وما أدراك ما التصنيف؟
عائشة سلطان
وما أدراك ما التصنيف؟
تصنيف الناس بحسب المكانة الاجتماعية، ومكانة العائلة والثروة و… أمر معروف منذ أزمنة قديمة، وهو ما يسميه علماء الاجتماع التقسيم الطبقي للمجتمع، وبسبب الثراء الطارئ، وفرص الكسب الكثيرة فقد أصبحنا مغرمين بتصنيف بعضنا بعضاً طوال الوقت، وفق ذلك التصنيف القائم على المزاجية أحياناً، والنظرة القائمة على المصالح غالباً، واعتماداً على ما نراه ظاهرياً لا على أساس ما نعلمه على وجه الدقة.
والناس في كل مكان مصنفون دائماً شاءوا أم أبوا، بحسب انتماءاتهم السياسية، ومكانتهم الاقتصادية، وبحسب مستوى التعليم، والثقافة، الدين والمذهب والطائفة، أما في مجتمعات الاستهلاك فقد أصبحت الموضة والأزياء والأسماء التجارية اللامعة والأمكنة، التي يترددون عليها، معياراً حاضراً في التصنيف كذلك.
فإذا كنت تلتقي بأصدقائك، وتشرب قهوتك في أحد مقاهي المركز الفلاني، وكنت تتابع آخر صيحات بيوت الأزياء وتقتنيها دون تردد، وتسافر مستخدماً درجة رجال الأعمال غالباً، ومن بين معارفك وأصدقائك فلان وفلان، فأنت صاحب ذوق رفيع، ومن صفوة المجتمع، ما يعني أنك صاحب ثقافة ومكانة عالية، تجعل كثيرين يفعلون الكثير ليصلوا إليك!
هل يبدو لك هذا التصنيف رجعياً بعض الشيء؟ نعم، لكن الواقع يؤكد أن كثيرين يفكرون بهذه الطريقة، وهم يؤمنون بهذا التصنيف أو هذه الرؤية للناس في أيامنا هذه، فإذا تساءلت لماذا ينشغل الناس بتصنيف غيرهم بهذا الإصرار والاهتمام؟ هل هو الفراغ، الفضول، التفاهة، فزد على ذلك أن كثيراً من العلاقات والمصالح مبنية على ذلك أيضاً!
والحقيقة أن التصنيف لا يضع المهتمين به في دائرة الاتهام، لكنه يضع عبئاً على عاتق الكثيرين والكثيرات ممن يطمحون إلى الانتماء إلى الطبقات المفضلة، وصاحبة الحظوة، وطالما أن جداول التصنيف لديها معايير أصبحت معروفة، تتعلق بالمظاهر والممتلكات، فإن الطموح والشغف في التواجد، ضمن هذه الطبقات، وامتلاك ما يمتلكون يدفع أو دفع الكثيرين للشعور بالغيرة، والإصرار على الحصول على المال والشهرة، للانضمام لمجتمع النخبة والأسماء الرنانة، فكيف يحققون ذلك؟