Shared with Your friends
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ماذا تعرف عن نهر الخندق في محافظة البصرة؟
شبكة البصرة
يرتبط نهر الخندق مع سور البصرة ارتباطاً وثيقاً اذ يعتبر هذا النهر بمثابة الدعامة - ذلك ان المصادر التأريخية التي اطلعنا عليها الباحث في مركز دراسات البصرة بجامعة البصرة السيد يوسف ناصر العلي اشارت إلى ان البصرة القديمة كانت مسورة بسور وخندق لذا فان هذه الحالة طبيعية ومتوارثة. وقد استفاد البصريون الاوائل كثيراً من انهار البصرة التي كانت تجري من شط العرب باتجاه الغرب. واستفادوا من هذه الظاهرة لتحصين مدينتهم الجديدة التي انشئت في منتصف القرن التاسع الهجري. وحفروا نهر الخندق ومدوه الى منطقة مستشفى البصرة العام حالياً ليلتقي بنهر العشار الذي يشق البصرة من وسطها. ثم يتصل بنهر الخورة القادم من شط العرب وتشكل الانهار الثلاثة العشار والخندق والخورة طوقاً محكماً حول البصرة. وهذه الحالة اظهرتها الخرائط الجغرافية ومنها خارطة الرحالة الدنماركي تيبور عام 1775 وخارطة بكنكهام. ونهر الخندق كان يأخذ مياهه من شط العرب شمال نهر العشار وقد وجدت رسومه في الخرائط البرتغالية والهولندية في بداية القرن السابع عشر. كما قامت حول بدايته من الشمال والجنوب منطقة صناعية منذ اواخر القرن التاسع عشر وانتشرت حول نهر الخندق اسياف الطعام التي نقلت من موقعها من داخل البصرة في محلة الأسياف الى هذه المنطقة. والسبب يعود الى قربها من مراكز التصدير والتوزيع وقد جرت محاولة لنقل هذه الأسياف كما بين باحثنا ناصر العلي الى المعقل عام 1923م لكن التجار وعمال الاسياق عارضوا هذا المقترح. وقامت السلطات العثمانية بانشاء حوض لبناء السفن شمال النهر. وقد تم فعلاً تصنيع باخرتين للسلطان عبد الحميد الثاني هما حميدية وبرهانية. فضلاً عن ان هذه المنطقة توجد فيها اسياف للحبوب ومركز لشركة (مارين) التي انشأت مكابس للتمور، مما ادى الى نمو قرية في المنطقة سميت محلة (ام الدجاج) لكثرة دجاج الماء بها، وسميت ايضاً التميمية لكنها اشتهرت بمحلة (الخندق) وفي عام 1944م جرت محاولة لتبديل اسمه إلى (المظفرية) نسبة الى متصرف البصرة مظفر احمد ولم يتم الامر. وفي المنطقة سوق يحتوي على اكثر من عشرين دكاناً بالقرب من نهر الخندق في اواخر القرن التاسع عشر.
اما الرحالة لوريمد فقد ذكر نهر الخندق عام 1908م حيث وصفه نهر الخندق هو مركز تجارة الحبوب وعلى شواطئه توجد الشؤون والمخازن وفي مدخله يرسو الكثير من القوارب والمراكب باستمرار ولهذا الخندق قنطرتان في موضعين على مستوى الطريق الاعلى والاسفل بالقرب من سوق الغلال، وقد وصف القنطرة بانها مبنية من الطوب (أي الطابوق) ومسنودة بدعامات. كما ذكر لوريمد ان في جهة النهر الشمالية قرب مدخله شركة البصرة التجارية باسم (بيت مويبر) وهي ملك لاصفر وشركائه.
ويظل نهر الخندق في البصرة يشكل معلماً تراثياً وجغرافياً في الخارطة القديمة لمدينة البصرة. حيث بعد نمو منطقة الداكوير (الداكير حالياً) الصناعية عام 1916م وهي تقع قريباً من الخندق اكسبت الخندق اهمية كبيرة اذ تحول الى مخازن لبيع مواد تصنيع السفن. كما قامت سلطات الاحتلال الانكليزي باقامة مجمعات سكنية لموظفي الداكير. وعلى شواطئ الخندق انشئت لوندريات لغسيل الملابس الخاصة بالعمال الهنود واخر لغسيل ملابس الصينيين. وعند فوهة النهر انتشرت محلات سكنية مثل محلة التميمية والفتلة وهناك كنيسة للمسيحيين كنيسة مريم العذراء الكلدانية التي تأسست عام 1907م ومازالت شاخصة كما جاورت نهر الخندق محلات الرباط الصغير وصبخة العرب. ويؤكد باحثنا ناصر العلي ان نهر الخندق تميز بكثرة جسوره ومن هذه الجسور (جسر فيري) وجسر الطير بالقرب من مخازن التلغراف الذي يمد منه شارع دينار شمال ساحة (ام البروم) وقد سمته سلطات الاحتلال البريطاني (جسر نيكسون). وهناك جسر ليك اما الجسر الاحمر ويربط محلة الخضر والمقبرة لمحلة الساعي وكان طريق المعقل القديم يمر به. وهناك ايضاً جسر الصبخ الذي يربط محلة كوت الحجاج بالبصرة عند منطقة التحسينية وقد اعيد بناؤه عام 1955م. اما جسر صبخة العرب وهو الذي يربطها بالبصرة القديمة وقد سمته سلطات الاحتلال البريطاني (جسر رايدز).
وهكذا يظل نهر الخندق الذي يعاني الآن من الاهمال وتراكم النفايات على حافتيه. وحالياً سدت منافذ قدوم الماء اليه من مصدره الاساسي شط العرب وذلك لانشاء جسرين اخرين عليه في خطوة ارادت منها مديرية مرور البصرة حل الاختناقات المرورية في منطقة الخندق مروراً بجسر الرباط عند تقاطع النهر قرب مديريتي الجوازات والكمارك. ونهر الخندق هو ذاكرة مدينة اتسع قلبها لتشهد كثيراً من المتغيرات لكن معالمها القديمة تظل تحتقظ بنكهتها وعذوبتها التي لم تهملها ابداً ذاكرة البصريين الطيبين الذين يحبون مدينتهم البصرة وكل شخوصها ومعالمها السابقة والحالية.
تراث البصرة
شبكة البصرة
الاثنين 27 ربيع الثاني 1444 / 21 تشرين الثاني 2022
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس