لهذا لايمکن تعويض مصرع رئيسي
سعاد عزيز
لهذا لايمکن تعويض مصرع رئيسي
لايمکن القول أبدا بأن مصرع ابراهيم رئيسي، مجرد حادثة مأساوية بالنسبة للنظام الايراني ويمکن أن يسدل عليه الستار بعد مراسم العزاء ودفنه، ذلك إن ابراهي رئيسي، لم يکن مجرد شخص عادي بالنسبة للنظام عموما وخامنئي خصوصا، فهو قد صرف کل عمره في خدمة النظام وبصورة تميزه عن الآخرين، وکما کان متطرفا ومتماديا في إرتکاب جرائمه وإنتهاکاته الفظيعة من أجل النظام، فإنه کان أيضا فريدا من نوعه في خنوعه وخضوعه للأوامر الصادرة من أعلاه، ولاسيما خميني ومن بعد خامنئي.
تفانيه غير العادي في إنجاز کل مايطلبه منه النظام ولاسيما الولي الفقيه، وقسوته ودمويته المفرطة ضد کل معارضي النظام عموما ومجاهدي خلق بشکل خاص جدا، جعله مقربا لکل من خميني ومن بعد خامنئي، وحتى إنه قد جعل من السلطة القضائية التي خدمها بمواقع مختلفة حتى أصبح أخيرا رئيسا لها، ساحة لقتل کل من يقف بوجه النظام، وحتى إن النظام عندما جعل من هذا الرجل رئيسا للسلطة القضائية، فإنه ومن خلال ذلك أعلن وبشکل صريح إستخفافه بکل ماله علاقة بالقضاء وبالعدالة.
رئيسي الذي إشتهر أکثر من اللازم بعد دوره الدموي کعضو في لجنة الموت الرباعية التي نفذت مجزرة السجناء السياسيين، فإن هذه المجزرة صارت بمثابة کابوس ولعنة تطارده ولاسيما عندما تم ترشيحه لمنصب الرئيس بل وحتى بعد هلاکه وکمثال على ذلك إنه وفي يوم الأربعاء، 22 مايو/أيار، أصدرت منظمة العفو الدولية بياناً يشير إلى تصرفات إبراهيم رئيسي خلال فترة عمله في الحكومة الإيرانية و”انتهاكه لحقوق الإنسان” في الثمانينيات، مؤكدة أن هلاکه يجب ألا تفصل الشعب الإيراني عن “العدالة الحقيقية” و”محاسبة” الجرائم العديدة التي ارتكبها بموجب القانون الدولي.
إلقاء نظرة متفحصة على کيفية سعي خامنئي من أجل تنصيب رئيسي کرئيس للنظام والدعم والمساندة القوية وغير الاعتيادي الذي کفله له، هو في الحقيقة نابع من الظروف والاوضاع الحرجة والحساسة التي صار النظام يواجهها، وأصح خامنئي بحاجة لشخص يستمع له ويقوم بتنفيذ أوامره حرفيا، ولم يکن هناك أحد بهکذا مواصفات سوى ابراهيم رئيسي الذي تجاوز کل الحدود في خضوعه وإنقياده لأوامر خميني ومن بعده خامنئي، وإن مقتله سيبقي مکانه فارغا إذ ليس هناك من عمل بهذه الصورة لصالح النظام ومن إنقاد وخضع للولي الفقيه کما قد فعل، ولذلك فإن خامنئي يعلم جيدا بأن الفراغ الذي ترکه رئيسي بمصرعه لايمکن أبدا أن يعوض، ولاسيما وإن أوضاع إيران کلها مهيأة على أحسن وأفضل مايکون للتغيير الجذري بإسقاط هذا النظام وقيام الجمهورية الديمقراطية.