فلْنَسْألْ ولْنَسْتَأْنِسْ وفي ذلك خير
د.عبد يونس لافي
[size=32]فلْنَسْألْ ولْنَسْتَأْنِسْ وفي ذلك خير[/size]
ما أحْوَجَنا الى أن نَسْتَأْنِسَ باۤراءِ بعضِنا،
مُبتعِدينَ ما اسْتَطعْنا عن (الْأنا)،
وألّا نَنْكَفِئَ على ذاتِنا،
فَلَربَّما نسمعُ ما لمْ نسمعْ،
ونتعَلَّمُ ما لم نعْلمْ،
فالْحِكْمةُ ضالَّةُ مَنْ وعى، وإليها سَعى
حيثما وَجَدَها أَخَذَها.
حَرِيٌّ بنا ألاّ نجْعَلَ مسألةَ العلمِ والتَّعَلُّمِ تتوقَّفُ عندنا،
فنكونَ عندها قد كتبْنا على أنفُسِنا الموتَ قبلَ ان نموت،
فالحياةُ قاعةُ درسٍ لا سقفَ لها ولا جُدران،
ربما تَعلَّمْنا منها في لَحَظاتٍ،
ما لا نتعلَّمُهُ من الكُتُبِ في سنين.
أجِدُني أكتُبُ هذا في ساعةٍ متأخِّرَةٍ،
قارَبَتِ الْهَزيعَ الأخيرَ من الليلِ،
عندما خطرَ على بالي،
كيفَ اسْتَأْنسَ السيّدُ الفاروقُ عُمَرُ،
وهو العارفُ بما سأل،
حينَ قال لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ،
وأُبَيُّ هذا هو مَحَطُّ احْترامِ عُمَرَ والأُمةِ جميعها،
بِمُتَقَدّميها ومُتَأَخّريها،
لِما حملهُ الرجلُ من مناقبَ امْتازَ بها بين الصحابةِ الكرامِ،
فكانَ من خَواصِّ خواصَّهِم:
يا أُبَيُّ ما التَّقوى؟
ليُجيبَهُ أُبَيٌّ سائِلًا عُمَر:
ألَمْ تأخُذْ يومًا طريقًا ذا شوكٍ؟
قال عُمَرُ بَلى،
قال فما عملتَ فيهِ؟
شَمَّرْتُ وَحَذِرْتُ، أجابَ عُمَرُ!
قال أُبَيُّ:
فَذاك التقوى.
سؤالٌ كبيرٌ، يُجابُ عليهِ بجوابٍ بسيطٍ مُعَبِّرٍ،
قليلِ الكلماتِ عميقِ المعنى،
أراحَ الاثنين معًا،
فخيرُ الكلامِ ما قلَّ ودلَّ،
وشرُّهُ ما طالَ وألْهى.
فلْنَسْألْ ولنَسْتَأْنِسْ وفي ذلك خيرٌ،
فإمّا أن نتعلَّمَ ما نجْهلُ،
او نُثَبِّتَ في أذهاننا ما نَعلَم،
او نتعلَّمَ أنَّ هناك مَن في حاجةٍ للعلمِ فَنُعَلِّم.
لِنَتَذَكَّرْ:
أنَّ العقولَ الكبيرةَ المُتَفَتِّحةَ لا تراها العيونُ،
ولا تُعْرَفُ إلاّ اذا فَضَحَها أصحابُها،
فَوَضَعوها على الأَلسنةِ وتكلَّمَتْ، سَلام.