طلع علينا أديب رفيق محمود (1933- ) ابن عنبتا بالقصيدة الأولى عن القدس بعد احتلال حزيران 67 ، وهي بعنوان "كلمات بالإزميل على سور القدس". [10] يروي الراوي الشاعر كيف أنه سافر ليصلي في القدس ،ويقبّل هناك البلاط ويمضي واصفًا لنا أجواء القدس :
أسير في الشوارع التي أحب شارعًا فشارعا _ أقلب العينين في الجدران، في المطرز الفضفاض _ في الشموع…
ثم يمضي الراوي مستوحيا تاريخ صلاح الدين :
أواه يا مدينة السلام _ يا روعة الصهيل، كبة الخيول _ تعبر الأبواب في وضح النهار؟ _ هذا صلاح الدين [11]
انه يود لو يستل سيف البطل ليقاوم هذه الحضارة المحنطة ، وليزيل القار ، ليزجر الغراب… وفي مثل هذا الجو القاتم يعود ليستذكر جمال المدينة وروعتها:
أواه يا مدينة السلام …أين روعتك
أقول :أين بهجتك؟
يعترف الراوي انه يحب "باب السلسلة"ويعشق كل قوس،ويمر في كل باب تارة مطأطأ الجبين،وتارة باعتزاز وكأنه يناطح السحاب …وفي عشقه للنقوش والزخارف يشعر بالعزلة والوحشة من خلال استلهامه التاريخ العربي القبلي:
ولست من قيس ولا خزاعه
أنا الطريد والخليع والمعبّد المنفي
في بلادي المضاعه
يحدثنا عن وقوفه بخان "باب زيت" وهناك يشتري حاجته من بائعة قدمت من قرية "الخضر" ، وينقل لنا صورة الحياة اليومية ببؤسها، وينهي قصيدته بالفعل "أريد" الذي يلح في المطالبة ونشدان الحق: هلاّعرفت ما أريد
أريد أن أكون صادحا كما الكناري
أريد أن أكون ضاحكا كما الوليد
حريتي هي التي أريد
والقصيدة بمجملها تبحث عن السلام وعن الحرية، وتعكس هذا الحب للمدينة ومعالمها.