اعتماد اليوان الصيني مع بكين .. ترقب لتبعات القرار العراقي وتحذير من "المحاولات الملتوية"
العراق سمح للمرة الأولى باستخدام اليوان في المدفوعات الخارجية
الحرة / خاص - واشنطن:في بيان لافت، أعلن البنك المركزي العراقي، الأربعاء، خطة للسماح بالتجارة مع الصين باليوان الصيني بدلا من الدولار، في محاولة كما يبدو لتحسين فرص الحصول على العملة الأجنبية وتقليل الاعتماد على الدولار، كما تقول الحكومة، في الوقت الذي يحذر فيه المراقبون من "المحاولات الملتوية" التي قد يستغلها المهربون.
وقال البنك في بيانه إنه" سيتمّ تنظيم تمويل التجارة الخارجية من الصين بشكل مباشر وبعملة اليوان الصيني عبر خيارين، أولهما تعزيز أرصدة المصارف العراقية التي لديها حسابات مع مصارف صينية بعملة اليوان الصيني والثاني هو تعزيز أرصدة المصارف العراقية من خلال حسابات البنك المركزي إلى المستفيد النهائي بعملة اليوان الصيني من خلال حساباتنا لدى مصرف (جي بي مورغان)، وبنك التنمية في سنغافورة".
وقال إنه سيتم تقديم تسهيلات للتحويلات المالية إلى الولايات المتحدة وأوروبا بالآلية نفسها لاحقا.
لكن النقطة الثالثة في البيان، والتي تشير إلى أن الوثائق المطلوبة للتقديم للتحويلات المالية الخارجية ستتكون من "قائمة (فاتورة) تجارية فقط، أو أوّليات الاعتماد المستندي، على أن يُقدّم الزبون للمصرف لاحقا ما يثبت دخول البضاعة".
ويقول الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال، سالم الأسدي، إن هذه الآلية "من الممكن الالتفاف عليها بسهولة".
ويضيف لموقع "الحرة" أن البنك "يبدو وكأنه يفتح منفذا لنفس الممارسات القديمة التي كانت تعتمد على وصولات استيراد مزورة لتهريب العملة بعد أن أغلقت تعليمات الامتثال الأميركية هذا المنفذ".
وأدى فرض تعليمات الامتثال من قبل البنك الفيدرالي الأميركي ووزارة الخزانة الأميركية إلى أزمة في توفير الدولار في العراق، وهو أمر أثر بشكل كبير على السوق الذي يعتمد في تداولاته بشكل تام تقريبا على الدولار.
وأكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، السبت، استعداد بلاده لدعم جهود العراق في تحقيق الاستقرار والنمو في اقتصاد البلاد، بما في ذلك من خلال مكافحة الفساد وغسيل الأموال.
وجاءت تأكيدات بلينكن خلال لقائه برئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على هامش مؤتمر الأمن في ميونخ.
ويشهد العراق أزمة مالية تتعلق بنقص العملات الأجنبية في الأسواق المحلية مما أدى إلى انخفاض سعر الدينار العراقي في السوق الموازية، رغم رفع قيمته الرسمية لدى البنك المركزي.
وتهدف تعليمات الامتثال إلى مواجهة خطر تهريب العملة من العراق، وهي ممارسة تتم عادة من خلال تقديم وصولات شراء بضائع مزورة إلى البنك والحصول على الدولار بالسعر الرسمي المدعوم، ثم إخراج الدولار خارج العراق وبيعه بسعره الأصلي.
وتعتقد واشنطن أن إيران، الخاضعة لعقوبات تحد من حصولها على الدولار، هي المستفيد من هذه العملية.
وقال المستشار الاقتصادي للحكومة العراقية، مظهر محمد صالح، إن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تمويل الواردات من الصين باليوان حيث تم تمويل الواردات العراقية من الصين بالدولار الأميركي فقط".
وهذه الخطوة هي أحدث علامة على الدور المتنامي لليوان على الساحة الدولية حيث تفتح الصين أسواقها المالية تدريجيا وتتطلع بعض الدول إلى تنويع انكشافها على العملة.
وقال صالح لموقع "الحرة" إن الخطوة منطقية بسبب "تفوق التجارة بين العراق والصين مقارنة بدول العالم".
وكشف عن أن "تجارة الاستيرادات والصادرات من السلع والخدمات تزيد على 53 مليار دولار سنويا حيث أن الصين هي الشريك التجاري الأول للعراق".
وتابع "لكون البنك المركزي العراقي يتولى تنويع احتياطاته بالعملة الأجنبية والتي من بينها اليوان الصيني، فإنه بلا شك سيغذي حسابات المصارف عراقية لدى المصارف الصينية المراسلة بعملة اليوان الصيني لأغراض تلبية متطلبات الاستيرادات العراقية من الصين وتسديد مستحقاتها المترتبة بالعملة الصينية".
ويقول صالح إن "الحزمة الثانية التي أطلقها البنك المركزي (الأربعاء) بشأن تعليمات التحويل الخارجي ستساعد على تقريب أسعار الصرف في السوق الموازي من السعر الرسمي ربما بنسبة تزيد على 50 في المئة على الفور، ومع تقديم وثائق الامتثال التي تقدمها المصارف العراقية بالإنابة عن زبائنها من التجار المستوردين وتزايد إطلاق حزم التحويل الخارجي الميسرة ولاسيما تلك المساعدة للتجارات الصغيرة، فإن فجوة سعر الصرف ستغلق في قادم الأيام بشكل متسارع بلا ريب".
وقلل من المخاوف بشأن عمليات التهريب المتوقعة بالقول إن "معايير الامتثال الدولية من خلال منصة البنك المركزي ستنظم تمويل التبادل التجاري مع الصين على غرار التمويل بالدولار من حيث التعرف على المستفيد الأخير".