الى الأسطبل يا مولاي!
وداد البياتي
الى الاسطبل يامولاي
من المتعارف عليه ان النفاق أو التزلف هو نوع من أنواع التسلق السلوكي للبشر للوصول الى الغاية المنشودة، خصوصا حينما بدأت القاعدة الميكيافلية تجتاح بلدنا العزيز العراق في هذه الأيام العصيبة، حيث تحكمة مجموعة من العملاء والغاسدين..
فبعد ان اختفى دور القائد والامة حيث حلمنا بالتغير والتحول نحو الأفضل، جاءت احداث عام 2003 ملئية باأوغاد جاءوا على ظهر الدبابة الامريكية وهم يعلمون من سلمهم دفة الحكم، ولكن لحد الآن تراهم يعادون الولايات المتحدة ويرفعون شعار( كلا لامركا، لا للمحتل) إلا ان موطن فسادهم وعلاقاتهم المشبوهة والصفقات غير المشروعة تتم في المنطقة الخضراء، والأغرب منه ان جيرانهم في هذه المنطقة الملعونة هم الأمريكان.
وحينما تنكشف فضيحة الصفقات المشبوهة، يهرب المتهم محملا بأكبر قدر ممكن من اموال الفساد الخارج، بعد ان يستهلاك قناع الازدوجية وينفذ دوره التزلفي عند العصابات الحاكمة لبلدنا الى المنكوب بهذه الشراذم البشرية.
وقصتنا اليوم ماهي إلا مثال حي عن ضمير الانسان ورجاحة صدقه من كذبه حينما يقف بوجه الحكام ويقول كلمته الشهيرة . لا والف لا للفساد!
يُحكى إن الخليفة العباسي المأمون قام بتأليف قصيدة وأنشدها أمام مدعويه وحاشيته في مجلسه، وكان جالساً بينهم الشاعر أبو نواس،وبعد أن انتهى من إلقاء القصيدة، صفق الحضور، وأبدوا اعجابهم بالقصيدة العظيمة التي لم يُكتب مثلها، فنظر المأمون إلى أبي نواس وهو صامت وسأله:
هل أعجبتك قصيدتنا يا شاعرنا؟ اليست رائعة؟
فأجابه أبو نواس: لا أشتم بها رائحة الشعر أو البلاغة!.
فغضب المأمون وأسرّها في نفسه، ثم مال على حاجبه وقال له:
بعدما أنهض وينهض المدعوون، وينفض المجلس، احبسوا الشاعر أبا نواس في الإسطبل مع الخيل والحمير.
ونفذ الحاجب الأوامر،وطبقاً لذلك ظل أبو نواس محبوساً في الإسطبل شهراً كاملاً، ولما أفرج عنه وخرج من الإسطبل، عاد إلى مجلس الخليفة. وعاد الخليفة إلى إلقاء الشعر مرة أخرى، وقبل أن ينتهي من الإلقاء، نهض أبو نواس، وهم بالخروج من المجلس، فلمحه الخليفة، ثم سأله:
إلى أين يا شاعرنا؟
فأجاب أبو نواس:
إلى الأصطبل يا مولاي.
فضحك الخليفة وعفا عنه.
في أحيان كثيرة يجد الواحد منا نفسه بين خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يرتدي ثوب أبي نواس ،لا يداهن ولا يماري ولا يتلون ولا يخطب ود العصابة الحاكمة ولصوص المال العام، ويقول الحق الذي يراه ولو يغضبهم ويذهب بعدها إلى الإسطبل. أو يرتدي عباءة ندماء الخليفة المأمون يقف معهم،يداهن ويماري، ويصفق لتفاهات الحكام والمسؤولين ويزين لهم قبيح ما يعملون.
قال تعالى في سورة النمل/24(( وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ أَعْمَٰلَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ)) ( 24)
(فعلا(يفسد الحاكم قوم ان بقوا دوما جواره, طبعهم طبع النفاق يشهدوا الزور جهارها.