تساؤلات حول حرق القرآن الكريم في السويد!
علي الكاش
تساؤلات حول حرق القرآن الكريم في السويد!
قال وزير خارجية فنلندا:عجبا! الذي يسب يهوديا يتهم بمعاداة السامية، والذي يسب امرأة يتهم بالتمييز الجنسي، والذي يسب اسود البشرة يتهم بالعنصرية، والذي يسب الشواذ يتهم بعداء المثلية، أما الذي يسب مسلما فيدخل في حماية حرية التفكير".
استمرت الحملات المسيئة للقرآن الكريم والنبي (صلى الله عليه وسلم) والإسلام بوتيرة متصاعدة في الغرب سيما من الأحزاب اليمينية المتطرفة، على الرغم من التظاهرات والمقاطعات في الدول الإسلامية التي لم تسفر عن شيء مهم، ولم تتمكن من وقف جماح جائحة الإساءة للقرآن الكريم، بل حتى أبسط أنواع ردٌ الاعتبار أي بالاعتذار، امتنع عنه معظم زعماء الغرب بحجة حرية التعبير، مع إن حرية التعبير لا تعني ولا تُفسر بجرح مشاعر الآخر. حرية التعبير أن تحترم مشاعر وآراء الآخرين، وهم بدورهم يبادلونك احترام مشاعرك وآرائك. كفتان متعادلتان وفق مفاهيم حقوق الإنسان والقانون الدولي ومعايير الأخلاق وليس معيار القوة والغطرسة.
لم يفكر الغرب لماذا يحترم المسلمون كنبهم المقدسة، ولم يجرأ أي مسلم على القيام بمثل ما يفعله المتطرفون من حرق الكتب المقدسة، انه احترام من طرف واحد لا يستحقوه. مع اننا تعلمنا من الأدب الكلاسيكي الفرنسي حكاية تقول انه أحدهم صفع شخصا لا يعرفه، ولما سأله عن السبب، قال له: انها حريتي الشخصية. فأجابه: لكن حرية يدك تنتهي، عندما تبدأ حرية وجهي.
مع صبيحة عيد الأضحى المبارك عام 2023 قدم لاجئ عراقي في السويد طلبا الى الحكومة السويدية لأحراق نسخة من القرآن الكريم أمام المسجد الكبير في العاصمة السويدية، وحصل على موافقة قاضي سويدي بذريعة حرية الرأي، وتم الفعل الشائن بحماية الشرطة السويدية، مما أثار حفيظة الرأي العام العالمي والإسلامي، وتوعد اللاجئ العراقي (سلوان موميكا) بحرق العلم العراقي ونسخة من القرآن الكريم أمام السفارة العراقية في السويد خلال أيام قادمة. وهنا لابد من ملاحظة النقاط التالية:
أولا: ، ان اللاجئ العراقي من قادة الميليشيات الإرهابية (حركة بابليون) التي يقودها ريان الكلداني المصنف على قائمة الإرهاب الدولي، وقد اعترف سلوان بأنه على علاقة وثيقة بكتائب حزب الله العراقي المصنف على قائمة الإرهاب الدولي، اليس من العجب ان يحصل هذا الإرهابي على حق اللجوء في السويد، في حين رفضت السلطات السويدية منح اللجوء لعدد من الدبلوماسيين العراقيين؟
ثانيا: من المعروف ان القانون السويدي يمنع ازدراء الأديان وإشاعة الكراهية، فهل يجهل القاضي الذي منح سلوان حق التعبير كما زعم هذا النص القانوني؟
ثالثا: هل يجوز لأي قاضي في السويد ان يضع بلده على حافة بركان ثائر بحجة حرية التعبير، وهل هذا الفعل كان من مصلحة السويد؟
رابعا: سبق أن احرق رجل من أصول دنماركية وسويدية نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة التركية في ستوكهولم، فاتخذت حكومة اوردغان قرارا بعدم منح السويد الحق في الانضمام لحلف الناتو، واليوم تتكرر نفس المسألة، الا تعتقد السويد انها تؤمن الحماية لحزب العمل التركي المعارض المصنف إرهابيا من جهة، وتعتدي على دستور المسلمين من جهة ثانية، وهذا سيؤزم الموقف مع تركيا.
خامسا: اليس من العجب ان تضحي السويد بأمنها القومي للانضمام لحلف الناتو بقرار اتخذه احد القضاة بحجة حرية التعبير.
سادسا: هل يجيز القضاء السويدي معاداة السامية مثلا تحت نفس الذريعة أي حرية التفكير، ام تعتبر جريمة نكراء؟ ولو طلب المعتوه سلوان حرق علم المثليين، هل سيوافق القضاء السويدي على ذلك؟
سابعا: الا يمكن ان يكون القاضي عنصريا او معاديا للإسلام، فمنح سلون الحق بحرق نسخة من القرآن الكريم؟ اليس من الأجدى ان تحدد مهام القضاء بأن لا يعرض أمن السويد الى الخطر.
ثامنا: كان شيخ المسجد الكبير بمنتهى الذكاء عندما اخرج المصلين من الباب الخلفي لكي لا يصطدموا مع المعتوه سلوان والشرطة السويدية التي تحميه، ولكن تحت حجة حرية التعبير، فرضا لو قال الخطيب لجمهور المصلين ( انصروا كتاب الله من الحرق، وسمح لهم بالخروج من الباب الرئيس) لكانت هناك مجزرة كبرى بين المصلين ورجال الشرطة السويدية. هل قدرت الحكومة السويدية العواقب لو كانت ردة فعل الخطيب هكذا؟
تاسعا: استنكرت الحكومة السويد فعلة سلوان كأن الأمر حدث في بلد آخر، نقول للحكومة السويدية ( بدلا من ان تلعنوا الظلام، اشعلوا شمعة)، لو اتخذت الحكومة السويدية قرارا بعدم حماية الشرطة للمسيئين للديانات، هل كان أحد يجرأ على مثل هذا الفعل؟ بالطبع لا أحد.
عاشرا: ان تأمين الحكومة السويدية الحماية لمن يطعن في الأديان كما فعلت مع سلوان هو ما يشجعه هو وغيره على الإساءة للقرآن الكريم، فلا تقبل حجة الحكومة السويدية باستنكار الفعل، هذا ضحك على الذقون.
احد عشر: لو كانت ردة فعل الدول الإسلامية قوية، لما تجرأت الحكومة السويدية او القضاء السويدي على منح قرارات بالإساءة الى الأديان.
اثنى عشر: عندما يقوم فرد ما بالإساءة الى مشاعر مليار ونصف مسلم بحجة حرية التعبير، فهذا امر لا يتوافق مع المنطق. ليس من المنطق ان تمنح حرية تعبير لشخص كي يهين مليار شخص. اين العدالة في المسألة؟
ثلاثة عشر: طالما ان المجرم العراقي مسيحي، الديانة وصرح بأنه ملحد وضد الأديان، فلماذا لم يحرق الانجيل باعتباره الكتاب لمقدس للمسيحيين؟ ولماذا اعتدى على دين آخر لا يمت له بصلة؟ بالطبع نحن لا تقبل بحرق الانجيل ولا أي كتاب مقدس لقوم ما، ولكن نحاجج هذا المعتوه فقط.
أربعة عشر: يبدو ان افضل طريقة في السويد للحصول على اللجوء:
أولا: إهانة الدين الاسلامي، فتتوفر الحجة لللاجئ بأنه سيتعرض للخطر لو عاد الى بلده، فيحصل على مراده.
ثانيا: يزعم انه مثلي، وان قانون بلده يجرمه، فيحصل على اللجوء بسهوله.
أربعة عشر: هل كسبت أم خسرت السويد من فعل العراقي المعتوه؟
الحل
لو استدعت وزارت خارجية الدول العربية والإسلامية السفراء السويديين المعتمدين فيها وهددتهم بأن تكرار حرق القرآن الكريم سيترتب عليه قطع العلاقات الدبلوماسية، لن تجرأ السويد على تكرار تلك الإساءة، بل فقط لو فعلتها تركيا او السعودية او مصر، لتوقفت السويد عن الفعل الشائن وانتهت المسألة.
الخاتمة
هنيئا للسويد على هذه الأصناف من اللاجئين التي تمنحهم اللجوء ومنهم زعماء ميليشيات ومافيات وقتلة، ولصوص، فالمستقبل واعد لهذا البلد المتحضر، وغدا لناظره لقريب.
علي الكاش