الفتاوى الثلاث المقدسة التي دمرت العراق
علي الكاش
الفتاوى الثلاث المقدسة التي دمرت العراق
في نقاش مع أحد الأصدقاء في مكتبة الشهيد عدنان رحمه الله، تحدثنا عن الاحتلال الأمريكي للعراق وتداعياته المستقبلية على البلد، والنهج الطائفي الذي تنتهجه مرجعية النجف من جهة، والعملاء العراقيون المستوردون من الولايات المتحدة ولندن وايران وسوريا وكندا وغيرها، فالضغط الطائفي أخذ في التصاعد بشكل لا يمكن تصوره، وتهميش غالبية الشعب العراقي لا يمكن قبوله، وقد بدأ التهميش منذ كتابه الدستور المسخ واستبعاد أهل السنة واغتيال اثنان من الأعضاء المهمشين أصلا، وانتداب المرجعية ثلاثة من وكلائها في لجنة صياغة الدستور، كانت لجنة صياغة الدستور تضم (55) عضوا، منهم (28) من الاتلاف الشيعي، و(15) عضوا من الحزبين الكرديين الرئيسين، و( أعضاء من قائمة العراقية بزعامة أياد علاوي منهم(2) من أهل السنة، و(4) أعضاء من الأقليات. وتم اغتيال ممثلو أهل السنة من قبل الأحزاب الشيعية وهما (د. ضامن حسن العبيدي) و (د. مجبل الشيخ عيسى، مما حدا بكتلة الحوار الوطني بتعليق المشاركة في اللجنة. لذل فـم مسؤولية العثرات والاخفاقات في النصوص الدستورية تتحملها ثلاثة أطراف: مرجعية النجف، الأحزاب الشيعية، والأحزاب الكردية واليوم يعض الشيعة والكرد اصابعهم على ما اقترفوه من آثام دستورية سيما ما يتعلق بالمادة (140). ومن فضائح لجنة صياغة الدستور ما كشفه القيادي الشيعي باقر جبر صولاغ " إن أعضاء لجنة كتابة الدستور تمّ الضحك عليهم بأن يأخذوا علناً 150 ألف دولار أميركي، وان اللجنة لم تكتب الدستور بالإكراه أو تحت التهديد، بل بعد استلام الأموال". وتلته فضيحة ثانية كشفها الوزير السابق وائل عبد اللطيف بقوله" أن الدستور الذي كتبناها كان بـ (139) مادة، لكن عندما نُشر بجريدة الوقائع العراقية فقد ظهر بـ (144) مادة".، ولم يفتح ملف هذه القضية لحد الآن، فمن أضاف تلك المواد؟ يقال والله أعلم ان مرجعية النجف هي من أوعزت بإضافتها.
علاوة على النهج من قبل العمالة المستوردة على الأفكار العروبية والقومية، وتصاعد الهجمات الإعلامية على عدد من الدول العربية بمبرر او بدونه، من ثم تصاعد الإشادة بالدور الإيراني، وتوغل الأفكار الخمينية بين غالبية شيعة العراق، حتى ان أحد ابرز الإعلاميين الأمريكان، علق: كأننا حررنا العراق من اجل ان يلطم الشيعة.
ما أثار عجبي ان أحد المحاورين الشيعة قال كلمة انزعج منها البعض وهي " لا تقوم للعراق قائمة إذا لم يتخلص من عقدة الامام الحسين ومراسيم عاشوراء، وتقليد المراجع الأجنبية، والتبعية لإيران". وقد أثبتت الوقائع اللاحقة صدق مقولته، فقد اتخذت مراسيم عاشوراء منحنى لا يمكن تصوره وقبوله، فليس كل العراقيون شيعة، وليس كل الشيعة تؤمن بهذه المراسيم المتعارضة مع الشرع الإسلامي. ومن يعتبر ان ما يقدم للزوار الأجانب من نقل ومنام واكل وشرب وتدلين الاقدام وتقبيل الأحذية كرم عراقي للزوار، نقول له" كلا هذا حمق وجهل واستحمار. والا لماذا لا تقوم ايران بنفس الواجب مع العراقيين الذين يزورون مشهد الرضا؟ هل من تفسير مقبول، او ان الإيرانيين ليسوا كرماء كالعراقيين؟
فتاوى القتل والنهب المقدسة
أولا: قتل النواصب
بعد تهميش أهل السنة واغتيال أئمة المساجد والعلماء والأطباء والقادة العسكريين والبعثيين السنة، لم تكتفِ الأحزاب الشيعية وجيش الإرهابي بالحصيلة النهائية من القتلى التي تجاوزت عشرات الآلاف، سيما ان المناخ السياسي يساعد على القيام بمجزرة أكبر، سيما ان القوات الامريكية تعتبر أهل السنة مقاومين لوجودها، وان عمليات قتلهم تصب في صالحها، لذلك غضت النظر عن إبادة أهل السنة، ولم تحرك ساكنا، بمعنى ان تشجع، فالسكون علامة الرضا، علاوة على الحقد الإيراني على العراق عموما، ومحاولة نثر بذور الطائفية في المجتمع العراقي، ووخز المرجعية تحت شعار نصرة المذهب، أعلن رئيس الوزراء الخبل إبراهيم الجعفري الحرب الأهلية عامي 2016 ـ 2017 بحجة تفجير العتبات الشيعية في سامراء، والتي نجم عنها:
ـ القتل على الهوية.
ـ مصادرة العتبات في سامراء وضمها الى الوقف الشيعي، بعد ان كانت عائدة للوقف السني لأكثر من ألف عام..
ـ السيطرة على سامراء من قبل جيش المهدي، واغلاق الأسواق والمقتربات من العتبات، وخنق أهل سامراء بالتضييق عليهم.
كانت فتوى المرجع الشيعي (حازم الأعرجي) خطيب العتبة الكاظمية بقتل النواصب دون الحاجة الى فتوى لأن الفتوى موجودة، قد أججت من الحرب الأهلية، سيما ان القوات الأمية 95% منها من الشيعة، وقد وقفت مع الغوغاء في قتل أهل السنة، علما ان مرجعية النجف لم ترد على فتوى الأعرجي، بل التزمت الصمت، وقد كشفت الصحفية الشهيدة اطوار بهجت الخديعة لكن باقر الزبيدي والجنرال سليماني ، المتواجدان في سامراء اوعزا بقتلها، قبل افتضاح الأمر، مما يعني ان النظام الإيراني هو من افتعل التفجير الجريمة الارهابية وهذا ما افصح عنه لاحقا الجنرال الأمريكي ( باتريوس).
لكن هل كان حازم الأعرجي صادقا بوجود فتوى لقتل النواصب؟
الحقيقة المؤلمة ، نعم توجد مثل هذه الفتوى، فقد ذكرها العاملي والمجلسي وهما من كبار مراجع الشيعة، روى الصدوق طاب ثراه في العلل مسندا إلى داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في الناصب؟ قال : حلال الدم لكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل. قلت: فما ترى في ماله ؟ قال خذه ما قدرت". (وسائل الشيعة18/463). (بحار الانوار27/231). وقال الخميني "غيرنا ليسوا بإخواننا وان كانوا مسلمين.. فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم". (المكاسب المحرمة1/251). ربما يحتج البعض ان الامام واتباعه قالوا بالنواصب وليس أهل السنة. يجيبهم المرجع الشيعي الشيخ حسين بن الشيخ آل عصفور البحراني" أخبارهم عليهم السلام تنادي بأن الناصب هو ما يقال له عندهم سنيا، ولا كلام في أن المراد بالناصبة هم أهل التسنن". (المحاسن النفسانية في أجوبة المسائل الخراسانية/147). كان البحراني صريحا في شرح معنى النواصب.
ثانيا: سرقة البنوك واموال الدولة
يعتبر مراجع الشيعي ان أموال الدولة ومؤسساتها والأموال الموجودة في البنوك مجهولة المصدر، لذا اباحوا الاستيلاء عليه من قبل الشيعة، شريطة ان يدفعوا الخمس عنها للمراجع، وهنا الأصل في الإباحة، مع ان الأموال في البنوك هي أموال مودعين يستثمرون فيها او يحفظوها في البنوك، فهي ليست مجهولة المصدر كما يزعموا، وممتلكات الدولة هي أموال الشعب، فالدولة برئيسها ووزرائها ليسوا هم أصحاب الأملاك بل الشعب الذي يدفع المبالغ من ثروته الوطنية، فهي ملك للشعب بأجمعه، وليس طائفة معينة تستحوذ عليه، وهنا من ارجع كل ثروات العالم للأئمة والمهدي من بعدهم، كما ذكر السيستاني ومن سبقه، المهم ان يحصلوا على الخمس لبناء القصور في لندن وغيرها.
وهذه الأمر له أصل تأريخي، ولم يأتي ِ به المراجع المتقدمون، فقد ذكر الكليني والطوسي" عن أبي عبد الله الصادق، أنه قال: إن الارض كلها لنا ….فما أخرج الله منها من شيء فهو لنا… وكل ما في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون حتى يقوم قائمنا فيجبيهم طبق ما كان في أيديهم ويترك الارض في أيديهم، وأما ما كان في أيدي غيرهم، فإن كسبهم من الارض حرام عليهم". (الطافي1/408). (التهذيب4/144).
ولأن حكومة ما قبل عام 2003 تعتبر ناصبية من وجهة نظر المراجع الشيعية، فقد رجعوا الى رأي إمامهم بجمعه النواصب وأهل البغي معا" عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس (". (جامع أحاديث الشيعة8/532). لاحظ أيضا الخمس هو المهم في استباحة أموال غير الشيعة.
ثالثا: فتوى الجهاد الكفائي
من الفتاوي المثيرة للجدل فتوى الجهاد الكفائي، وهو جهاد يخالف ما جاءت به مراجع الشيعة، جاء في فتوى السيستاني في شهر حزيران 2014 " ان طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي، ومن هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس".
لاحظ لم ترد في الفتوى كلمة الجهاد، وانما الدفاع، ويفترض ان يكون حسب الفقه الشيعي دفاعا كفائيا، وما يؤخذ على الفتوى وما طبق بموجبها انه لم يرد فيها تشكيل هيئة مستقلة تسمى الحشد الشعبي، وانما الانخراط في القوات الأمنية، والاغرب منه ان المرجع هو الذي أضفى صفة (المقدس) على الفتوى، وهذا ما تشدق به الولائيون لاحقا. طالما انه تم الإعلان في الانتصار الساحق على فلول على داعش الإرهابي فيفترض بالمرجع ان يوقف العمل بالفتوى، وهذا ما لم يفعله لأنه حل الحشد كما قال الزعماء الشيعة بيد الجنرال المقبور سليماني والخامنئي.
كشف القيادي في تحالف الفتح، عائد الهلالي بتأريخ13/8/2023 " ان الولايات المتحدة الأمريكية ابتزت العراق بملف التسليح العسكري والجوي مقابل تفكيك الحشد الشعبي. وإن الأمريكان لغاية الان لم يعرفوا ان الحشد الشعبي المرتبط بالأمام المهدي من خلال الإمام خامنئي فوق العراق وأمنه وسيادته ولن يحل إلا بأمر من الإمام خامنئي حصرا".
اما الأكثر غرابة فهو ان العتبة الحسينية العائدة الى السيستاني شكلت الوية في الحشد الشعبي، بمعنى ان السيستاني لم يلتزم حتى بالفتوى التي أطلقها، ويزعم قادته انها انخرطت تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة، وهذا محض كذب، فهي ترتبط بالعتبة ولا علاقة لها بالقائد العام للقوات المسلحة الا من ناحية الرواتب والمخصصات والتجهيزات وغيرها من المستلزمات.