ساعي البريد
نداء عبدالوهاب
ساعي البريد
*ماذا نفعل عندما يضيق بنا الحاضر ..نتوقف قليلا لنعود الى الماضي نبحث عن بائع الصميط ..عن ساعي البريد .. عن حكايانا مع احبة فارقونا وعن مقالب وقعنا بها ..الماضي حافل بكل ماهو نابض على طول السنين ..نبقى نتذكره وتؤانسنا حكاياه..غلبتنا العولمة وصارت حياتنا الكترونية ..
*هل تذكرون رجل كانت بيده حقيبة تحمل الاشواق والمحبة من كل مكان على دراجته ننتظره بلهفة لعله يدق ابوابنا ليمد يده بظرف ازرق ونودع ذلك الرجل بابتسامة عريضة وامتنان ..
ساعي البريد.....
لاأفتا اتذكر ماضي الايام الجميلة... هل تشعرون مثلي بهذه الحمّى تنتابكم بين الحين والحين ....ام انا وحدي في هذا الوادي ..هل افلاس الحاضر من المعاني الجميلة والمشاعر العميقة والحقيقية هو سبب ..؟
ام هي مشاهد تفرض نفسها على صفحات ذكرياتنا يفتقر لها الحاضر ..؟
لقد ترك الوظيفة..و دراجته.. وملابسه الرسمية.. ولاننسى الحقيبة ..ولم يستلمها من بعده احد..نجدها الان في متحف ايام زمان ..
خلاصة الكلام لقد حلت الرسائل الالكترونية محل ساعي البريد ولكن فقدت الرسائل اليد التي تسلمها بابتسامة ودودة وفقدت التحية واللهفة والفرحة والدراجة الهوائية وزي ساعي البريد وحقيبته المليءة والمثقلة بالاف من كلمات الشوق والمحبة ومشاعر اخرى يفهمها من واكب ايام زمان ..ساعي البريد هذا الموظف الذي طالما انتظرته قلوب الامهات والاباء
وانتظرته قلوب العشاق بلهفة
وانتظره الاطفال ليفوزوا بمحبة من ينتظر الظروف الزرقاء
وانتظره من كانوا في المواضع في جبهات القتال ينتظرونها مثلما ينتظرون الموت في كل لحظة
وتبقى بين ايديهم و مع قلائدهم التعريفية او في جيب قرب قلوبهم تنبض حتى بعد موتهم
تذكرتم الان ساعي البريد ..تحيتي له....
حين كنا صغارا..كنا نتسابق لاستلام الرسائل من ساعي البريد نتعثر ..تارة وتارة اخرى نفوز باستلامه ومنا من يسقط باكيا من الم ومنا من يهلل فرحا بفوزه ...كانت الرسائل تنقل لنا الافراح تاتي مهللة من الاف الاميال وكذا الاحزان ..تاتي نشعربالكلمات تقطر دموعها .ونشعر بالشوق من حرارة الكلمات ونشعر بلهفة اللقاء المرتقب ..مشاعر البعد عن الوطن..والسلام لارض الوطن ..والحب لتراب الوطن..
ساعي البريد مضى ولن يعود...