العراق يطلب من أميركا مليار دولار نقداً والأخيرة ترفض!
رووداو ديجيتال:يسعى العراق للحصول على شحنة خاصة بقيمة مليار دولار نقداً من البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، لكن المسؤولين الأميركيين امتنعوا عن الموافقة، قائلين إن الطلب يتعارض مع جهودهم لكبح استخدام بغداد للدولار ووقف التدفقات النقدية غير المشروعة إلى إيران.
منذ الغزو الأميركي للعراق قبل عقدين من الزمن، قدمت الولايات المتحدة 10 مليارات دولار أو أكثر سنوياً لبغداد على متن رحلات شحن نصف شهرية تحمل منصات ضخمة من النقد، مستمدة من عائدات مبيعات النفط العراقي المودعة لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي.
ويقول مسؤولون أميركيون إن الأوراق النقدية في أيدي العراقيين أصبحت مصدراً مربحاً للدولارات غير المشروعة للميليشيات القوية والسياسيين الفاسدين، وكذلك لإيران، حسب وول ستريت جورنال الاميركية.
ومن خلال تقديم طلب للحصول على شحنة إضافية بقيمة مليار دولار، يقول العراق إنه يحتاج إلى الأموال للمساعدة في دعم عملته المتعثرة.
العراق يقدم لأميركا طلباً رسمياً
قال مسؤول عراقي كبير إنه بعد أن رفضت الولايات المتحدة الاستئناف الأولي الذي تقدم به العراق الشهر الماضي، قدم البنك المركزي العراقي الأسبوع الماضي طلباً رسمياً، ولاتزال وزارة الخزانة تدرسه.
وتسلط المشاحنات التي تجري خلف الكواليس الضوء على اعتماد بغداد الفريد على الدولار والنظام غير المعروف لتزويدها بالعملة الأميركية الثمينة.
وتتدفق كمية هائلة من الدولارات عبر البنوك العراقية ومتاجر صرف العملات التي تخضع لقواعد تنظيمية "فضفاضة"، والتي يقول مسؤولون أميركيون وبعض المسؤولين العراقيين إنها مليئة بالمعاملات الاحتيالية وغسل الأموال.
منذ تشرين الثاني الماضي، منعت واشنطن 18 مصرفا عراقيا من التعامل بالدولار واعتمدت قواعد أكثر صرامة للتحويلات الإلكترونية بالدولار من بنوكها.
ساعدت صناعة النفط العراقية البلاد على جمع احتياطيات من الدولار تزيد عن 100 مليار دولار في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك.
إرسال نقد إضافي كبير يتعارض مع هدف واشنطن
وقال مسؤولون عراقيون إن مسؤولي الخزانة أبلغوا محافظي البنوك المركزية العراقية أن إرسال شحنة إضافية كبيرة يتعارض مع هدف واشنطن المتمثل في تقليل استخدام العراق للأوراق النقدية الأميركية لصالح المعاملات الإلكترونية التي يمكن تتبعها بسهولة أكبر.
مسؤولون أميركيون، قالوا ان هناك أدلة قوية على أن بعض الدولارات التي كانت تذهب إلى العراق تم تهريبها نقداً على مدى سنوات إلى إيران، وكذلك إلى تركيا ولبنان وسوريا والأردن، حسب الصحيفة الاميركية.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخزانة بشأن طلب النقد العراقي: "تواصل الولايات المتحدة دعم العراق بالأوراق النقدية بالدولار الأميركي ولم تقيد" الوصول إلى العراقيين العاديين والشركات.
وأوضحت: "سنواصل العمل مع زملائنا في البنك المركزي العراقي"، مضيفة أن الولايات المتحدة تدعم الخطوات العراقية "لتعزيز استخدام العملة المحلية داخل العراق".
رفض أميركا جوبه بغضب عراقي
أثار الرفض الأميركي الأولي غضب بعض المسؤولين العراقيين، الذين قالوا إنهم طلبوا مليار دولار إضافية من أموالهم الخاصة لأن الاحتياطيات النقدية للبلاد انخفضت بعد أن أدت محاولات واشنطن لتقييد تدفق الدولار إلى شراء الذعر للدولار واكتناز الدولارات في البورصات، حسب المسؤولين.
منذ تموز، قفز سعر صرف العملة غير الرسمي في العراق إلى 1560 دينارا مقابل الدولار، بعد أن كان 1470 دينارا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الواردات وأثار قلق المسؤولين العراقيين قبل انتخابات المحافظات المقرر إجراؤها في كانون الأول، علماً أن سعر الصرف الرسمي هو 1300 دينار للدولار الأميركي.
وأدى ضعف العملة العراقية إلى احتجاجات في بغداد أوائل هذا العام.
كان الهدف من قرار إغراق بغداد بالدولار خلال الاحتلال الأميركي الذي دام عقداً من الزمن، هو تحقيق الاستقرار في الاقتصاد العراقي الذي كان على وشك الانهيار بعد عقود من العقوبات والغزو القصير ولكن المدمر.
لم يكن لدى البنوك العراقية سوى القليل من علاقات المراسلة مع البنوك الدولية، إن وجدت، والتي كانت ستسمح لها بالحصول على الدولارات عبر القنوات التجارية.
فشل جهود عرقلة تدفق الدولارات غير المشروعة
ومن أجل توزيع الأموال النقدية، ابتكر المسؤولون العراقيون والمستشارون الأميركيون في أواخر عام 2004 ما يسمى "مزاد الدولار".
الجهود التي بذلتها إدارات أميركية متعددة منذ سنوات مضت لعرقلة تدفق الدولارات غير المشروعة قد باءت بالفشل، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن قطع الدولارات يهدد بإغراق الاقتصاد العراقي في حالة من الاضطراب.
في عام 2020، كانت آخر مرة انخفضت فيها الاحتياطيات النقدية العراقية بعد انخفاض قيمة الدينار، وافقت الولايات المتحدة على طلب إرسال أوراق نقدية إضافية.
قال مسؤول عراقي، إن بغداد وافقت في المقابل على النظر في تخفيضات طويلة الأجل في الشحنات النقدية وخطوات أخرى للحد من التدفقات غير المشروعة للدولار.
جاء الطلب الأخير وسط موجة من الاجتماعات بين مسؤولي وزارة الخزانة العراقية والأميركية، بما في ذلك رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، الذي التقى في نيويورك في 18 أيلول مع وكيل الوزارة بريان نيلسون وقبل ذلك بأسبوع في بغداد مع مساعدة وزير الخارجية إليزابيث روزنبرغ، التي ويشرف على جهود مكافحة تمويل الإرهاب.
نقص في النقد
يقول المسؤولون العراقيون إن لديهم نقصاً في الأوراق النقدية لأن البنك المركزي اضطر إلى ضخ المزيد من الدولارات في الاقتصاد العراقي في وقت سابق من هذا العام بعد أن ارتفع سعر السوق لتبادل الدولار بالدينار بشكل حاد رداً على الحملة الأميركية على تدفق الدولارات إلى الخارج.
أدت القواعد الأكثر صرامة بشأن التحويلات البنكية التي اعتمدها بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي العراقي في تشرين الثاني الماضي إلى حظر 80% أو أكثر من التحويلات البرقية اليومية بالدولار في العراق، والتي بلغ مجموعها سابقاً أكثر من 250 مليون دولار يومياً، في كانون الثاني وشباط بسبب عدم كفاية المعلومات حول وجهات الأموال أو أخطاء أخرى، وفقاً لمسؤولين أميركيين وعراقيين وبيانات حكومية عراقية رسمية.
رداً على ذلك، خفف البنك المركزي العراقي القواعد المتعلقة باستخدام البنوك للبطاقات النقدية المدفوعة مسبقاً، مما سمح لها بشراء الدولارات بالسعر الرسمي الأقل لتحميلها على البطاقات، وأدت هذه الخطوة إلى قيام البنوك بوضع مليارات الدولارات على البطاقات، التي تم تهريبها إلى خارج البلاد بأعداد كبيرة واستبدالها بالدولار خارج العراق، وفقا للسلطات العراقية.
للحفاظ على الدولار، قام البنك المركزي بتخفيض كمية النقد المباع بسعر الصرف الرسمي في المزاد اليومي للبنوك ومحال الصرافة بنسبة 30% أو أكثر وأصدر قواعد جديدة تهدف إلى إلزام استخدام الدينار في العديد من المعاملات المحلية.
وفي خطوة أخرى سعت إليها الولايات المتحدة، قال مسؤولو البنك المركزي في الأسابيع الأخيرة إنهم يخططون للتخلص التدريجي من السحب النقدي بالدولار من البنوك العراقية بحلول أوائل العام المقبل.
ورفض المسؤولون العراقيون الإفصاح عن مدى انخفاض احتياطياتهم النقدية، ويبلغ إجمالي احتياطيات العراق من الدولار لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أكثر من 100 مليار دولار معظمها من مبيعات النفط، لكن البنك المركزي العراقي احتفظ في الماضي بأكثر من مليار دولار نقداً في خزائنه في العراق.
وقال مسؤولون عراقيون إنه لا يزال من المقرر إرسال شحنتين نقديتين منتظمتين بالدولار الأميركي في وقت لاحق من هذا العام.