في الوقت الذي خفض فيه سياسيون فلسطينيون من سقف توقعات حدوث عدوان "صهيوني" مرتقب على قطاع غزة، لم يتجاهل محللون سياسيون حدة التهديدات الصهيونية المتوالية بشن حرب جديدة على القطاع.
وتتعارض مواقف المحللين مع ما نقل عن السياسيين من تصريحات في مجملها كانت تقلل من أهمية تهديدات الاحتلال، مستندين في حديثهم إلى موقف الحكومة الصهيونية الرافض للمضي قدما في عملية السلام المزعومة والتي ترعاها الإدارة الأمريكية.
ويؤكد المحللون أن الاحتلال يمهد للحرب القادمة للهروب من الضغوط الخارجية الممارسة عليه بفعل تعنته بشأن المفاوضات مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مشيرين إلى أن من مصلحة "الكيان الصهيوني" إضعاف حركة حماس في قطاع غزة .
زعم صهيوني
وفيما يمكن تصنيفه بأنه مبررات "صهيونية" للعدوان على قطاع غزة، زعمت الدولة العبرية أول أمس أن حركة "حماس" تطور قدراتها العسكرية في قطاع غزة .
المحللين رجحوا شن الاحتلال عدوانا على القطاع، لكنهم لم يتنبئوا بتوقيت هذا العدوان، على اعتبار أنه قرار عسكري صهيوني سري.
وقال المحلل السياسي طلال عوكل :"لا يمكن اعتبار الحملة المتسرعة من التهديدات "الصهيونية" لغزة، والمبالغة في الحديث عن قدرات حركة حماس وحزب الله، مجرد تهديدات فقط"، مرجحا أن يكون التهديد في إطار تحضير المجتمع الدولي والإقليمي لعدوان مرتقب.
وتوقع عوكل أن ينطوي العدوان القادم على غزة على ضربات منتقاة ومحددة وليست كالحرب السابقة التي شنها الاحتلال على القطاع مطلع العام الماضي والتي استمرت أثنين وعشرين يوماً وراح ضحيتها ما يزيد عن 1600 شهيد.
خلط الأوراق
ويذهب أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية د.وليد المدلل، إلى ما ذهب إليه سابقه، حيث اعتبر أن الاحتلال يحاول خلط الأوراق، "وتهديد القطاع بشن عدوان جديد يمثل عملية هروب للأمام".
واعتبر المدلل أن محاصرة الاحتلال من قبل المجتمع الدولي بسبب تعنته في العملية التفاوضية وتعرضه للضغط، دفعه للهروب للأمام من خلال التهديد بحرب جديدة ضد القطاع، بهدف صرف الأنظار بعيدا عن مواقفه الرافضة للتجاوب مع العملية السلمية.
وقال :"الحرب صناعة الاحتلال المفضلة، وهي تعتمد على عنصر المفاجأة (..)الحرب السابقة كان عنوانها المفاجئة والصدمة، وربما أي تصعيد جديد سيقوم على هذين العنصرين".
وأضاف المدلل :"الحرب لعبة تستخدم لتنفيذ مكاسب، وهي غير مستبعدة لكن أجواءها غير متوفرة".
وسبق وأن وصف رئيس الاستخبارات الصهيونية السابق "عاموس يادلين"، حركة حماس بالخطر الشديد الذي يجب تبديده.
ورداً على هذه المزاعم قال د.يوسف رزقة، المستشار السياسي لرئيس الوزراء إسماعيل هنية، "هذا تعبير عن مواقف أيديولوجية صهيونية قديمة جديدة، بهدف القضاء على الحركة الإسلامية والمقاومة التي تخوضها حماس".
وأضاف رزقة في تصريحات صحفية "أن حماس جادة في المقاومة وليست هامشية، وأنه يستشعر الخطر على الكيان بتنامي المقاومة بقيادة الحركة"، مشدداً على أن ما قاله "ياديلن" يهدف إلى تهيئة الأجواء العالمية والدولية لتقبل عدوان جديد على غزة.
دليل واضح
على نحو متصل اعتبر د.عمر جعارة المختص في الشؤون "الصهيونية"، أن تصريحات رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" من إحدى القواعد العسكرية، التي دعا فيها حماس إلى عدم اختبار قوتهم وعزيمتهم، بأنها دليل واضح على نية الاحتلال شن حرب على قطاع غزة.
وقال جعارة: "غابي أشكنازي من أبرز مهامه الآن هو إعادة سياسية الغدر الصهيونية، لأنهم لا يقبلون بسلام كما أن "دولة الاحتلال" لا تقبل بأي تهديد لأمنها رغم حالة الهدوء التي يعيشها القطاع".
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال لا تقبل بوجود حماس في قطاع غزة كطرف تصفه بـ"الإرهاب"، معتبرا أن هدف الاحتلال هو إضعاف حركة حماس في غزة لوقف إطلاق الصواريخ.