير مستجيبة لحاجات الشعب،كما تم تغييب تطبيق سيادة القانون بالكامل ، ووصل الفساد الى مراحل خطيرة جدا. وهذا مازاد من نمو المشاعر المناهضة للاحتلال وللدوله التي خلقها ودفعت الملايين من المواطنين العاديين إلى التصدي بشجاعة لممارسات الاحتلال وذيوله وتحديهم بشكل غير عادي.
استمرار تدهورالاوضاع
على مدى العقدين الماضيين ، استمر تدهورالاوضاع والظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والامنية السيئة التي أطلقت شرارة الربيع العراقي في اوجه كبريائه في ثورة تشرين الاول 2019 ، مما أدى إلى عودة الاحتجاجات واسعة النطاق في جميع أنحاء المدن العراقية ، بما في ذلك الجاليات العراقية الموجودة في البلدان الاخرى التي كانت بعضها مثل وسط وجنوب العراق بمنأى عن ذلك في السابق، هناك أدلة متزايدة ، على سبيل المثال ، تشير إلى أن حجم الفقر في العقدين الماضيين،بلغ نسبا مخيفة كما إن الضعف الاقتصادي المتزايد للطبقة الوسطى ، بسبب عدم وجود أنظمة للحماية الاجتماعية وغياب الإعانات الانتقائية والموجهة ،جنبًا إلى جنب مع ظاهرة عدم المساواة في الدخل ومحدودية التنقل بين الأجيال ، كل ذلك زاد من انتشار السخط السياسي الشعبي المتشدد ، وأصبحت الخدمات العامة سيئة ، بما في ذلك الصحة والتعليم ، ولا سيما في المناطق الريفية ،بشكل متزايد. علاوة على ذلك ، لا تزال ادعاءات الممارسات الديمقراطية بعيدة عن الشفافية وهي الاسوء في العالم.
الدولة الفاشلة في العراق
خلال الفترة نفسها ، ساءت مؤشرات الحكم في العراق المحتل. توسعت حجم الوظائف (البطالة المقنعة) في القطاعات العامة في الحجم ، مع نقص مزمن في المهارات ، وأصبحت غير فعالة بشكل متزايد. كان أداء العراق بسبب ما يشهدة من ظواهر الصراع هو الأسوأ ، حيث تواجه المؤسسات تدهوراً واسع النطاق وخسارة بالجملة لرأس المال وضعف بالملاكات البشرية بعد ان قوض الاحتلال وذيوله نزاهة المؤسسات والبرلمانات والسلطات القضائية التي تم اختيار بعضها لخدمة الفاسدين من الاحزاب والسلطة التنفيذية، لقد تم تجريد مؤسسات الدولة العليا من الاستقلالية ، بينما مرت انتهاكات الفاسدين دون رادع، كما أصبحت المساحة المتاحة لما اسموه كذبا بالمجتمع المدني محدودة بشدة ، وعمت الممارسات الاستبدادية الكاملة تحت غطاء تبريرات ضرورات الأمن القومي.
لقد اصبح الوضع غير مقبول نهائيا ،على نحو متزايد حيث تمارس الحكومات المتعاقبة نفوذًا وسيطرة غير عاديين على حياة المواطنين ومسارات تنميتهم الاقتصادية ، مع الحفاظ في الوقت نفسه على بيروقراطيات مكلفة وغير فعالة وغير خاضعة للمساءلة، مع تزايد ألادلة على ارتفاع حدة وحجم السخط السياسي وانتشار الاحتجاجات في جميع أنحاء العراق ، علما ان الحكومات منذ 2005 تبنت كذبا ادعاءات الإصلاحات في حين زاد الركود الاقتصادي الحاد والأزمات السياسية. كانت معظم ادعاءات الإصلاحات دعائية لامتصاص نقبة الشعب وسخطه ، فالإصلاحات المزعومة كانت فاشلة بأمتياز.
العراقيون يريدون تغيير النظام
واضح تماما ان سياسيي الغفلة غير معنيين بإشراك القوى الفاعلة في المجتمع العراقي بينما شهدت مرحلة ما بعد الاحتلال ،جرائم وفظائع جماعية ومستويات غير مسبوقة من القمع في اغلب مناطق العراق ، يظل المجتمع المدني والمواطنون العاديون قوى رئيسية للمقاومة والتغيير، على الرغم من القمع الكبير للصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان والعلماء والمحامين والقضاة والفنانين ، وابتكر العديد من العراقيين طرقًا لمواصلة نشاطاتهم المناهضة للاحتلال ودولته المزعومة، وهذا ماجعل هذا الأمر صعبا على ذيول السياسة بشكل متزايد واضعف قدراتهم لإسكات الأصوات المعارضة تمامًا.
مع مقتل الآلاف من الأبرياء وتشريد الملايين وتعرض عشرات الآلاف من الأشخاص للتعذيب والإخفاء القسري ، من الأهمية بمكان أن يتبنى الثوار الواعون السياسات والعمل الشجاع لتحفيز المجتمع بجدية أكبر في المرحلة الحالية والقادمة وان يهتموا بالتوثيق المستمر للانتهاكات والحفاظ على التاريخ والذاكرة مع التعبئة القانونية والاجتماعية ، بما في ذلك جهود المساءلة الجنائية واحتجاجات الشوارع ، وابقاء السياسيين المجرمين تحت السيطرة وتثقب الجدار الاستبدادي الذي حاول الشعب العراقي هدمه منذ ما يقرب من عشرين سنة .
منطقة تزداد التهابا
لم يعد خافيا ان الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية تعمل على تأجيج الصراعات في بلدنا، فقد أثبتت التدخلات السياسية المُعدّة خارجيًا فشلها بشكل كبير،كما إن تغييب دور الفاعلين الأصليين من العراقيين ، بما في ذلك المجتمع المدني ، التي يجب أن يقودوا الحلول السياسية. وهذا مطلب واضح لبناء سلام هادف ، الا ان القوى المستفيدة من وجود الاحتلال غالبًا ما تتجاهل أو ترفض اشراك الجهات الفاعلة من المواطنيين وتجاربهم في معالجة الجذور الهيكلية للنزاعات والقمع في العراق إذا أريد للتسويات السياسية أن تنجح ، فستحتاج الى منع تدخل القوى الخارجية ودعم إنشاء بيئة آمنة في جميع أنحاء العراق وأن يقرر العراقيين مستقبلهم بأنفسهم.
علاوة على ذلك ، هناك أزمة خبرة في مجال صنع السياسات الدولية ، أي الاعتماد على التحليل السريع من قبل "خبراء" بعيدون عن مواقع الصراع ، بدلاً من المشاركة الهادفة مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني المتضمنة في تلك المواقع ، والتي يمكن لتجاربها وينبغي أن تفيد صنع السياسات. يجب أن يكون هناك جهد حقيقي من جانب صانعي السياسات بشكل عام ومستشاري السياسات على وجه الخصوص ، لضمان أن تلعب هذه الخبرة المستنيرة دورًا رائدًا في تشكيل السياسة في منطقة الشرق الأوسط.
قضايا ملحة بحاجة الى حلول سريعة
يجب على صانعي السياسات معالجة دوافع عدم المساواة لتعزيز الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل
تهيمن الصراعات المستمرة والطائفية والهجرة غير النظامية والراديكالية على العناوين التي تخرج من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومع ذلك ، في حين أن تزايد عدم المساواة هو قضية سياسية رئيسية تساهم في كل هذه المشاكل ، إلا أنها تحظى بقدر أقل من الاهتمام.
في منطقة الشرق الأوسط ، يواجه الأفراد مجموعة من التفاوتات المتداخلة والمركبة ، بما في ذلك تلك المرتبطة بالدخل والثروة والتعليم والجنس والتوظيف والرعاية الصحية. هذه الأنواع من عدم المساواة ، التي تتكرر على مدى أجيال ، تمنع الحراك الاجتماعي ، وبالتالي تؤثر سلبًا على المجتمع والاقتصاد والآفاق طويلة الأجل للاستقرار الإقليمي.
وفقًا للأمم المتحدة ، فقد تحول فهم عدم المساواة على مدار العقدين الماضيين من منظور موجه نحو النتائج ، حيث يمثل الدخل الرفاهية ، إلى منظور موجه نحو الفرص ، والذي يقترح أن ظروف الولادة هي مفتاح نتائج الحياة وأن ذلك متساوٍ. لا يمكن أن توجد الفرصة دون إعطاء الجميع نقطة انطلاق عادلة.ظاهريًا ، وباستخدام مقاييس الدخل ، وإن عدم المساواة آخذ في الانخفاض في جميع أنحاء العالم العربي. ومع ذلك ، يمكن أن تكون أرقام مسح الأسر المعيشية مضللة. وفقًا للبنك الدولي ، تتمثل المشكلة الرئيسية في تقييم عدم المساواة في عدم قياس أعلى الدخول.
خلص تقرير مشترك صدر مؤخرًا عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ومنتدى البحوث الاقتصادية (ERF) إلى عدد من النتائج المثيرة للقلق.
أولاً : على الرغم من المكاسب التي تحققت في رأس المال البشري في العالم العربي ، فقد أدى الصراع إلى توسيع نطاق عدم المساواة بين البلدان.
ثانيًا : في حين أن التفاوتات في النتائج داخل البلد في مجالي الصحة والتعليم ما زالت مرتفعة ، ولا تزال مستويات عدم المساواة في التعليم مرتفعة ، وتشكل جودة التعليم غير الملائمة تحديًا كبيرًا.
ثالثًا : يستمر التفاوت العام في الفرص في الازدياد ، بدرجات متفاوتة ، في جميع أنحاء العالم العربي.
مؤشرات ملفتة للانتباه
إن تزايد عدم المساواة ، إلى جانب التحديات التي يفرضها الصراع ، وتغير المناخ ، وندرة المياه ، والاستبداد ، لا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل منطقة الشرق الأوسط، في حين لا توجد سياسة ذات مقاس واحد يناسب الجميع لمعالجة الاوضاع المتردية ، إن صانعي السياسات في المنطقة وشركائهم الدوليين عليهم ان يركزوا في المرحلة القادمة لمعالجة حالات الخلل التي تسببوا بها،وهذا يستوجب جهودًا متكاملة للوصول إلى مستوى افضل من التعليم والرعاية الصحية ، وتعزيز النمو الشامل ، ودعم القطاع الخاص كمحرك لخلق فرص العمل ، وتحسين اداء القضاء ومحاسبة الفاسدين وهذا سيؤدي الى تعزيز اوضاع المجتمعات من النواحي الصحية والاقتصادية والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
تنتشر في الاونة الاخيرة جملة من الاخبار التي تعني بمجملها ان صحت ان ثمة احداث تجد طريقها الى الواقع في الشرق الاوسط الملتهب اصلا ومن هذه المؤشرات مايلي:
1-مساعد وزير الدفاع السعودي في أمريكا.
2-وزير الدفاع الأمريكي في إسرائيل. وبعدها طار الى السعودية
3-بينت رئيس وزراء اسرائيل في امريكا.
4-تمرين عربات النار لضرب مفاعلات ايران مشاركة امريكية اسرائلية. وامريكا وافقت على ان اسطولها وبوارجها في الخليج داعم لوجستي للضربة
5-زعيم عربي عاد مهرولا من أمريكا مرعوبا ليلحق نفسه مهاجما إيران بشكل مفاجئ ومناقض لقمة بغداد الثلاثية.
6-الاتفاق النووي فشل وايران اقتربت من صنع القنبله
7- المسرح العراقي الدموي على ابواب الافتتاح بحرب بين الاطار والتيار بعد تهديدات بالفوضى من المالكي وحرب اهلية يهدد بها العامري
8- ايران تغلي بعد سقوط مدن ايرانية بيد المتظاهرين وبعد تحرير البلوش مدنهم من الحرس وبمساعدة غير رسمية من طالبان. وبومبيو وزير خارجية امريكا السابق يلتقي مريم رجوي في معسكر مجاهدي خلق ويؤكد وقوف امريكا معهم ضد ملالي طهران
9- كلمة بلاسخارت صبت الزيت على النار وزاد لهيب صراع الاطار والتيار
ويرى كثيرون ان ثمة شرارات نار تنطلق من هنا وهناك وزيارات وتصريحات تعلن عن نزال بات وشيكاً ربما تعيد نتائجه رسم كل او جزء من خارطة المنطقة السياسية .