ذاكرة البصرة -- الأب فيليب الكرملي يصف الكرم البصري
محمد سهيل أحمد
ذاكرة البصرة --الأب فيليب الكرملي يصف الكرم البصري
مستل * / يقدم عرب البصرة ضيافة لا مثيل لها نحو الغرباء بكرم ولطف عاليين، وهذا ما حدث لي ولرفاقي .
ولد الراهب فيليب الكرملي في فرنسا في مدينة مالوسين، قرب أفينيون عام 1603م، وكان اسمه 'اسبري جوليان' ودخل محترفاً عمل الرهبنة في دير الكرمليين في ليون عام 1621م، وإختار حياة التبشير، فدرس في باريس ودرس سنتين بالمعهد الديني في روما. وهناك غير إسمه على عادة الرهبان فحمل اسم (فيليب) وقد كلف من قبل رؤساؤه ببعثة ولعمل في ديرهم في بلاد فارس .و في عام 1629م، غادر الأب فيليب الكرملي من بلاده، ورحل متجهاً إلى الشرق، فزار الأراضي المقدسة وقدم إلى العراق والذي يعرف أيضاً باسم (بلاد الرافدين)، ووصلها عن طريق حلب ثم سافر إلى عانه، حتى وصل بغداد، ومنها ذهب إلى بلاد فارس. وفي السنة التالية أي في عام 1630م، عاد إلى العراق فنزل في البصرة، ثم أبحر إلى الهند، فوصل إلى مدينة غوا، فأصبح رئيس دير ومدرساً لعلوم الفلسفة، و علم اللاهوت. وبعد عشر سنوات رجع إلى أوروبا. ولم يرجع إلى بعثته ثانية، وكان قد قام بجولة لزيارة المقاطعات التي تتبعه، حوصر بعاصفة هوجاء شديدة قبالة سواحل كالابريا، ووصل إلى نابولي وكان في حالة احتضار.توفي في مدينة نابولي في 25شباط 1671م.
كان فيليب يتكلم عدة لغات بطلاقة فبالإضافة إلى اللغات الكلاسيكية فهو يتكلم الفرنسية، و الإيطالية، و الأسبانية، و البرتغالية و الفارسية، و العربية. له مؤلفات عديدة تاريخية دينية منها كتاب الرحلة الشرقية الذي نشره باللغة اللاتينية سنة 1649. ونقتبس عبارات اوردها الاب الكرملي في وصف كرم ومناقب اهل البصرة : " يقدم عرب البصرة ضيافة لا مثيل لها نحو الغرباء بكرم ولطف عاليين، وهذا ما حدث لي ولرفاقي عندما قدمنا إليها بحراً من فارس ونفدت مؤونتنا وكدنا نموت جوعاً وعطشاً، وما أن وصلنا إلى إحدى قراهم حتّى قدموا لنا خبزاً ولبناً وتمراً وكل ما كان عندهم في ذلك الموسم، وبعد أن أكلنا وشبعنا طلبنا المزيد على سبيل الشراء فأعدوا لنا حالاً كل ما طلبنا ورفضوا رفضاً باتاً استيفاء ثمن ما قدموه لنا وقالوا باعتزاز إن الضيافة لكل عابر سبيل أيّاً كان واجبة."
من كتاب ( الرحلة الشرقية 1629)