طواحين خامنئي
نزار جاف
طواحين خامنئي
ليس نظام ولاية الفقيه من يواجه التحدي والتهديد الاخطر المتمثل الان في الانتفاضة التي صارت تتحدى الزمن وتصر على الاستمرار، بل إنه شخص الولي الفقيه خامنئي الذي قلنا ونکرر بأن النظام يختصر في شخصه کأي ديکتاتور آخر، وهذه الحقيقة المرة يدرکها الرجل جيدا کما تعيها أوساط النظام المختلفة ولاسيما الحرس الثوري الذي هو في الواقع حرس خامنئي والذي نجده قد إستشاط غضبا رغم التهديد شديد اللهجة الذي وجهه قائده حسين سلامي للمتظاهرين وأمهلهم يوما واحدا ليکفوا عن التظاهر، ولکن ذهب تهديده کفقاعة وسط بحر هادر تماما کالتهديد البائس الآخر الذي وجهه للمتظاهرين قائد القوة البرية وزعم بأن خامنئي "إذا قرر المرشد التعامل معهم، فلن يبقى لمثيري الشغب مكان في البلاد بعدها"، لکن يبدو إن خامنئي يعلم جيدا بأن إصدار هکذا قرار يمکن أن يکون بمثابة التوقيع على إنتحاره وتلاشي النظام!
التهديدات النارية المختلفة التي تم توجيهها للمتظاهرين ووعد بتنفيذها في حال إستمرار الانتفاضة والتي لو قمنا بمراجعتها فإنها کان يجب بموجبها أن تکون الانتفاضة قد أصبحت في خبر کان قبل قرابة شهرين من الان، لکن يبدو إن هذه التهديدات على الرغم مما صاحبها من تصعيد ممنهج في القمع المنظم ضد المتظاهرين، لم تکن إلا کوعود عرقوب!
خامنئي الذي يمکن القول بأنه حاليا على وجه التحديد في موقف ووضع لايحسد عليه، تبدو محاولاته من أجل قمع وإخماد الانتفاضة أشبه بمواجهة دون کيشوت بسيفه الاخرق لطواحين الهواء، ذلك إن خامنئي صار يذهب بعيدا في تخيلاته وتهيٶاته عندما يعتقد بأن سقوطه وسقوط نظامه يعني المس بالدين ومفاهيمه في وقت إنه يتجاهل بل وحتى يتهرب من إن الشعب الايراني وشعوب المنطقة والعالم الاسلامي صاروا يعلمون بأن الدين"لعق" على لسان هذا النظام "يدوره حيثما درت معايشه"، ولم يعد الشعب الايراني يجد أي قدسية في خامنئي ونظامه بعد أن صار واضحا بأن خامنئي ونظامه في وادي والدين في وادي آخر.
ملاحظتان مهمتان نجد من المهم والضروري ذکرهما، الاولى؛ إن النظام وخامنئي نفسه في الوقت الذي يقومون مرة بالتأکيد على أن التظاهرات مٶامرة خارجية تستهدف النظام کما ذکر ذلك خامنئي وکرره أقطاب النظام من بعده ومرة أخرى يعودون للتأکيد على إنها مجرد أعمال شغب عبثية، وتارة أخرى يٶکدون بأن مجاهدي خلق تقف خلف هذه الانتفاضة خصوصا عندما يعلنون بإعتقالهم لأکثر من 100 عضو منتمي لمنظمة مجاهدي خلق.
الملاحظة الثانية التي يبدو إن النظام الايراني مجبر على أن يأخذها بنظر الاعتبار والاهمية، هي إن التنديد الدولي بالممارسات القمعية للنظام ضد المتظاهرين آخذة بالازدياد بل وحتى إن الامر قد وصل الى إن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يستعد من أجل عقد جلسة خاصة حول إيران، عقب حملات القمع الدامية التي شنتها الحكومة ضد المتظاهرين، وتهديدها الصحفيين، و غيرها من الانتهاكات الحقوقية في البلاد، کما نقلت وکالات الانباء ذلك، ومع إن النظام کعادته يبدي عن إمتعاضه وإستيائه من المواقف الدولية التي تدينه وتٶيد المتظاهرين، لکنه في نفس الوقت يعلم بأنها هذه المرة ليست کما کانت في السابق"مجرد هواء في شبك"، بل تصاحبها عقوبات وحتى إن هناك تلميحات بإجراءات أبعد من العقوبات.
الجدير بالذکر هنا، مع مراعاة أهميته، إن النظام الايراني يصف دائما کافة القرارات والبيانات الدولية الصادرة بحقه في مجال إنتهاکات حقوق الانسان، بأنها تصدر بتأثير من الدور الذي تقوم به مجاهدي خلق على الصعيد الدولي وإنها من تمد المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان بالمعلومات المختلفة عن إنتهاکات حقوق الانسان في إيران، وهذا يعني بأن النظام ليس يعترف فقط بل وحتى يٶکد بأن منظمة مجاهدي خلق تقف وراء تحريك الاوضاع المتعلقة بالقضية الايرانية في الداخل والخارج على حد سواء، وهذا يعني بأن مجاهدي خلق بموجب ذلك، لاعب أساسي وطرف صعب في المعادلة السياسية الحالية تحديدا في إيران.