ذاكرة البصرة - سياحة في خريطة بريطانية شارع اوكسفورد البصراوي ــ من تسميات الاحتلال البريطاني الأول
محمد سهيل احمد
ذاكرة البصرة -سياحة في خريطة بريطانية شارع اوكسفورد البصراوي ــ من تسميات الاحتلال البريطاني الأول
• وكما يتضح من الخارطة فهو يخترق محلة الكزارة ويعد امتدادا لشارع الاستقلال وهي آخر التسميات التي رسخت من بعد اكثر من تغيير.
**على مقربة من الشارع ندلف الى ساحة ام البروم الشهيرة التي كانت مقبرة لفقراء المدينة فيما مضى من السنين .
الصورة المرفقة لخريطة بريطانية المصدر يبدو ان تاريخها التقريبي يعود الى فترة الاحتلال البريطاني الكامل ليس للبصرة فقط بل لبغداد العاصمة التي دخلها من بوابة باب المعظم الجنرال البريطاني ستانلي مود سنة 1917 . وبقدر تعلق الامر بالخريطة فإنها تغطي محلة الرباط الصغير شمالا ( اقرأ ما هو مكتوب عليها باللغة الانكليزية ) .
اما جنوبا فالخريطة تشمل ما اسمته بشارع ( اوكسفورد ) المحصور بين جسر الخندق شمالا وجسر المتصرفية جنوبا . وهو الجسر الذي اطلق عليه الانكليز تسمية ( باريت Barett ) نسبة لأحد قادة الاحتلال الانكليزي وقتذاك . وتمتد الخريطة باتجاه ما يسمى حاليا بشارع الاستقلال لتنتهي بجسر الخورة حيث نقرأ عبارة ( قرية الكزارة Gazarasi village ) وهي التسمية التي بقيت تحمل الطابع التركي في التسميات ذلك لأن شارعي الاستقلال والكورنيش احتشدا قبل الاحتلال بسرايات الوجهاء العثمانيين والمعسكرات والمستودعات ذات الطابع اللوجستي والاداري .ويبدو ان الانكليز اضافوا اليها كلمة قرية لأن الكزارة المتداخلة مع منطقة البريهة كانت عبارة عن مجموعة من بساتين النخيل والانهر الصغيرة ( الجداول ) ، والأمر نفسه ينطبق على ( المناوي باشا ) حيث نقرأ عبارة Mannawi Village ) ـ قرية المناوي بحكم وجود عدد من بساتين النخيل ــ التي امكنني الاستدلال عليها من واقع سكني في حي المناوي ــ اضافة لعدد من الجداول المتفرعة من شط العرب بحكم التجاور.
ماذا نقرأ على الخريطة ايضا ؟
بالإمكان ان نقرأ تسميات ترجمت الى اللغة العربية مثل جسر ( وايتيلي ) نسبة الى شركة وايتيلي البريطانية Whiteleyالتي اسهمت في الجهد الهندسي الذي رافق الحملة البريطانية واعقبها في آن معا . كما نقرأ تسمية جسر باريت او المتصرفية فيما بعد .وكذلك نقرأ التسمية التي استحدثها الانكليز للجسر المقام على نهير المناوي المندرس ــ والذي عشت شخصيا على ضفته الجنوبية ــ والذي يتجه على نحو افعواني ملتو جنوبا باتجاه منطقة ( البنكية ) القريبة من نهر الخورة . وايضا نقرأ بحروف صغيرة الحجم تسميات ذات طابع هندي مثل ( طريق جايبر Jaipur Road ) والتسمية هندية لاشك انها اطلقت على اسم احد القادة الهنود ومثلما يتضح من الخارطة فهو يخترق محلة الكزارة ويعد امتدادا لشارع الاستقلال وهي آخر التسميات التي رسخت من بعد اكثر من تغيير . ومثلما نلاحظ حضور عدد من الكلمات المدرجة على الخريطة باللغة الانكليزية ، فاننا نقرأ بعض التحديدات مثل (طريق الساحل Strand Road ) وهو الطريق الذي يمتد للبصرة القديمة وعبره جيء بأسرى القوات العثمانية الى سجن القشلة التي ستصبح في المستقبل علاوي لبيع الخضار بالجملة بعد ازالة مبنى القشلة تماما !
الباورهوس
كما نشاهد على الخريطة موقع البريد القديم المطل على نهر العشار وبالضبط على طريق الساحل القادم ابتداء من الموقع الراهن تمثال السياب باتجاه البصرة القديمة غربا .
الاعدادية المركزية بالبصرة شارع اوكسفورد قديما
ونعود لشارع اوكسفورد العتيد فأن تسميته جاءت تيمنا بمدينة اوكسفورد الانكليزية والتي تضم واحدة من اعرق الجامعات البريطانية الا وهي جامعة اوكسفورد التي اسهمت في تخريج الاف الرموز الثقافية والعلمية والاقتصادية من شتى بلدان العالم .كما ان اوكسفورد واحد من ابرز شوارع العاصمة البريطانية ( لندن ) . لكن شتان مابين اوكسفورد الانكليزية واوكسفوردنا البصري الذي يعد تاريخا عبرت من خلاله ملايين البطون اللاهثة وراء لقمة العيش المتوزعة على اسواق العشار والمقيمة في اطلال محلة البجاري العريقة والمندثرة العمارة بحكم الزمن والحافلة بالمطاعم والمقاهي والمطابع ومصلحي الساعات ومحلات بيع التبغ في الخمسينيات والستينيات والفنادق المتصدعة الجدران ومحلات الخياطة والمكتبات الدينية والأدبية ناهيك عن محلات بيع الملابس والأحذية والملابس باتجاه سوق المغايز او سوق الهنود الذي أمسى بلا هنود !
زرزور ابو الحب
عرف شارع اوكسفورد البصري بمحل ( زرزور ) بائع الحب والكرزات والذي افتتحه اثر فوزه بإحدى بطاقات اليانصيب . وعلى مقربة من الشارع ندلف الى ساحة ام البروم الشهيرة التي كانت مقبرة لفقراء المدينة فيما مضى من السنين .كما ان محلة البجاري تطل من جهة الشرق على شارع اوكسفورد بأزقتها المتعرجة تحت شرفات شناشيل متهاوية وبالقرب من مطابع تعمل بالجملة والقطاعي ومحلات لتجليد الكتب ومطاعم صغيرة تبيع الفلافل والكبة .
اما غربا فتحاذي خطانا سينما الحمراء القديمة الشتوي التي سميت فيما بعد بدار سينما ( الكرنك ) والتي ازيلت هي بدورها وعلى مراحل مثلما نمر بمركز شرطة البلدة الذي تجاوره مديرية ( الهلال الاحمر ) ومن ثم ينعطف الشارع مع انعطافة مبنى المتصرفية الحكومي .كما لا ننسى محل احذية باتا المجاور لمحل زرزور ابو الحب والذي توقف عن بيع الكرزات من بعد وفاة صاحبه .
كما لا ننسى مقهى ( حبش ) المطلة على نهر العشار شرقي جسر باريت او المتصرفية سابقا .مثلما لا ننسى مبنى الاعدادية المركزية ومقام ( عبد الله بن علي ) قبالة ساحة الفراهيدي التي يجهل تسعة وتسعون بالمائة من المارة بالشارع ــ وأنا واحد منهم ــ من هو الفراهيدي مثلما تجهل القلة القليلة انه في يوم ما كان الشارع المحصور بين نهر الخندق والعشار كان يسمى بشارع اوكسفورد !