ويلات وطن
كتاب للصحافي العالمي روبرت فيسك سرد فيه فصلا من فصول معاناة الشعب الفلسطيني وفيه تفصيل لمشاهدات الصحافي البريطــــاني عن معارك بيروت، لكن هذا العنوان ذاته هو أفضل عنوان يمــــكن من خلاله توصيف حال فلسطين الآن ....
فالويل للاجئين... لأكثرمن من 50' من أبناء الشعب الفلسطيني المصنفين كلاجئين في الشتات والويل للنصف الثاني ممن بقي منهم، ويل على ضياع حلمهم بالعــــودة الى الوطن، وويل لمن بقي في الوطن من قساوة الواقــع الذي انتــــهوا الـــيه، محاصرين مقسمــــين، يترقبون قرار اسرائيل بخصوص تجميد الاستيطان الذي بات معركـــة مفاوضهم الوحيدة في وغى اليأس والضياع .
الويل للمفاوض الفلسطيني الذي يخوض المفاوضات الفلسطينية في العام 2010، بحق هو يقود أصعب واعقد واغرب عملية تفاوض عبر التاريخ، حيث رجله ليست ثابته على اي من صخرات القوة المعروفة (قوة الأرض .. أو قوة الثورة..) فعلى الأرض حصار يطبق على الفلسطينيين من كل جانب، أما ثورته فانتهت الى سلطة قيدت ايادي ثوارها، ثوار الأمس بوهم كرسي مستند الى الهاوية .. والويل للدم الفلسطيني والرصاص الفلسطيني الذي اطلق منذ 1965 انطلاق الرصاصة الأولى، وقبل هذه الرصاصة وبعدها دماء زكية لمئات الشهداء الفلسطينيين الذين رووا أنصع روايات وحكايات المقاومة و الصمود، فهل عرفت الرصاصة الأولى وهل علم الحجر الأول أي نهاية بائسة ستنتهي اليها ثورته وأزيز رصاصه، وانتفاضة الفتيين اللذين كبرا معا في ساحات وشوارع الضفة والقطاع والقدس جمعهما الحجر ليفرقهما انقسام بائس على كبر...
الويل فعلا للفلسطيني وقبله اخيه العربي والمسلم الذي تركه على طريق الموت وحده يحترق بطيئا، على أبواب جهنم السبعة أحدهم باب جامعته العربية التي فتحت بوابتها لتصدر بيانا يدعوه للوحدة في (المفاوضات المباشرة)، وتغلقها مباشرا دون أن يستمع حاجبها لصرخات الثكلى والجوعى والمحاصرين والمنسيين من أبناء جلدتهم في الضفة الغربية والقطاع المحاصر، ودون أن تخبر من تبقى من الفلسطينيين حول أي شيء يتوحدون، وعلى ماذا يفاوضون، فيا سادة لم يبق من فلسطين شيء سوى علم للذكرى يرفرف خلف ظهور المتفاوضين .. يذكركم بحكاية فلسطين التي كانت يوما تحتضن أقصاكم، والتي يوما قرأتم عنها في قرآن الله أن رسولكم اسري به الى قدسها..؟ فهل تذكرون؟
الويل لمن اكتوى بحب هذه الأرض، ولمن حمل اسمها فعشقها ساكن في القلب ونسيانها عصي على اللب، فهمها يثقل همه، وغربته تزداد كلما ضرب في الأرض بحثا عن أم غيرها، وقبلة غيرها، وارض يوارى فيها بــــعد عمر من الشقاء، ليكتشف أن الفرار منها صعب، والاســتمرار في حلم العودة اليها أصعب فيردد أبيات القباني : إلى أين أذهب .. كل يوم أحس أنك أقرب.. كل يوم يصير وجهك جزءا من حياتي.. ويصير العمر أحلى وأعذب .. اعتيادي على حضورك صعب واعتيادي على غيابك أصعب....
الويل ليس فقط للمفاوض، بل الويل لمن دفعه للتفاوض، ولمن سمع وشهد ... ورضي بشهادة الزور.
محمد خليف
كاتب فلسطيني يقيم في بريطانيا