رسائل إيران من وراء هجوم "حماس"
هدى رؤوف
رسائل إيران من وراء هجوم "حماس"
شنت منظمة "حماس" الفلسطينية هجوماً عسكرياً على تل أبيب أدى إلى رد فعل إسرائيلي في المقابل ومستمر حتى اللحظة الراهنة.
وعملية "حماس" لها تداعيات سياسية وعسكرية، إذ جاءت بعد فترة من انقطاعها عن الهجوم على إسرائيل لدرجة اتهامها بأنها تحولت إلى جماعة تستهدف السلطة السياسية وتخلت عن نهج المقاومة ضد تل أبيب.
ونظراً إلى علاقات "حماس" الإقليمية مع الأطراف المعادية لإسرائيل والولايات المتحدة، واعتمادها على ما تقدمه إيران من دعم عسكري ولوجيستي، فثمة رسائل سياسية بعثت بها الأخيرة من خلال الهجوم العسكري القائم.
وفي حين أنكرت إيران وجود صلة بالعملية العسكرية فإن لها تداعياتها السياسية التي تخدم مصالح طهران، لا سيما مع تبني الأخيرة استراتيجية توحيد ساحات القتال ضد تل أبيب.
وفي البداية كان هناك رد فعل من قبل مسؤولي طهران، إذ أشاد المرشد الإيراني خامنئي بالعملية وكذلك بـ "حماس" لانتصارها الملحمي والزلزال المدمر الذي ألحقته بإسرائيل، وتحدث عن موت النظام الإسرائيلي، لكنه في الوقت ذاته حاول تأكيد عدم وجود علاقة بين إيران وساحة المعارك المفتوحة على مصراعيها في غزة، فقال إن "أنصار النظام الإسرائيلي والنظام نفسه ظلوا خلال الأيام القليلة الماضية يرددون الهراء، بما تضمنه من أن الجمهورية الإسلامية كانت وراء هذه الخطوة، إنهم يخطئون في حساباتهم".
كما قال يحيى رحيم صفوي، من الحرس الثوري، خلال اجتماع عقد لدعم الأطفال الفلسطينيين في طهران نقلته وكالة الأنباء الطلابية، "ندعم هذه العملية العسكرية".
كما أشاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كناني بالهجوم على إسرائيل، وقال "إن عملية اليوم شكلت صفحة جديدة في مجال المقاومة والعمليات المسلحة ضد المحتلين، ولقد حققت المقاومة حتى الآن انتصارات باهرة خلال هذه العملية، وهذه نقطة مضيئة في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني".
وخلال جلسة للبرلمان هتف المشرعون الإيرانيون "تسقط إسرائيل وتسقط أميركا ومرحباً بفلسطين".
ومن المعروف العلاقة التي نسجتها إيران مع الفاعلين من دون الدول والجماعات المسلحة في الدول العربية، إذ قدمت لهم الدعم المالي والعسكري والتدريبات على نحو جعلها تخلق كيانات موازية لمؤسسات الدولة حاولت أن تتخطاها، وكذلك كانت العلاقة مع "حماس" مفتاحاً رئيساً لإيران للتأثير في القضية الفلسطينية على النحو الذي يجعلها تمد نفوذها وأوراق الضغط في مواجهة إسرائيل وواشنطن.
كما أن العلاقة مع "حماس" تجعل إيران تبدو كمن يتبنى قضايا الأمة الإسلامية، وأنها لا تقتصر على قضايا الشيعة فقط، لكن بالنظر إلى موقف إيران من القضية الفلسطينية نجد أنها لم تقدم تصوراً أو مبادرة لحل الصراع على غرار كثير من الدول العربية، مثل المبادرة العربية عام 2002، بل اقتصر دورها في دعم القضية على تقديم الدعم العسكري لـ "حماس" وتصريحات تتوعد إسرائيل بالنهاية.
وفي سياق إقليم يشهد تطورات مغايرة ومتسارعة، أهمها الدور السعودي الهادف إلى تسوية الصراعات الإقليمية وتنمية موارد الإقليم لتحقيق التنمية، وعلى رغم التصالح بين الرياض وطهران إلا أن الأخيرة لا تريد استقرار الأوضاع على النحو الذي يدعم سياسات السعودية الإقليمية، بما تتضمنه تجاه مسألة فلسطين لحل الأزمة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، فضلاً عن التقارب والتوافق السعودي - الأميركي أخيراً.
من جهة أخرى أعلن خامنئي عدم ارتياحه لجهود العلاقات بين العالم العربي وإسرائيل، وأعرب نائب رئيس البرلمان الإيراني مجتبى ذو النوري عن أمله في أنه في أعقاب هجمات "حماس" سيتم تأجيل مسألة اعتراف دول المنطقة بإسرائيل إلى الأبد.
وتشعر طهران بأن التقارب العربي مع إسرائيل والولايات المتحدة سيعزلها إقليمياً ويعمق السياسات العربية الخليجية ويعززها، كما أنها تريد إيصال رسائل مفادها أنها تستطيع أن تعرقل أي جهود لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
ومن جهة أخرى تحاول واشنطن الحفاظ على جهود الصفقة التي عقدتها مع إيران أخيراً، كما شملت تفاهمات في سوريا والعراق، لذا حاول بلينكن نفي أن تكون لإيران علاقة بالعملية العسكرية الجارية حتى لا يكون هناك مبرر لإسرائيل لمهاجمة أهداف إيرانية.
ومن المؤكد أن الحرب القائمة في غزة الآن لم تندلع إلا لتحقيق أهداف سياسية بعد انتهاء الحرب، إذ سيكون هناك خاسرون ورابحون منها.