حكاية الخباز الأرمني ( گرابيت) و متصرف السليمانية عمر علي!
حكاية الخباز الأرمني( گرابيت) و متصرف السليمانية اللواء الركن عمر علي!
[size=32]گرابيت أرمني نزح من تركيا حاله حال الكثيرين من أبناء قومه وأستقر في العراق و حصراً بمدينة السليمانية، وهناك أفتتح فرناً في منطقة( صابونكران) لأروع والذ و اشهى خبز وانفرد به في انحاء المدينة.[/size]
كان يعمل لوحده حيث كان يختلف عن المخابز الأخرى أي ليس لديه ( تنور) بل بنى فرنا كأفران الصمون الحجري.
عمله من الصباح الباكر وحتى قبل الظهر وحينها يقفل مخبزه و يعود الى البيت.
طيلة وجوده في المخبز والزبائن واقفة بطابور و المهم في هذا الرجل عدى اخلاصه في العمل لنوعية خبزه و نظافته كان منتظم لا يعطي مجال لأي أحد ان يأتي من دون اخذ مكانه في الطابور(السِره)..كلمن وأستحقاقه!!.
في بداية الخمسينيات كان المرحوم اللواء الركن البطل عمر علي* متصرفاً ( محافظاً) للواء السليمانية.
اكثر من مرة سمع عن هذا الرجل من جودة خبزه وانتظامه و اخلاصه في العمل.
المعروف عن المرحوم عمر علي كان منضبطا جدا ( كقائد عسكري) حيث في كل صباح يستيقظ ومعه حارسه ويقوم بتفتيش المخابز و التاكد من تنفيذ التعليمات في الوزن والنظافة وغيرها ، احبوه اهالي المدينة حتى وكأنه أحد أفراد المدينة من شدة اخلاصه و اهتمامه بالناس بالأخص الفقراء.
احد الأيام بعد جولته الأعتيادية عرج على الأخ الأرمني( گرابيت) من باب التأكد من ما سمعه عنه.
كالعادة كان هنالك طابور من الرجال والنساء.
من غير ان ينتظر ويقف مع بقية الناس أقترب منه وبعد السلام قال له:
أخونه گرابيت ناولني رغيفين من الخبز!!.
كان گرابيت منشغل من دون أن يرفع رأسه قال له:
- قف في الطابور وعندها أعطيك ما تريد!.
رد عليه المتصرف: ولكنني وقتي قليل والمهم الا تعرفني؟؟ أنا المتصرف عمر علي!!.
ظل گرابيت في عمله دون أن يقف وينظر اليه ، فرد عليه:
والله حتى لو كنت الملك !! حالك حال بقية الناس!!.
أنصرف المتصرف والواقفين في ذهول وباتوا يعاتبونه على فعلته!!.
ولكن گرابيت لم يكون نادما على تصرفه اطلاقاً!!.
بعد ان انهى عمله قبل الظهر كان امام مخبزه شرطي يطلب منه ان يذهب معه لمقابلة الباشا أي المتصرف.
دون تردد غير ملابسه و انطلق مع الشرطي وكان مخبزه قريب من السراي حيث مقر المتصرف.
دخل على المتصرف وحينها تعجب من الأستقبال الحار والحقيقة كان يخشى العكس والمحاسبة لابل حتى السجن!!.
أجلسه المتصرف وأثنى على تصرفه وخلقه و شجاعته وطلب منه ان يبقى هكذا.
ومن خلال الحديث أفهمه انه لم يكن من تواجده في مخبزه الا التأكد من ما سمعه عنه..!.
منذ ذلك اليوم اصبحا اصدقاء و صحاب..
رحم الله اللواء الركن عمر علي و الخباز الأرمني الشجاع گرابيت وأسكنهما فسيح جناته..
كانوا رجالاً بحق وكل منهم قدم خدمة لأهله وناسه..
ملاحظة: في ألأطار الصورة الحقيقية للخباز گرابيت.
*أحد أبطال الجيش العراقي في معارك عام 1948 في فلسطين ، كان متصرفا لمدينة السليمانية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي..