وتظل تحكي شهرزاد .. بقلم :ازدهار الانصاري
----------------------------------------
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن
مسرورا بعد أن تطاول به العمر وامتد لآلاف الليالي ، فقد
البصر وعمي البصيرة وشلت ذراعه التي كانت تمسك
بالسيف لتطيح به رؤوس النساء ..
حينها لم يكن شهريار قادرا على احتمال ضعفه فجاء
بمسرور أخر كان ما يزال شابا يافعا متحمسا قبِلَ المهمة
وفي نفسه التمهيد لدخول ممرات القصر ،والتهيؤ
لسلوك طريق الحكم والغدر بشهريار العظيم..
تململ شهريار وبوجه مكفهر قال :
-لا ادري إلام ترمي حكايتك لكنني أظنها بلا عبرة
أو حكمة .. لذلك .... قاطعته مسرعة :
-لا تتعجل يا مولاي فالحكاية ما تزال في أولها
والسياف مسرور مازال حيا على الرغم من تقادم
السنين عليه لكنه يا مولاي بات ضعيفا غير ذي
قدرة على سفك دماء العذارى كما كان ، و مسرورك
الجديد هو من يمتلك ناصية الحكاية ..
أشار إليها أن تكمل في حين أغمضت دنيا زاد عينيها
وأغلقت أذنيها عن السماع فشهرزاد تحكي حكاية
الألف الثاني بعد الألف ليلة وليلة ..
راح مسرور بعد أن سرحه ملك الملوك شهريار وبحقده
المعهود يجمع رفات نسوة بلا رقاب .. يعيدهن بلمسة
الشيطان إلى ذئاب.. فكن يا مولاي ألفا من النساء
وألفهن ساحرات ..
وطفق يدور على البيوت يشتكي من ظلم ما وقع عليه ..
باحثا عن لقمة يسد بها أنين معدته الفارغة ويبكي
ويحكي أن لديه فتيات ينتظرن سد جوعهن برغيف ..
تململ أيضا شهريار فالحكاية لا تبدو على هواه
وسارعت شهرزاد لتقول :
-مهلا رويدك مولاي مازلنا في أول الليل
والحكايات عند الصباح تصبح حلما وكان ..!
أشار إليها أن تكمل على الرغم من غيظه
الشديد ..
قالت شهرزاد :
كان لمسرور هذا ألف فتاة وفتاة تعشن في سراديب
وجحور بيته المبني تحت قصر الملك .. وكان يعود
كل ليلة بما يمنحه الناس من عطايا وحسنات ..
حتى اشتد عودهن وعدن قادرات..
وكان السياف قد دربهن جميعا ليصبحن محاربات ..
ولكن سيحاربن من ..؟ وهن يسكن السراديب ؟
وكيف لهن الوصول إلى مراكز القوى كي يعلّن
قيام الانقلاب ..
ألف امرأة وامرأة بلا رقاب ..
يعشن منتظرات ليوم الحساب ..
امسك شهريار برقبته أفزعته الحكاية فصرخ :
مسرور!!
لم يأته مسرورالشاب المتحمس لخدمة مولاه
فهو ذا طموح بأن يصير هو صاحب الرأي الرشيد
ولكن كيف والسلطان عند شهريار قوي شديد ..؟
باع نفسه لشيطان مريد.. !!
واختفى هاربا من وجه الملك..
وفي احدى الزوايا والسرادب التي ضاقت به
بما رحبت وقع في يد إحدى النساء الألف هناك
كان الحساب عسير، والقتل مرير.. وتمزيق الأشلاء
بلا رحمة في ظلمة تمد هيمنتها وكلهن ينتظرن
لحظة انعتاق ..!!
-آه شهرزاد ماذا تخفين وراء الحكاية أنسيت من أنا ..؟
-لا لم أنس مولاي وسيدي ولكن الحكاية مازالت
متشعبةالخيوط مبعثرة الاتجاهات .. وأنت لا تملك
الصبر..
-أكملي إذاً..!
حين وقع مسرور السياف الشاب الفطن في يد النساء
الألف استسلم لقدره ولكن قبل أن يقضى عليه خيرنه
بين أن يصبح شهريارا أخر على أن يقسمهن على
ثلاثة بحور من أبار النفط والبترول ، ويتركهن يفعلن
كل ما يردن أو أن يطبق فيه حكم الاعدام ..
وكان ما جاء منهن على المرام..
لكن اللئيم تخابث قبل أن يكشفنه وساير الوضع
بكثير الاحترام ..
فقال: وكيف لي وأنا مجرد سياف أن اقضي
على ملك الملوك شهريار وأطيح بمملكته وأعلنها جمهورية
رئيسها وحسب الدستور بالانتخاب يأتي .. ويغور..
وأنا لا املك إلا انتن نسوة بلا رقاب .. وفوق هذا
هناك شهرزاد تملك عيناها الساحرتان نبعا من الحكايا
كمياه دجلة والفرات ..
أكدن أنهن دعما له متى ما فتح الأبواب وسلم
للسياف مسرور الكبير رأس شهريار بعد السقوط ..
سندعك تذهب وتضع له هذا السم ومعك الترياق
ضع السمفي طعامه وحين يشرف على الموت خيره
بين الترياق وترك الحكم.. وشهريار لن يضيع الوقت
سيعطيك ما تريد كي لا يموت ..
وهنا عليك أن تأتي برأس شهرزاد كي تنتهي من الحكى
ويحصل المراد ..
أصبح قلب شهريار مختنق محجور ..وشهرزاد تستمر
في حكايتها ببعض من الفتور وتارة بالقهر والثبور ..
وكان له ما أراد وجاء شهريار غفلة بلا معاد ..
ووضع السم في طعام شهريار وغدرا قلب النظام
وساد العبث والخراب والدمار .. وكي يأمن شر
النسوة الالف منحهن ثلاثة بحور من النفط والبترول
ونصّب نفسه رئيسا للبلاد ..!!
لكنما وفجأة .. أدرك شهرزاد ضوء الصباح
فسكتت عن الكلام المباح ..!!