لا تسامح “شعر” / أسعد الأسعد
خجلاً يرتدّ موجُ البحر
مثلَ حمام أفزعته الغربان
فراح يبحث عن ملجأ في الرمل
عن بقايا شرفة
تطل على بحر غزة
طيّرتها القذائف
لكنها ظلّت معلّقة
تحدّق في البعيد
لعل الموج يحمل أخباراً
فتسأله
قبل أن يرتد خجلاً
يبتعد الموج وتبقى حبّات الرمل
يشربها الشاطئ
تحكي ما حلّ بأطفالٍ
كانوا يلهون بطابتهم
قبل رحيل الشمس
وقبل اكتمال الحلم
أيها البحر الخؤون خذلتني
إن كنتَ لم تأخذ حبيباً
فإنك لم تحمِهِ
مثلُ غيرك لم تحمِهِ
أغارت عليهم طيور المنوف
فلم تُبقِ غير أحلام
بحجم طابتهم
أدور على الخرائب… ما تبقى
أسألها عن الأطفال
مسكونة هذه الخرائب
وغزة مثقلة بالدم والجراح
والبحر يدفع موجه
يسأل الشاطئ عن أطفالٍ
كانوا هناك
يلهون في هدأة النهار
عند مرفأ لم يكتمل
كانوا هناك
عصافيرُ تلهو بأحلامها
وحمامٌ يغني لأطفالٍ
لا شيء يشبههم
غير زغاليل تحلم بالفرح
همّت… لكنها سقطت
حين حاصرها الرصاص
براً وبحراً وجواً….
مسكونة بالموت كل الجهات
وحده لا ينام
بحر غزة لا ينام
يبقى شاهداً
يعدّ العصافير
وأسراب الحمام
ما زلت أسمعهم
أرواحهم تعشش في الزوايا
والريح مثقلة بالرطوبة والعدم
تبحث في الخرائب عن فراخ
كانت هنا في أعشاشها
تنعم بالأمان
يرتد موج البحر خجلاً
وتَخرس الألسن
ثم ينتحر الكلام
بحر غزة لا ينام
لم يبق في البر غيرُ دمائنا
إن شئت خذها
وهي عزيزة
لكن غزة أيها المحتل
أعز وأغلى
وقد وعدتني
ألا تنام
تجمّلي بالعوافي واستريحي
دمك المنعوف يا غزة
يفضح عرينا
من مثل غزّة
أيتها المدن العاهرة
تتطهّر بدم الأطفال
ولا تعبأ بالموت يحاصرها
هذا الكبرياء لكِ
ولا يليق بغيرك
فخذيني عند شاطئك المدمّى
ودعيني أقبل صور الأطفال
على رمل
لا يشبه غير حواريكِ
غير صهيل الخيل
على حوافي الغمام
من أين تأتي هذه الغربان
من أين يأتي كل هذا الحقد؟!
لا عذر لأحد يا غزة
لا تعذريني
ولا تقبلي اعتذاراً من أحد
كل روح تصرخ في الظلام
…. …. …. ….
بعد هذا، كل هذا
قل لي بربك كيف تنسى
كيف يمكن أن تسامح
وكيف يمكن أن تنام؟