تقرير: ٨ آلاف قتيل أمريكي في العراق و"تغيير" النظام الإيراني صار مقبولا
شفق نيوز/ اعتبر "معهد أبحاث السياسات الخارجية" الامريكي ان حرب العراق كانت بالنسبة إلى الأمريكيين اكثر دموية مما كان متوقعا، لكنها كانت بمثابة مغامرة امبريالية بعيدة المدى، سيكون تأثيرها محدودا على عرض القوة الامريكية في المستقبل، مشيرا إلى أن فكرة "تغيير النظام" في طهران صارت مقبولة أكثر، وأن ذلك ان حدث، سيكون لها تأثير إيجابي على التقدم السياسي في بغداد.
وبعدما أشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ إلى أن الحقيقة التقليدية تتحدث عن نحو 4 آلاف قتيل من الجنود رجالا ونساء، كشف أن هذا الرقم مجرد جزء من الحقيقة، إذ إن الرقم الحقيقي عندما تتم اضافة عدد المقاولين والمدنيين الأمريكيين الذين قتلوا، فإن العدد يقترب من نحو 8 آلاف قتيل، فيما اصيب عشرات الالاف بجروح غيرت حياتهم وعائلاتهم، كفقدان الاطراف او العيون او حروق الوجوه.
وتابع التقرير؛ ان العديد من المحاربين القدامى الذين اصيبوا بشكل خطيرة، وهناك عشرات الالاف منهم، وغالبيتهم ينتمون الى الطبقة العاملة، والتي لا تتفاعل معها النخبة السياسية في واشنطن. وبالاضافة الى كل ذلك، فان العراق نفسه شهد مقتل مئات الالاف من الاشخاص.
وذكر التقرير انه رغم ان حرب العراق تعتبر أهم بكثير مما كان يفترض من حيث الخسائر الامريكية، الا انه ظهر انها اقل اهمية من الناحية الجيوسياسية، موضحا ان العراق كان بمثابة مغامرة بعيدة المدى شبيهة بالمغامرة الامبريالية التي انحرفت عن طريقها، رغم ما لدى الولايات المتحدة من موارد طبيعية واقتصادية وموقع جغرافي تحسد عليه.
وبرغم إشارة التقرير إلى أن مؤسسة الدفاع الامريكية ربما تكون قد تأخرت في التخطيط واقتناء الاسلحة اللازمة لردع الصين بسبب عقد من مكافحة التمرد في الشرق الاوسط (بما في ذلك أفغانستان)، الا انه اعتبر ان التقدم الأمريكي في هذا المجال كان ثابتا ويثير الإعجاب.
وتابع التقرير؛ أن ما سيكون مثيرا بالنسبة الى المؤرخين مستقبلا عندما ينظرون الى الوراء هو أنه برغم الاخطاء الفادحة في العراق وفيتنام، الا ان "الامبراطورية الامريكية"، تتقدم إلى الأمام، مشيرا إلى أن أخطاء فادحة بهذا الحجم كهذه، كانت ستصيب القوى الصغيرة والمتوسطة بالشلل، لكن ذلك لم يحدث مع الولايات المتحدة.
وبعدما أشار إلى الإحباط الموجود في واشنطن، والى ان الولايات المتحدة عاشت نحو عقدين من الزمن في ظل الفشل العراقي، إلى أن قامت روسيا بغزو أوكرانيا، حيث ان هجوم فلاديمير بوتين على اوكرانيا ادى الى تجدد حمى الحرب في واشنطن.
ولفت التقرير إلى أن المسألة لا تتعلق بان دروس العراق قد تم تجاهلها، مشيرا إلى أن هناك مجموعة من اليمين الجمهوري تشعر بأنه على الولايات المتحدة ان تكون اكثر حذرا في أوكرانيا، لكن كثيرين في واشنطن يريدون من إدارة جو بايدن إرسال المزيد من الاسلحة بشكل أسرع.
وتابع قائلا إن قيام البيت الأبيض بإرسال اسلحة بعشرات المليارات من الدولارات إلى أوكرانيا، دون المجازفة بحياة جندي أمريكي، وفي ظل الحرص أيضا على عدم السماح بتمدد الحرب، ربما يكون قد حقق التوازن بشكل صحيح.
ولهذا، اعتبر التقرير انه في حال ظل الوضع قائما، فإن ذلك "يعني أن دروس حرب العراق قد تم دمجها في عقلية السياسة الخارجية لواشنطن".
واضاف التقرير؛ ان النظرة الى حرب العراق ستتغير مجددا في حال واجهت إيران اضطرابات، موضحا أن تعبير تغيير النظام لم يعد كلمة قذرة فيما يتعلق بطهران، وانه بالامكان تصور انهيار نظام الملالي فيها في غضون سنوات قليلة.
وتابع قائلا انه عندما يكون عدم الاستقرار العام في العراق والأداء السيئ لديمقراطية العراق، لهما علاقة كبيرة بالتدخل الإيراني في شؤون العراق، فان نظام حكم جديد في طهران، قد يؤدي إلى تحقق تقدم سياسي أكبر بكثير في بغداد.
اخيرا ، في حين أن حرب فيتنام، التي حدثت في عصر التجنيد الجماعي، غيرت أمريكا وثقافتها، فإن حرب العراق ، التي حدثت في عصر جيش المتطوعين بالكامل، غيرت واشنطن بشكل اساسي فقط. نجم صعود دونالد ترامب بشكل هامشي فقط بسبب حرب العراق. (كان السبب الأكبر - ولكن ليس السبب الوحيد - هو الاضطراب في سوق العمل الناجم عن اندماج الصين في الاقتصاد العالمي.) ساعدت فيتنام في ولادة موسيقى الروك، و السياسات الراديكالية ، وفكرة ان الحكومة، التي حصلت على البلاد خلال فترة الكساد والحرب العالمية الثانية، وارسلت رجلا إلى القمر، لم يعد من الممكن الوثوق بها بالكامل بعد الآن.
وفي حين لفت التقرير الى التغيير الثقافي والسياسي الذي أحدثه حرب فيتنام في داخل امريكا، اعتبر ان حرب العراق على النقيض من ذلك، كانت آثارها الثقافية محدودة، لكنه أشار إلى أنها تسببت في ظهور فصائل جديدة في واشنطن، وهو تغيير يمكن أن تكون لها تداعيات عالمية.
وتابع قائلا إن حرب العراق كانت السبب في انجراف عناصر من اليمين الجمهوري في واشنطن نحو الانعزالية الجديدة، وان العراق كان هو الذي يساعد، جزئيا، في اتباع الرئيس بايدن سياسة الحذر في ارسال اسلحة الى اوكرانيا، حتى لا يسمح بانتشار الحرب الاوكرانية الى دول حلف "الناتو". واكد التقرير ان "العراق سيظل حكاية تحذيرية لسنوات قادمة".