الاقصاء والتهميش والاجتثاث في تاريخ العراق المعاصر 1921-2003
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
الاقصاء والتهميش والاجتثاث في تاريخ العراق المعاصر 1921-2003
يخطئ من يظن ، ان الاقصاء والتهميش والاجتثاث ظاهرة جديدة في تاريخ العراق العراق؛ فهي قديمة ، والموضوع يصلح ان يكون عنوانا لأطروحة دكتوراه في التاريخ الحديث ، أو حتى في العلوم السياسية ،وعلم الاجتماع .
وفيما يتعلق بالتاريخ الحديث ، اقول انها تعود الى السنة 1921 حين تشكلت الدولة العراقية الحديثة ، على يد مؤسسها الملك فيصل الاول 1921-1933 ، ومن عمل معه من الضباط والسياسيين العراقيين والعرب .
واستطيع القول ان الفكرة التي بنيت عليها الدولة في بواكير انشائها ، هي التي كانت تدور حول (العثمنة والعروبة) . هاتان الركيزتان الاساسيتان اللتان كانتا تُسّيران دفة الدولة ، فمن اراد ان يتخلص من فكرة العثمنة، وقبل بفكرة العروبة انغمس في ادارة الدولة العراقية ، وتبوأ ارفع المناصب ومن بقي مؤمنا بفكرة العثمنةأُبعد عن ادارة الدولة ، وانتهى أمره ولم يعد له دور مع انه كان ذا دور خلال ايام الحكم العثماني .
وقد ادرك هذه الحقيقة المؤرخ الامريكي وليام ل. كليفلاند وألف كتابا عن الاستاذ ساطع الحصري مدير المعارف العام في العراق بعنوان ( ساطع الحصري من الفكرة العثمانية الى العروبة ) ترجمه فكتور سحاب وصدر عن (دار الوحدة) ببيروتسنة 1983 ، كأنموذج لمن تخلص من نزعته العثمانية وانهمك في خدمة الدولة العراقية الحديثة .
عندما تأسس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني 1921 ، انخرط عدد كبير من الضباط العراقيين في الجيش العثماني ، ورفض أخرون وفضلوا البقاء خارج الجيش ، بحكم ميلهم للعثمانيين ، وتمسكهم بولاءهم السابق لذلك لم يجدوا لهم فرصة .وقد بلغ عدد من التحق بالجيش العراقي ضمن الوجبة الاولى (18) من بينهم برتبة فريق وامير لواء وعقيد ومقدم ونقيب وملازم اول . وفي 12ايار 1924 فتحت المدرسة العسكرية ، وبدأت الدفعات من المقاتلين العراقيين تتوالى للانخراط في صفوف الجيش.
وعندما طالبت تركيا بولاية الموصل ، وظهرت مشكلتها في اعقاب انتهاء الحرب العظمى 1914-1918 ، وجاءت لجنة عصبة الامم ، واجرت استفتاء في مناطق ولاية الموصل كان هناك من وقف ضد ان تكون ولاية الموصل (الوية الموصل –اربيل-كركوك – السليمانية ) جزءا من الدولة العراقية الحديثة ، وقد صدر قرار العصبة بتأكيد صيرورة الموصل جزءا من الدولة العراقية الحديثة سنة 1926 ووضع خط بروكسل، وعقدت المعاهدة مع تركيا سنة 1926 تم عزل من وقف الى جانب تركيا ، وأُبعدوا عن ساحة الفعل السياسي لفترة من الزمن الى ان اثبتوا أو اثبت بعضهم انهم مع ( وحدة العراق) ومع ( ان تكون الموصل جزءا من الدولة العراقية الحديثة) .
وفي العهد الملكي 1921-1958 ، اقصي كثيرون منهم السيد طالب النقيب نقيب اشراف البصرة ووزير الداخلية في اول وزارة تشكلت في العراق هي وزارة السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني بسبب ميوله المناوئة للإنكليز ، واقصي السيد توفيق الخالدي وزير الداخلية الاسبق بسبب ميوله لإقامة نظام حكم جمهوري ، واقصي الشاعر الكبير شاعر المفردة العربية وشاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري من عمله كمعلم للغة العربية ، بسبب قصيدة عُدت بعض ابياتها ميالة لإيران وقد تحدثتُ عن هذا في اطروحتي للدكتوراه سنة 1979 الموسومة (تطور السياسة التعليمية في عهدي الاحتلال والانتداب البريطانيين في العراق 1914-1932) .
ومرت السنوات ، وحدث اول انقلاب في تاريخ العراق لابل في تاريخ الوطن العربي والشرق الاوسط واقصد انقلاب الفريق الركن بكر صدقي رئيس اركان الجيش في 29 تشرين الاول 1936 .
اضطر رئيس الوزراء ياسين الهاشمي في 29 تشرين الاول سنة 1936 الى الاستقالة ، والسفر الى سوريا وهناك توفي في دمشق كمدا ، وتشكلت وزارة السيد حكمت سليمان ( 29تشرين الاول 1936-17 آب سنة 1937) واغتيل وزير الدفاع في الحكومة السابقة حكومة الهاشمي الفريق الاول الركن جعفر العسكري وقد انتشرت الاخبار في بغداد والشائعات التي تقول ان الوزارة الجديدة او القادة الجدد وعلى رأسهم بكر صدقي وحكمت سليمان سيفتكون بعدد من الزعماء المناؤين لهم ولأفكارهم (التقدمية ) ومن المناؤين رشيد عالي الكيلاني ونوري السعيد وياسين الهاشمي لذلك اضطر هؤلاء لمغادرة العراق وقد شجعهم على ذلك الملك غازي ملك العراق الاسبق نفسه (1933-1939).
ويذكر السيد عبد الرزاق الحسني في كتابه (تاريخ الوزارات العراقية) ان الوزارة الجديدة ، علمت ان في بغداد عددا من الموظفين يتعاطفون مع ياسين الهاشمي ويؤيدون مواقفها على الرغم من زوال حكمها لذلك ارتأت "ترحيل كل شخص يمت الى الوزراء المبعدين بنسب أو سبب ،كما اوعزت الى لفيف من الموظفين الذين لم تكن لتطمئن الى سلوكهم السياسي بوجوب استحصال اجازات لمغادرة العراق فكان ممن غادروه تحسين العسكري شقيق الوزير القتيل وزير الدفاع جعفر العسكري واحمد المناصفي موضع اسرار نوري السعيد ، وعلي ممتاز الدفتري نسيب السيد ياسين الهاشمي ، وجميل عبد الوهاب حاكم صلح بغداد " .كما ضويق السيد صادق البصام وزير المعارف في وزارة ياسين الهاشمي مضايقة شديدة ، وخاصة من قبل وزير المالية في حكومة حكمت سليمان السيد محمد جعفر ابو التمن .
وفشل الانقلاب ، انقلاب الفريق بكر صدقي بعد فترة ، واغتيل بكر صدقي في الموصل ، وتزعم الانقلاب المضاد العقداء الاربعة صلاح الدين الصباغ ومحمود سلمان ومحمد فهمي سعيد وكامل شبيب اقصي جماعة الفريق بكر صدقي ورئيس وزراءه حكمت سليمان من السلطة ، وهمشوا ولوحقوا .
وبعد قيام العقداء الاربعة بثورتهم في نيسان –مايس-ايار 1941 ، وجرت وقائع الحرب العراقية –البريطانية واعيد احتلال بريطانيا للعراق ثانية بما يسمى الاحتلال الثاني للعراق 1941 اقصي وهمش جماعة العقداء الاربعة ورئيس وزرائهم رشيد عالي الكيلاني بقوة ، وتم اعدام عدد منهم كما نفي اخرون وابعدوا عن الدولة واسقطت الجنسية العراقية عن الاستاذ ساطع الحصري مدير المعارف العام السابق والمشرف على التعليم الوطني في العراق ، وعد هو وجماعته من المدرسين القوميين العراقيين والعرب مسؤولين عن كراهية التلاميذ والطلبة العراقيين للإنكليز، والعائلة الملكية الحاكمة في العراق .
في 22 نيسان سنة 1953 صدرت قرارات بإعادة الجنسية العراقية عن من اقتضت الظروف الخاصة اسقاطها عنهم وتعويضهم عن حقوقهم وما قدموه من خدمات للوطن واشار الاستاذ عبد الرزاق الحسني في الجزء التاسع من كتابه (تاريخ الوزارات العراقية ) الى ذلك واعيد الاعتبار الى من اسقطت عنهم الجنسية ، وهم الدكتور احمد قدري والدكتور عبد العزيز الكنفاني والاستاذ ساطع الحصري والاستاذ محمد درويش المقدادي (وهم عرب لكنهم عراقيون بالجنسية ) وجاء في قرار اعادة الاعتبار :" بالنظر الى ملهم من خدمات طويلة ومجيدة في مضمار الخدمة العامة ،وبث الروح الوطنية والعلمية والقومية في هذه البلاد ،فقد وجدنا ان حرمانهم من الجنسية العراقية التي اسقطت عنهم في ظروف خاصة لا يستقيم وما قدموه من خدمات " .
وبعد قيام ثورة 14 تموز 1958 ، وتعاون تنظيم الضباط الاحرار مع جبهة الاتحاد الوطني في العراق لإسقاط نظام الحكم الملكي وتأسيس جمهورية العراق ، اقصي عدد كبير من الضباط العراقيين والسياسيين العراقيين الذين كانوا مخلصين للملك وللطبقة السياسية الحاكمة ولنوري السعيد رئيس الوزراء المزمن الذي شكل (14) وزارة في العهد الملكي وكان وراء ادارة الحكم طيلة ال (37) سنة الماضية .وصدرت قوائم تم فيها اقصاء عدد كبير من الوزراء والمدراء العامون وقادة الجيش .
في 19 تموز 1958 صدر المرسوم الجمهوري رقم 23 لسنة 1958 ويقضي بمصادرة اموال الاسرة المالكة وتسجيلها بإسم وزارة المالية وقد جاء في المرسوم ان هذه الاسرة استغلت مركزها للإثراء غير المشروع منذ قامت في 23 اب سنة 1921 .
الأول من اليمين غازي الداغستاني و أخرون
في يوم 14 تموز سنة 1958 صدر مرسوم جمهوري برقم (6) يقضي بإحالة (44) ضابطا على التقاعد من الذين (يُشك في احتمال وقوفهم ضد الثورة او الذين ظلوا موالين للحكم السابق ) ومن هؤلاء الفريق الركن محمد رفيق عارف وامير اللواء الركن غازي محمد فاضل الداغستاني وامير اللواء عمر علي وامير اللواء عباس علي غالب والزعيم (العميد) الركن حسن مصطفى والزعيم الركن احمد مرعي الحاج علي وقد قدم بعض المحالين على التقاعد على المحكمة العسكرية العليا الخاصة .كما اعتقل عدد من رجالات الحكم السابق ومنهم الدكتور فاضل الجمالي رئيس الوزراء وتوفيق السويدي رئيس الوزراء السابق وهرب عدد من الوزراء ورؤساء الوزارات والمدراء العامون وضباط الجيش الى خارج العراق .وصدر قانون تطهير الجهاز الحكومي في الاول من آب ، 1958 ، وقانون تطهير الجهاز القضائي في 31 تموز 1958 .
وبعد وقوع الخلاف بين قائدي الثورة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء ووزير الدفاع وكالة والقائد العام للقوات المسلحة ونائبه العقيد الركن عبد السلام محمد عارف وزير الداخلية ونائب القائد العام للقوات المسلحة اقيل الاخير من مناصبه يوم 30 ايلول سنة 1958 ، واعتقل وقدم الى المحاكمة العسكرية امام المحكمة العسكرية العليا الخاصة وحكم عليه بالإعدام لكن الحكم لم ينفذ واستقال احتجاجا على ذلك ستة من الوزراء القوميين كما استقال الشيخ محمد مهدي كبه زعيم حزب الاستقلال من عضوية مجلس السيادة وانفرد الزعيم عبد الكريم قاسم بالسلطة واقصي عدد من انصار العقيد الركن عبد السلام محمد عارف واجتثوا من وزارات الدولة واجهزتها الادارية .
وعلى اثر حركة العقيد الركن عبد الوهاب الشواف آمر جحفل اللواء الخامس في الموصل ضد الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة في 8 اذار 1959 وفشلها ، اقصي عدد كبير من القادة العسكريين القوميين واعتقل بعضهم ، واعدموا كما اعتقل عدد كبير من الزعماء والقادة من الاحزاب القومية وتم اقصاؤهم ومحاكمة بعضهم وهرب عدد منهم الى سوريا ومصر وعلى اثر محاولة اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم في 7 تشرين الاول 1959 اقصي كثيرون وهرب عدد من المناؤينللحكم خارج العراق واحيل القائمون بالعملية الى المحكمة العسكرية العليا الخاصة في 21 كانون الاول 1959 وصدرت احكام الاعدام على معظم الذين اشتركوا مباشرة في تنفيذ العملية الا ان الحكم لم ينفذ وبقي المتهمون الذين لم يستطيعوا الفرار في السجن حتى انقلاب 8 شباط 1963 .
وبعد قيام انقلاب 8 من شباط 1963 والذي اسقط نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 اقصي عدد كبير من السياسيين العراقيين وقادة وضباط الجيش الذين كانوا يعملون مع الزعيم عبد الكريم قاسم بين 1958و1963 وابعدوا وقسم منهم عوقبوا وقدموا الى المحاكمة كما تم الامر مع من كان يعمل مع النظام الملكي حين تشكلت المحكمة العسكرية العليا الخاصة برئاسة العقيد فاضل عباس المهداوي .
وبعد ان قام رئيس جمهورية العراق المشير الركن عبد السلام محمد عارف بانقلابه في تشرين 1963 على قيادات وسلطة حزب البعث العربي الاشتراكي ، وهم من جاؤوا به بعد انقلاب 8 من شباط 1963 أبعد عددا كبيرا من قيادات البعثيين والقوميين عن السلطة من مدنيين وعسكرين ، وصدرت مراسيم جمهورية بأسمائهم ورتبهم ووظائفهم منشورة ومتوفرة ولدي في مكتبتي نسخا منها .
وبعد مقتل رئيس جمهورية المشير الركن عبد السلام محمد عارف 1963-1966 في حادثة سقوط طائرته واختيار اخيه الفريق عبد الرحمن محمد عارف رئيسا للجمهورية ، اقصي عدد من السياسيين والقادة العسكريين الذين لم يرضوا على تنصيب الفريق عبد الرحمن محمد عارف .
ولاننسى ما قام به عارف عبد الرزاق قائد القوة الجوية ورئيس الوزراء السابق (شكل وزارته في 6 ايلول 1965) من محاولات انقلابية منها الاولى في 12 ايلول 1965 والثانية في 30 حزيران 1966 بالتعاون مع عدد من الضباط المعروفين باتجاهاتهم الناصرية وما نجم عنها من فشل واقصاء الضباط والسياسيين المتعاونين معه .
وبعد ان قام انقلاب 17 تموز 1968 بتعاون مدير الاستخبارات وقائد الحرس الجمهوري مع قيادات حزب البعث ، أُقصي جماعة الفريق عبد الرحمن محمد عارف من السياسيين والعسكريين عن مناصبهم .
البيان رقم (1)الصادر عن مجلس قيادة الثورة يوم 17 تموز 1968 ، قرر اعفاء الفريق عبد الرحمن محمد عارف رئيس الجمهورية واحالته على التقاعد واعفاء حكومة الفريق طاهر يحيى ، وتشكيل مجلس قيادة الثورة يتولى ادارة شؤون الجمهورية . والبيان رقم (6) الصادر يوم 17 تموز 1968 قرر احالة اللواء الركن ابراهيم فيصل الانصاري واللواء الطيار جسام محمد الشاهر واللواء الركن محمود عريم على التقاعد .وفي البيان رقم (11) الصادر يوم 17 تموز 1968 اشار الى ان مجلس قيادة الثورة اجتمع وانتخب من بين اعضائه السيد احمد حسن البكر رئيسا للجمهورية .
والبيان الصادر عن مجلس قيادة الثورة برقم (23) في 17 تموز 1968 ذكر ان "مجلس قيادة الثورة الذي خطط لثورة السابع عشر من تموز وفجرها يتألف من السادة التالية اسماؤهم :
السيد احمد حسن البكر رئيس الجمهورية
السيد عبد الرزاق النايف رئيس الوزراء
السيد ابراهيم عبد الرحمن الداؤود وزير الدفاع
السيد صالح مهدي عماش وزير الداخلية
السيد حردان عبد الغفار التكريتي رئيس اركان الجيش
السيد حماد شهاب قائد موقع بغداد
السيد سعدون غيدان قائد الحرس الجمهوري
وبعد (13) يوما ، قام حزب البعث بانقلابه على عبد الرزاق النايف رئيس الوزراء الذين تعاون معهم في الانقلاب على حكم الفريق عبد الرحمن محمد عارف وتم اقصاء عبد الرزاق النايف رئيس الوزراء واقالة وزارته بموجب البيان رقم (27) الصادر يوم 30 تموز 1968 وبعد ذلك قتل وزير خارجيته الدكتور ناصر الحاني ،وابعد عدد كبير ممن كان محسوبا على الفريق عبد الرحمن محمد عارف واللواء عبد الرزاق النايف ومن تعاون سابقا مع المشير الركن عبد السلام محمد عارف في انقلابه ضد البعثيين .
البيان رقم ( 27) لمجلس قيادة الثورة واذاعه البكر يوم 30 تموز 1968 نص على اقصاء السيد عبد الرزاق النايف رئيس الوزراء والفريق ابراهيم عبد الرحمن الداؤد وزير الدفاع من عضوية مجلس قيادة الثورة .وفي 26 شباط سنة 1969 صدر مرسوم جمهوري بتمديد العمل ب (قانون تطهير الجهاز الحكومي ) رقم ( 106) لسنة 1967 المعدل واعتبارا من 28من شباط سنة 1969 .ووقع المرسوم السيد احمد حسن البكر رئيس الجمهورية رئيس الوزراء .
وبين 1968و1979 ، تم اقصاء وتهميش عدد كبير من القادة العسكريين والسياسيين والوزراء ممن لم يتعاونوا مع حزب البعث في ادارة الدولة او انهم كانوا يمتلكون ولاءات حزبية وخارجية .
وبعد تسلم الرئيس السابق للجمهورية صدام حسين للسلطة بعد تنحي الرئيس احمد حسن البكر اقصي عدد من القادة السياسيين البعثيين 1979 وتم اعدام عدد منهم وابعد آخرون عن السلطة ، وغادر عدد منهم العراق .
وبعد اندلاع الحرب العراقية –الايرانية 1980 واستمرارها حتى سنة 1988 اقصي عدد كبير من السياسيين والقادة العسكريين واساتذة الجامعات والمستشارين والاعلاميين بذرائع مختلفة .
وقد هرب عدد كبير من الشعراء والادباء والفنانين والمثقفين خلال سنوات الحصار التي اعقبت حرب الخليج الثانية 1990-1991 وعد قسم ممن هربوا وعددهم (75) من مجموع (307) من (المرتدين) ، في حين عُد (194) ممن خرجوا اضطرارا لأجل العمل و(38) من هؤلاء (وسط) لاهم مرتدين ولا هم خارجون من اجل العمل . وقد نشرت جريدة(الزوراء) البغدادية الاسماء تحت عنوان (هذه حصيلة ما كسبناه من بعد 7-2-1996) في العدد (164) بتاريخ 27 تموز سنة 2000 .
وبعد احتلال الامريكان والبريطانيين ، وحلفائهم العراق في 9-4-2003 واسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين ( 1979-2003 ) ، أصدر رئيس سلطة الائتلاف المؤقتة السفير الامريكي بول بريمر أمرا في 16 ايار سنة 2003 بشأن ما اسماه (تطهير المجتمع العراقي من حزب البعث) نشر في جريدة (الوقائع العراقية ) الجريدة الرسمية لجمهورية العراق العدد (3978) السنة (44) الصادر في 17 آب سنة 2003 والهدف من الامر اخضاع "مسؤولو الحكومة العراقية السابقة الذين عملوا فيها على مستويات عليا لعملية تطهير موثوقة وصارمة .وفي 25 ايار سنة 2004 اصدر بريمر امرا يتعلق بتأسيس هيئة اجتثاث البعث وتم اقصاء اعضاء المكاتب والفروع والشعب والفرق ثم استثني اعضاء الفرق ، وتعد تلك العملية اكبر عملية اجتثاث في تاريخ العراق الحديث والمعاصر .
وبموجبامر سلطة الائتلاف في 16 ايار سنة 2003 تم " حل حزب البعث والغيت هياكله واطاراته واقصيت قياداته عن مراكز السلطة والمسؤولية في المجتمع والدولة العراقية " ، وقد "اقصي كبار اعضاء حزب البعث العراقي عن مراكزهم اعتبارا من عضو القيادة القطرية واعضاء الفروع واعضاء الشعب واعضاء الفرق ويُحظر عليهم في المستقبل العمل في اي وظيفة في القطاع العام " ونص الامر على انهم سيتعرضون للتحريات ولتقييم مدى ما ارتكبوه من ممارسات اجرامية او ما يشكلونه من خطر على أمن الائتلاف ...وسوف يتم اعتقال او تحديد اقامة من يُحتمل هروبهم او تدل التحريات والتحقيق على انهم يشكلون خطرا على الامن " . واعطيت لرئيس سلطة الائتلاف او من يخولهم نيابة عنه "منح الاستثناءات مما ورد في هذا الامر على اساس دراسة كل حالة على حدة " .
هذا مجمل محاولات الاقصاء والتهميش والاجتثاث التي عرفها تاريخ العراق الحديث ، وما نجم عنها من توترات سياسية ، وعدم استقرار ، وقد لخصتها لكم لكي تقفوا عند ابرز محركات تاريخنا الحديث والمعاصر، وانا اقول وقد عاصرتُ كل انظمة الحكم التي تحدثتُ عنها ، وعبر ثلاثة ارباع القرن (75 سنة ) من عمري ان العراق – للأسف الشديد – لم يحظَ بما يستحق من حكومة تعمل من اجله ، وتساعد في تقدمه ، وازدهار شعبه .