الخطير جدا! تابع الى النهاية!
سلام مسافر
الخطير جدا! تابع الى النهاية!
شاعت منذ سنوات ظاهرة" المحللين الاستراتيجيين" في الفضاء الاعلامي العربي حتى باتوا بالمئات مع ألقاب علمية تكال لهم بالجملة.
عدا عن الشك في ان هؤلاء لايستحقون تلك الألقاب، فان كثيرين منهم مصابون بداء الكذب والتلفيق؛ والتقول على شخصيات عامة؛ ينسبون لها تصريحات او مذكرات أو مقالات ما أنزل الله بها من سلطان.
فبعد الفرية المنسوبة لمذكرات وزير الدفاع الأميركي الراحل دونالد رامسفيلد أحد مجرمي احتلال العراق،برشوة المرجع علي السيستاني لدعم الاحتلال، نسبوا للوزيرة هيلاري كلينتون ان " سي اي ايه" وراء تنصيب " الاخ المسلم" المتوفى في السجن محمد مرسي رئيسا لمصر؛ وزادوا على الفرية تفاصيل اذا قرأتها فستجد مزيدا من التناقضات في السياق مع ركاكة في صياغة " الترجمة الافتراضية" للمذكرات.
في كلا الفريتين؛ يستغفل المروجون عقل المتلقي ويهينون وعي العرب.
السيستاني يملك بفضل عائدات الحوزة المليارات المليارات ؛ وبالتالي ليس بحاجة الى مبلغ مئتي مليون دولار يقدمها رامسفيلد هدية لدعم الاحتلال.
كما ان موقف مرجعية النجف، تجسد في عبارة اطلقها مواطن أمام دبابة أميركية على مشارف المدينة" عراق يس إمام نو"!
وكلينتون ليست بليدة حتى تفضح تفضح خطط وكالة الاستخبارات الأميركية في الشرق الاوسط برواية ملفقة لا اساس لها في مذكرات تزيد صفحاتها عن خمسمئة،لم يحتل فيها العالم العربي ومشاكله مساحة أساسية.
عشية نشوب الحرب نسبوا للأمين العام للامم المتحدة السابق بان كيمون تصريحا حول أوكرانيا ، بزعم ان الهيئة الدولية لم تسجل دولة بهذا الاسم.
وانتشرت فيديوهات ونصوص للرئيس الروسي بوتين؛ تنسب له اقوالا بأسلوب آبو زيد الهلالي مستغلين جهل المتلقي العربي في العموم باللغة الروسية، هذا ناهيك عن الفيديوهات المقززة ولصقها بهذا الطرف او ذاك من طرفي الحرب.
اما المقالات والمقولات لسياسيين عرب ومفكرين وزعماء عالميين، فقد صارت تترى بمعدلات غير مسبوقة، خاصة على لسان أموات يتحدثون عن أحداث تقع اليوم.
يتربع كتاب يطلق عليهم وصف
" محلل استراتيجي" ناصية الشاشات الزرقاء، يؤلفون نظريات في السياسة، تستند الى معلومات
" مسربة" واخرى معلنة تنسب زورا الى المدون الشهير صاحب
" ويكليكس" جوليان اسانج او الى الضابط المنشق عن وكالة الاستخبارات الأميركية، اللاجئ في موسكو ادوارد سنودن.
اما " المسربة"فانها تصل فقط لعباقرة التحليل ، واما المعلنة فانهم يشوهون دون حياء معلومات باتت مباحة بفضل" leak" اي التسريب، ىدون ان يرف لهم جفن، ينسبون لموقع سجين الضمير جوليان اسانج المطلوب أميركيًا ما لم يتسرب عن موقعه المباح "wiki" اي بسرعة للجميع.
ربما تدرك عصابة المحللين هذه انها قد تتعرض الى الكشف اذا استمرت باستهلاك تسريبات ويكيليكس المتاحة على الإنترنت، فاستدارت نحو اين الخايبة ادوارد سنودن اللاجئ في روسيا منذ سنوات ولا يعرف الا عدد محدود جدا مكان اقامته من بينهم المحامي الروسي اناتولي كتشورينا مؤلف كتاب
" زمن الاخطبوط" ويتضمن سردية لقصة هروب ولجوء ضابط الاتصالات المنشق عن وكالة المعلومات الأميركية الى روسيا مع الإشارة الى ان المخرج المعروف أوليفر ستون يعتزم تحويلها الى شريط سينمائي لم يظهر الى الان.
لم ينشر سنودن مذكرات تحولت بفضل " المحللين الاستراتيجيين" الى معين لا ينضب لاكاذيب وتلفيقات يسطرونها حسب الحاجة
واخرها مقابلة " الكاتب اللبناني" المنتشرة على مواقع التواصل مع توصية من المرسل" خطير جدا تابعوها الى النهاية"!
وفي العادة فان أمثال هذا المحلل؛ يأخذ راحته في الاستشهاد بمذكرات وهمية ، وتتلاشى الحدود بين ما ورد في المذكرات المزعومة وبين تعليقات وتحليلات المتحدث فيختلط الحابل بالنابل خلال برنامج يديره مذيع لا يفكر حتى بسؤال الضيف عن مدى دقة ارقام فلكية يسمعها من قبيل ان الاستخبارات العالمية اسست في تركيا مركزا بكلفة 107 مليار دولار لتدريب الارهابيين!
وقبل ذلك يقول ان المخابرات نقلت في العام 2004 على متن شاحنة مبلغ 860 ألى آبو مصعب الزرقاوي زعيم القاعدة في العراق آنذاك،
وكل هذه الارقام والمعلومات ينسبها المتحدث مثل تنقيع الرز في القدر قبل الطبخ، الى المسكين الغارق بهم الغربة ادوارد سنودن.
لا يبالي جيش الكذابين و الملفقين هذا بوعي المتلقي. ولا يصادفون من يسأل عن حقيقة المصدر وسلامة المعلومات ولا يجدون من يحاسبهم في الفضاء الاعلامي العربي الملبد بغيوم الدجل وغبار نظريات المؤامره.
فِي غياب حقوق الملكية الفكرية وانعدام الرقابة القانونية على دور النشر الناطقة باللغة العربية؛ فان كتبا مزورة تصدر باسم هذا او ذاك من غير المستبعد ان مراكز وحكومات نظرية المؤامره تمولها خدمة لأهداف أيديولوجية ودينية ومذهبية؛ في سياق نشر الجهالة والضلالة.
الانكى ان فيديوهات وكتابات الدجل يتناقلها متعلمون وبعضهم يحسب على المثقفين، دون فحص او تمحيص مع التوصية الملازمة( خطير جدا تابع الى النهاية) !
فمن ينقذ المتلقي العربي من الضلال؟