الصابئة المندائيون أقلية دينية تشكو التهميش في العراق
أقلية تعاني من المضايقات وأعمال العنف والتي تضاعفت بعد الغزو الأميركي لبغداد عام 2003.
العرب/بغداد - يواجه الصابئة المندائيون في العراق ما يقولون إنه ممارسات تمييز قائمة على أساس المذهب والعرق في كافة المؤسسات الحكومية. وقال الشيخ ستار جبار الحلو، زعيم الطائفة في العراق والعالم، إن عدد أتباع الطائفة في العراق "كان يبلغ حوالي 75 ألف شخص قبل عام 2003، إلا أن الرقم تراجع إلى 15 ـ 20 ألفا بسبب عمليات التهجير".
ويعد الصابئة المندائيون إحدى الأقليات الدينية التي تشكو التهميش في العراق، لاسيما وأن المضايقات وأعمال العنف التي تعرضت لها تضاعفت بعد الغزو الأميركي للبلاد عام 2003.
وإلى جانب العاصمة بغداد، ينتشر أتباع الطائفة في مدن أخرى، أبرزها ميسان والناصرية والبصرة والديوانية. وواجهت الطائفة التي يعمل أغلب أبنائها بالصاغة (المجوهرات)، خلال السنوات الأخيرة تهديدات تمثلت في الاختطاف مقابل الفدية، بجانب سياسات عنصرية وظروف أمنية سيئة.
ودفع ذلك بجزء من أتباع الصابئة المندائيين إلى النزوح إلى مناطق مثل كركوك ودهوك وأربيل والسليمانية، فيما لجأ القسم الآخر إلى خارج العراق. وإلى جانب العراق، ينتشر الصابئة المندائيون أيضا في فلسطين ومنطقة الأحواز من إيران.
والطائفة القائمة على مبدأ دين التوحيد، تعتقد بأن النبي يحيى عليه السلام هو آخر الأنبياء المرسل لهم، فيما يعد "كنزا ربا" كتابهم المقدس ولغته الأساسية الآرامية وترجمت إلى العربية أيضا.
وبحسب معتقدات الصابئة المندائيين، فإن العنف بكافة أشكاله وبخاصة المسلح منه، يعد محرما. وتمارس الطائفة طقوسها الدينية في المياه الجارية، نظرا للأهمية التي توليها لها. وفي الوقت الذي تتركّز فيه أماكن إقامة أتباع الطائفة على أطراف الأنهار، فإنهم يؤدون طقوسهم الدينية في نهري دجلة والفرات بالعراق.
ويحرص أتباع الصابئة المندائيين على الأكل والشرب مما أعدوه بأنفسهم، حتى في الأماكن التي يدعون إليها، كما أنهم لا يتزوجون إلا من أبناء الطائفة نفسها. وإلى جانب لغتهم الأم "المندائية"، يتقن أبناء الأقلية اللغة العربية، إلا أنهم لا يستخدمون حاليا لغتهم الأم سوى في الطقوس الدينية.
ورغم انخراطهم في تنظيمات للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية والثقافية والسياسية خلال ثمانينات القرن الماضي، فإن عدد أبناء الطائفة في تراجع متواصل حاليا، إلى درجة أنها تواجه خطر الاندثار في العراق.
وصنف دستور عام 2015 في العراق الصابئة المندائيين ضمن الأقليات. وقال الحلو إن ديانة الصابئة المندائيين ديانة “قديمة تعود جذورها إلى بلاد الرافدين”. وأضاف أن العراق “كان من أوائل الأماكن التي داستها أقدام أتباع هذه الطائفة، وبالتحديد مدينتي أور (جنوب) وميسان (شرق)”. ووصف الحلو ديانة الصابئة المندائيين بأنها “أقدم الديانات على وجه الأرض”، مبينا أنهم “يؤمنون بالله كإله واحد أحد”.
وأكد أن ديانة الصابئة المندائيين ديانة “مستقلة عن اليهودية والنصرانية والإسلام”، مستدركا “لكن كلنا من ذرية آدم”. وشدد على أن “التوحيد ركن أساسي من أركان الصابئة المندائيين، وكذلك الصلاة التي يؤدونها ثلاث مرات يوميا، ويعتمدون وضوءا كما هو في الدين الإسلامي”.
وأردف الحلو أن جميع طقوسهم الدينية “تؤدى في المياه الجارية”، لافتا إلى أن كتابهم المقدس هو “كنزا ربا”. وتابع “رغم كونهم من أقدم المستوطنين في العراق، إلا أننا واجهنا ممارسات تمييز قائمة على أساس المذهب والعرق في كافة المؤسسات الحكومية”.
وأضاف “تعرضنا للتمييز في جميع المراحل المختلفة (في العراق)، وخاصة في تسعينات القرن الماضي”. وقال “قاموا بتزوير وافتراء ضدنا، إلى أن انخفض ذلك بعض الشيء عقب ترجمة كتابنا إلى اللغة العربية”.
ولفت الحلو إلى أن الطائفة “مجتمع مغلق وغير منفتح على الخارج، ولا يمكن أن يكون شخص من الصابئة المندائيين سوى عبر الولادة من أبوين يعتنقان الديانة ذاتها”، مبينا أنها “ليست ديانة تبشيرية”.
وقال الحلو إن أبناء الطائفة “تعرضوا لممارسات القتل والخطف عقب عام 2003، الأمر الذي أجبر أتباع الديانة على النزوح إلى الأردن وسوريا وشمالي العراق”.
وأضاف الحلو أن أبناء الطائفة “حُرموا من حق التمثيل في الدولة والحكومة العراقية”، مبينا أن "أرفع وظائف حكومية يتولاها أبناء الطائفة حاليا هي مدير عام ورئيس وقف".
وتابع "حرمنا من وظائف هامة مثل الوزارات والمستشاريات"، معتبرا أن "من المستحيل إحراز تقدم ما دامت الحكومة تقوم على أساس الحزب والمذهب". وانتقد الحلو ما يتعرض له الصابئة المندائيون من "تهميش وتمثيل غير عادل في الحكومة والدولة"، مبينا أنهم "لا يملكون سوى عضو واحد في مجلس ولاية بغداد (العاصمة)".
وقال "نستحق تمثيلا عادلا في الدولة، ونطالب بذلك". واختتم الحلو حديثه بتأكيد "ضرورة عدم إهمال الأقليات في العراق بمختلف أطيافها"، مضيفا "يمكننا التفاهم نحن كعراقيين يحبون بعضهم البعض دون أي تدخلات خارجية".