ما حقيقة الاشتباك الدبلوماسي والسياسي الفرنسي الإسرائيلي؟
منذ ساعتين
مثنى عبد الله
حجم الخط
0
[url=https://www.addtoany.com/share#url=https%3A%2F%2Fwww.alquds.co.uk%2F%d9%85%d8%a7-%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d8%a8%d8%a7%d9%83-%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%a8%d9%84%d9%88%d9%85%d8%a7%d8%b3%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%2F&title=%D9%85%D8%A7 %D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9 %D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B4%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%83 %D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A %D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A %D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A %D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%9F][/url]
[url=https://www.addtoany.com/share#url=https%3A%2F%2Fwww.alquds.co.uk%2F%d9%85%d8%a7-%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b4%d8%aa%d8%a8%d8%a7%d9%83-%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%a8%d9%84%d9%88%d9%85%d8%a7%d8%b3%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%2F&title=%D9%85%D8%A7 %D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9 %D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B4%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%83 %D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A8%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B3%D9%8A %D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A %D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A %D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%9F][/url]
برز إلى العلن مؤخرا، وفي أكثر من مناسبة التوتر القائم في العلاقات الفرنسية الإسرائيلية، ولعل تضارب وجهات النظر الحادة بين الطرفين بسبب الحرب في كل من غزة ولبنان، هي التي تقف خلف هذا التوتر. لكن هذا الاشتباك الدبلوماسي ليس الأول من نوعه، فقد اشتبك الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك مع رجال الأمن الإسرائيليين، أثناء زيارته المدينة القديمة في القدس المُحتلة في عام 1996، وهدد بالعودة إلى بلاده إذا لم يُسمح له بالتجوّل بحريّة في المدينة. ونشهد ومنذ عدة أشهر تصريحات متبادلة بين الرئيس الفرنسي أيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كلها تشي بتردي وتوتر هذه العلاقات التي كان آخر فصولها، الاقتحام المسلح لموقع ديني تملكه وتديره فرنسا في القدس، وإيقاف اثنين من الحراس الفرنسيين، ثم إطلاق سراحهما بعد ساعات، خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو.
عند العودة إلى تاريخ العلاقات الفرنسية الإسرائيلية، نجد أن باريس كانت أكبر جهة غربية تمد إسرائيل بكل احتياجاتها العسكرية، حتى إن الطائرات التي استخدمتها إسرائيل في تدمير القواعد الجوية المصرية، وسلاح الجو السوري في حرب حزيران/يونيو 1967 هي طائرات ميراج الفرنسية، لكن الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول بدء انعطافة سياسية كبيرة نحو المحيط العربي، من خلال ما سُمّيت (السياسية العربية لفرنسا). آنذاك قالها بشكل واضح للعرب وللإسرائيليين بأنه سيتخذ موقفا ضد الطرف الذي سيبدأ العدوان على الطرف الآخر. وعندما حصل العدوان الإسرائيلي في عام 1967 اتهم ديغول إسرائيل بأنها هي الطرف المعتدي، وتبعا لذلك أوقف جميع أنواع الدعم العسكري لها.
- اقتباس :
- إسرائيل لا تتحمل أي انتقاد، من الدول الأوروبية، ولاسيما من الجانب الفرنسي، وهذا يشكل مشكلة بالنسبة لتعاون باريس مع الجانب الإسرائيلي
ومع ذلك كان هناك حرص فرنسي أساسي على أمن إسرائيل، أكثر من حرصها على أمن أية دولة عربية أخرى، ولم تكن بالضد منها يوما. لكن فرنسا كانت تقول بأنها تُقدّم النصائح لإسرائيل في الموضوع الفلسطيني، وعندما ذهب الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، الذي كان صديقا لإسرائيل، إلى الكنيست، قال لهم إن إعطاء الحق للفلسطينيين هو من مصلحة إسرائيل، بل إن أطرافا في المؤسسة السياسية الفرنسية تُصرّح بأن إسرائيل تعمل عكس مصلحتها في المدى البعيد، وأن باريس تحاول من خلال تقديم النصائح والأفكار إليها، تصحيح الوضع، لكن ليس هناك من يستمع، خاصة في الحقبة الحالية، حيث حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة. طبعا الموقف الإسرائيلي يتهم فرنسا بأنها تقف إلى جانب أعداء إسرائيل، ويقولون إن باريس لا تمارس الضغط على لبنان لإيقاف هجمات حزب الله. وعلى الرغم من كون فرنسا حديقة خلفية لإسرائيل، لكنها ليست على وفاق تام مع حكومة نتنياهو، ولديها اعتراضات واسعة على سياساته. وفي ما يتعلق بالحرب على غزة موقفها المُعلن هو رفض استهداف المدنيين، وتدعو إلى وقف إطلاق النار، وترفض ما يتم الحديث عنه من إعادة احتلال قطاع غزة.. وهذه كلها عناصر أساسية مكونة للرؤية الفرنسية، في ما يتعلق بالموقف من إسرائيل. لكن الفرنسيين يقولون إن المشكلة الأساسية هي أننا أمام حكومة إسرائيلية ترفض أي اختلاف معها، مهما كان نوع هذا الاختلاف، ويضربون مثلا على ذلك بالقول إنه قبل العملية البرية التي قامت بها إسرائيل ضد لبنان، وقبل أحداث الانفجارات في منظومة اتصالات حزب الله، واغتيال حسن نصرالله، كان خطاب نتنياهو يقول عار عليك يا ماكرون، في ما يتعلق بتعليق تصدير السلاح إلى إسرائيل.
بالتالي إسرائيل لا تتحمل أي انتقاد، خصوصا من الدول الأوروبية، ولاسيما من الجانب الفرنسي، وهذا يشكل مشكلة بالنسبة لتعاون باريس مع الجانب الإسرائيلي. لذلك عند النظر إلى استهداف إسرائيل لحرس فرنسي في أحد المواقع الدينية التابعة لفرنسا في القدس، لا يمكن النظر إليه على أنه أمر يتعلق بتصرف خاطئ من قوات الأمن في القدس، بل يمكن النظر اليه ضمن السياق العام للعلاقة الفرنسية الإسرائيلية، ويعكس التوتر والمواقف المرفوضة إسرائيليا من قبل الجانب الفرنسي. فلا يمكن لإسرائيل أن تغفر لفرنسا ما قاله ماكرون في قمة الفرانكفونية مؤخرا، من أنه ينوي فرض حظر على الأسلحة لإسرائيل. فهذه الأخيرة ترفض أي موقف يقول بفرض عقوبات عليها، بل تريد من العالم الغربي كله أن يدعمها في ما تقوم به من مجازر في فلسطين ولبنان. وهذا العالم بالفعل يدعمها في ذلك بما في ذلك الاتحاد الأوروبي ومنها فرنسا كجزء من أوروبا.
إن ما يجب قوله هنا هو أن فرنسا لم تعلن تأييدها للاستيطان في أي يوم من الأيام، بل كانت دائما تعلن وبشكل واضح عن موقفها المضاد في هذا الموضوع، لكن باريس ليس لديها ما يدعمها بأن تكون فاعلا يؤثر على إسرائيل. فالدولة الوحيدة التي لديها التأثير هي الولايات المتحدة والتأثير الأضعف هو للدول الأوروبية ومنها فرنسا. السؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن العربي هو، هل الموقف الفرنسي من موضوعة الاستيطان والمقتلة في غزة والعدوان على لبنان يُلبي ما يتطلع إليه الشعب الفلسطيني خاصة، والعربي عامة؟ طبعا لا فالمواقف الأوروبية تقليديا كانت إلى جانب الرؤية الإسرائيلية، ولكن في الوقت نفسه، لا يمكن القول إن الموقف الفرنسي شبيه بالموقف الأمريكي. فرنسا تحاول أن يكون موقفها متوازنا ويلعب هذا الدور ويحاول الوصول إلى تسوية ما.
لقد تحدث عدد من الرؤساء الفرنسيين بشكل مباشر عن مسألة الاستيطان ومنهم جاك شيراك وساركوزي وغيرهما. وهم يرون أن رفض الاستيطان في الضفة الغربية هو بالضرورة لمصلحة الفلسطينيين، ولكن هو أيضا لمصلحة الإسرائيليين كما يعتقدون، لأن الاستيطان يعني عدم إمكانية وجود دولة فلسطينية ترى النور. وهذا يقود إلى انعدام أي أفق لحل سياسي، ما يؤدي إلى تعقيد الوضع. كما سينتج عنه وقوع إسرائيل في دائرة الخطر من الناحية الديموغرافية. بالتالي مسألة الاستيطان والدعوة إلى ضم الضفة الغربية، هذه كلها من وجهة النظر الفرنسية تتعارض مع مصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، أكثر منها معارضة للمصالح الفلسطينية. كما ترفض السياسة الفرنسية الخطاب العنصري والفكر والممارسات المتطرفة من قبل الجانب الإسرائيلي. وقد شهدنا اعتراضات واسعة على الصعيد الرسمي والصعيد الشعبي في فرنسا للتصريحات التي أطلقها بن غفير وسموتريتش وغيرهما من أقطاب السياسة الإسرائيلية. ونعود لنكرر السؤال السابق نفسه، هل هذا الموقف الفرنسي مؤثر بالشكل الكافي؟ الجواب طبعا لا.
المشكلة الأساسية أنه منذ مؤتمر مدريد أُنيط ملف الصراع العربي الإسرائيلي بأكمله إلى الجانب الأمريكي، ما أدى إلى احتكاره من قبل طرف دولي واحد. في حين أصبحت أوروبا على الهامش في هذا الملف، وكذلك روسيا والصين وحتى الأمم المتحدة. بالتالي كل هذه الأطراف باتت غير قادرة على التأثير.
*كاتب عراقي