5أعوام على تحرير الموصل .. وإعادة الإعمار "حبر على ورق"
الحرة / خاص - واشنطن:خمسة أعوام مرت على إعلان تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش ولا تزال مشاهد الدمار التي خلفتها معارك طرد التنظيم من المدينة قائمة من دون أن تكون هناك "إرادة حقيقية" لإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
وكانت وزارة التخطيط العراقية أعلنت في وقت سابق أن كلفة الدمار الذي خلفه احتلال تنظيم داعش لأجزاء واسعة من العراق بلغت أكثر من 88 مليار دولار، كان نصيب الموصل منها كبيرا، بعد تدمير أكثر من 56 ألف منزل، وتسجيل أسماء 11 ألف مفقود.
وتقدر الحكومة العراقية أن الموصل تحتاج إلى ملياري دولار على الأقل كمساعدات لإعادة الإعمار الذي سيشمل إعادة فتح الشوارع وبناء المنازل المهدمة والمتضررة وأمورا أخرى.
لكن، كل هذا لم يحدث وفقا للناشطة المدنية من مدينة الموصل سرور الحسيني التي ضربت مثالا بالمدينة القديمة وسط الموصل.
وأصبحت المدينة القديمة، الغنية بتراث عمره ألف عام، ركاما، لا سيما حي محلة الميدان الشهير، الذي دمر بشكل كامل نتيجة تمركز المعارك حوله.
وتقدر مصادر حكومية أن أكثر من 80 في المئة من بناها التحتية وأبنيتها لا يزال مدمرا.
تقول الحسيني لموقع "الحرة" إن "المدينة مدمرة بالكامل ولا تزال الجثث تحت الأنقاض في المدينة القديمة حيث تنبعث الروائح الكريهة وحتى في بعض الأحيان نرى بقايا عظام بشرية واضحة في العراء".
وتضيف الحسيني، التي شاركت مع فريق مدني في إخراج بعض الجثث، "لا نمتلك تقديرات عن عدد الجثث التي لا تزال هناك، نحن كمنظمات ساهمنا برفع عدد منها والدفاع المدني كذلك، ونعتقد أن ما تبقى عدد قليل جدا".
وإضافة لذلك تقول الحسيني إن "هناك بطءا في إعادة إعمار الجسور الرئيسية ف الموصل، وخاصة الجسر العتيق حيث تم بناء جسر مؤقت محاذٍ له والأعمار فيه لا يزال بطيئا"، مشيرة إلى أن الجسرين الخامس والرابع شهدا حلولا ترقيعية ولا يزالان غير منجزين".
كذلك مطار المدينة، تبين الحسيني أن "هناك يوميا حديث عن ذلك من دون تحرك حقيقي، وأيضا الفنادق الكبيرة في المدينة لا تزال مهدمة"، لافتة إلى أن أهالي الموصل "سمعوا عن تخصيصات بمليارات الدولار لإعمار المدينة، لكننا لم نر أي شيء على الأرض".
في صيف العام 2017، أقيمت احتفالات رسمية لمناسبة تحرير الموصل التي كانت تعتبر بمثابة "عاصمة" تنظيم داعش، لكن أهالي المدينة وجدوا أنفسهم بعد ذلك وسط ركام منازلهم ومحلاتهم.
ويشعر أهالي المدينة عموما بوجود إهمال حكومي لهم بسبب ما يرون أنه مركزية شديدة تؤخر وصول الأموال وصرف حصصهم من الموازنة وبالأخص، صرف التعويضات عن الأضرار التي تسببت فيها الحرب.
يقول الأستاذ في جامعة الموصل موفق الويسي إن "من الأمور الإيجابية التي حصلت بعد التحرير، هو أن أهالي المدينة مسكوا زمام المبادرة وبدأوا بعمليات إعادة إعمار المدينة وسط غياب شبه كلي للجهد الحكومي المركزي وضعف الحكومة المحلية".
ويضيف الويسي أن "من الملاحظ أنه لا توجد خطة حقيقية وإرادة لإعادة إعمار المدينة، ومثال على ذلك مطار الموصل الذي لا يزال مجرد حبر على ورق".
ويرى الويسي أن "القائمين على صرف الأموال غير جديين ولم يضعوا خطة حقيقية وأولويات للبدء، ولهذا نرى أن هناك مبالغ كبيرة صرفت لكنها لم تأخذ بنظر الاعتبار احتياجات الناس الحقيقية مثل المستشفيات والجسور والطرق الرئيسية والمدارس المدينة القديمة وغيرها".
ويشير الويسي إلى أن "المدينة القديمة هي أيقونة الموصل وقلب نينوى وتعتبر رمزا من رموز العراق بشكل عام باعتبارها منطقة أثرية عتيقة، لكنها لا تزال مدمرة بعد مرور خمس سنوات على معارك التحرير".
دفع البطء في عملية إعادة الإعمار رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي إلى زيارة الموصل في أغسطس الماضي، معلنا من هناك تشكيل "لجنة إعمار الموصل" لرسم "خريطة شاملة وخطة عمل".
ومع ذلك لا تزال المشاكل ذاتها قائمة، من تأخر في معاملات تعويض المتضررين إلى تنفيذ مشاريع الإعمار وانتهاء بالإجراءات البيروقراطية التي تعرقل كل ذلك.
ويقول عضو مجلس محافظة نينوى حسام الدين العبار إن "المدينة تعرضت لدمار هائل نتيجة عمليات التحرير"، مضيفا أنه "حصلت جهود من قبل منظمات دولية ومحلية والحكومتين المحلية والمركزية، لكن حجم الدمار لا يوازي حجم المبالغ المخصصة للمحافظة".
ويضيف العبار لموقع "الحرة" أن "هناك أيضا ملفات مهمة متأخرة لم تحسم لحد اللحظة، ومنها ملف التعويضات حيث هناك شكاوى من الاجراءات الإدارية المعقدة، التي أخرت إنجاز نحو 50 ألف معاملة".
أيضا، يشير العبار إلى أن "بعض المشاريع ومنها إعمار الجسور تحتاج لجهد وموافقات من قبل الحكومة المركزية، فيما يؤكد أن "أغلب المستشفيات في الجانب الأيمن لا يزال نسبة إعادة إعمارها صفر في المئة".
يعزو العبار بعض أسباب التلكؤ أيضا إلى "التدخلات التي تقوم بها جهات سياسية من خارج محافظة نينوى، وخاصة فيما يتعلق بقضايا إحالة المشاريع للشركات والمشاريع".
رفض العبار الكشف عن أسماء هذه الجهات، لكنه قال إنها "معروفة ولديها نواب في البرلمان وبعضها تمتلك أجنحة مسلحة".
وفيما يتعلق بالمدينة القديمة، يقول العبار إنها "تعرضت لدمار هائل ولا تزال الألغام منتشرة فيها، وهو ما جعل العمل بها صعبا جدا لأن البيوت متداخلة بعضها بالبعض".
أما ملف المطار، فيشير العبار إلى أن قضيته "شائكة جدا لإن فيه جانب إداري وسياسي في الوقت ذاته"، مبينا أن "الموافقات على تخصيص مبالغ له حصلت لكن المسائل السياسية تعيق العمل والتقدم به".