سَـأَلْـتُ الـرِّيـح
[[ أهديها إلى عشّاق عمود الشّعر،
من امرئ القيس حتّى امرأة الفيس بوك ]]
شعر: تركي عامر
سَأَلْتُ الرِّيحَ فِي دَعَةٍ سُؤَالاَ فَقَالَتْ: [دَعْكَ مِنْ هَذا تَعَالَ
عَنِ الْغَبْرَاءِ، حَلِّقْ مِثْلَ طَيْرٍ إِلَى "لاَأَيْنَ" يَرْتَجِلُ ارْتِحَالاَ
وَبَالاً لاَ يُعِيرُ لأَيِّ أَمْرٍ وَبَالٌ لَوْ أَعَارَ الطَّيْرُ بَالاَ
لأَمْرٍ لَيْسَ يَجْرِي دُونَ خَمْرٍ وَإِلاَّ الأَمْرُ مُنْقَلِبٌ وَبَالاَ]
فَقُلْتُ: الطَّيْرُ لاَ لُغَةٌ وَدِينٌ وَلاَ لَوْنٌ وَطَائِفَةٌ تَغَالَى
أَئِمَّتُها فَتَاوَى عَنْ سَرِيرٍ وَعَمَّا شُدَّ مِنْ مَسَدٍ حِبَالاَ
وَحَبْلُ الْحُلْمُ مِلْحًا دُونَ زَهْرٍ عَلَى ظَهْرِ الْفَتَى يَنْمُو جِبَالاَ
وَلَيْسَ الْمِلْحُ يُزْهِرُ لَوْ تَحَلَّى بِمَاءٍ مِنْ سَمَاءٍ أَوْ تَحَالَى
فَقَالَتْ: [كُنْ بِلاَ لُغَةٍ وَدِينٍ وَلاَ لَوْنٍ وَطَائِفَةٍ تَعَالَ
إِلَى حَيْثُ الْحَقِيقَةُ لاَ ذِرَاعٌ لَهَا تُلْوَى يَمِينًا أَو شِمَالاَ
وَهِمْ فِي الأَرْضِ حُلْمًا دُونَ لَحْمٍ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ الشَّوْقُ الْوِصَالَ
وَلا تَرْحَلْ شَتَاتًا أَوْ فُتَاتًا إِذا مَا شَدَّتِ الرِّيحُ الرِّحَالَ
وَلاَ تَجْفَلْ إِذا مَا طَالَ لَيْلٌ وَلاَ تَحْفَلْ بـِ"قِيلَ" وَلاَ بـِ"قَالَ"
فَتَحْتَ الشَّمْسِ مُتَّسَعٌ لِطَيْرٍ إِذا قُوتًا أَرَادَ وَلاَ قِتَالاَ]
فَقُلْتُ: الْقُوتُ قَبْرٌ تَحْتَ قَصْرٍ وَدَرْبُ الْقَبْرِ مَزْرُوعٌ نِعَالاَ
بِخُفٍّ لَمْ يَعُدْ أَحَدٌ إِلَيْنَا لِيُخْبِرَ أَنَّ ذاكَ الْقَصْرَ زَالَ
وَأَنَّ الدَّرْبَ يَوْمًا دُونَ حَرْبٍ سَيَسْرِي وَالْمَقَامُ يَعُودُ حَالاَ
وَأَنَّ الْحَالَ وَحْلٌ قِيلَ أَوْحَى لَهَا وَحْيٌ بِأَنَّ الْوَحْلَ صَالَ
وَجَالَ وَلَيْسَ يَجْلُو دُونَ نَارٍ تَرُدُّ الْمَاءَ ـ مِنْ تِيهٍ ـ زُلاَلاَ
أَنَا يَا رِيحُ مِنْ مَاءٍ فَحِينًا جَنُوبًا أَبْتَغِي حِينًا شَمَالاَ
عَلَى ظَهْرِي صَلِيبٌ عَنْ بِلاَلٍ صَلاَةَ الظُّهْرِ أَرْفَعُهَا هِلاَلاَ
وَأَجْرًا لَسْتُ أَرْجُو عَنْ رَجَاءٍ وَشَيْئًا لاَ أُرِيدُ وَلَسْتُ مَالاَ
أُرِيدُ، وَلاَ مُرِيدًا كُنْتُ إِلاَّ لِتَارِيخٍ بِصَدْرٍ دُقَّ خَالاَ
لَنَا التَّارِيخُ وَشْمًا لَيْسَ يَمحُو عَلَى قَدَمَيْهِ لَوْ مِتْنَا ابْتِهَالاَ
أَنَا يَا رِيحُ مِنْ نَارٍ أَرَانِي إِلَى نَارٍ أُجَرْجِرُنِي ارْتِجَالاَ
عَلَى سَفَرٍ كَأَنَّ الْجَمْرَ تَحْتِي إِلَى سَقَرٍ وَأَزْدَادُ اشْتِعَالاَ
أَجَمْرًا أَمْ تُرَى عَطَشًا أُطَفِّي؟ بِمَاءِ الْوَجِْهِ فَوْقَ الْوَجْهِ سَالَ
سُؤَالاً، أَسْتَمِيحُ الْكَوْنَ عُذرًا إِذا كَانَ الَّذِي أَبْغِي مُحَالاَ
فَمَا أَبْغِيهِ: أَرْضٌ لَيْسَ فِيهَا سَمَاءٌ تُقْلِقُ الدُّنْيَا سُعَالاَ
يُشَاغِلُنَا سِجَالاً لَيْسَ يُفْضِي إِلَى اسْتِرْدَادِ دَوْرٍ كَانَ دَالَ
وَمَا أَبْغِي: سَمَاءٌ لَيْسَ دَارٌ لَهَا فِي الأَرْضِ تَجْمَعُنَا اقْتِتَالاَ
أَنَا يَا رِيحُ حِبْرٌ قَدْ تَحَفَّى عَلَى وَرَقٍ وَيَوْمًا مَا اسْتَمَالَ
سِوَى عَقْلٍ يُصَلِّي: لَيْتَ يَأْتِي سَلاَمٌ يُغْرِقُ الدُّنْيَا ظِلاَلاَ
نُظَلِّلُهَا برُوحٍ لَيْسَ تُفْتِي بِغَيْرِ الْحُبِّ شُغْلاً وَاشْتِغَالاَ
بِرُؤْيَا لاَ تَرَى فِي الأَرْضِ إِلاَّ لِكُلِّ الْخَلْقِ وَصْلاً لاَ انْفِصَالاَ
أَنَا يَا رِيحُ حِبْرٌ مَا تَخَفَّى وَرَاءَ السَّطْرِ سِرًّا كَيْ يُقَالَ
حَدَاثِيٌّ جُنُونُ الصَّوْتِ، صَمْتًا وِرَاثِيٌّ أَنَا وَالإِرْثُ لاَ لاَ
وَلاَئِي لاَ لِلأْلاَءٍ إِلَيْنَا بِآلاَءٍ لآلِئَ كَانَ آلَ (1)
أنَا لاَئِي وَلاَءٌ لاَ يُوَلِّي لِمَنْ كَانَتْ وَمَا زَالَتْ مَآلاَ
لِمَوْلاَةٍ تُؤَوِّلُنِي سؤَالاً كَرِيحٍ تَسْكُنُ الرُّوحَ احْتِلاَلاَ
أَنَا يَا رِيحُ حِبْرٌ شَنَّ حَرْبًا عَلَى بَحْرٍ يُحَاوِرُنِي احْتِيَالاَ
عَلَى رِيحٍ يُسَاوِمُنِي بِمَوْجٍ بِلاَ مَوْجٍ يُنَازِلُنِي خَيَالا
وِرَاثِيٌّ جُنُونِي لَوْ هَجَوْنِي فَقَوْلاً لَسْتُ أَخْشَى أَوْ مَقَالاَ
وِرَاثِيٌّ أَنَا وَالإِرْثُ شَيْءٌ جَمِيلٌ لَيْسَ يَفْتَعِلُ الْجَمَالَ
بِنَثْرٍ مِثْلَ شِعْرٍ لَيْسَ يَلْغُو وَشِعْرٍ مِثْلَ نَثْرٍ حِيكَ شَالاَ
يُزَنِّرُ خَصْرَ رَاقِصَةٍ تَغَاوَتْ دَلاَلاً لَمْ يَعِثْ إِلاَّ دَلاَلاَ
يُغَذِّي الرُّوحَ أُغْنِيَةً تَغَنَّتْ بِهَا الأَحْلاَمُ تِيهًا وَاخْتِيَالاَ
وَحَافِيَةً عَلَى جَمْرٍ تَهَامَتْ بَخُورًا زَادَ فِي الْجَمْرِ اشْتِعَالاَ
وَعَارِيَةً كَشَلاَّلٍ لُجَيْنٍ يَحُطُّ الْعَقْلَ فِي الْكَفِّ اخْتِلاَلاَ
وَجَارِيَةً بِخَلْخَالٍ تَرَاءَتْ كَسِحْرٍ يَسْحَرُ السِّحْرَ الْحَلالَ
يَرُدُّ الرُّوحَ مِنْ مَوْتٍ سَؤُولٍ عَلَيَّ الرِّيحُ تَطْرَحُهُ سُؤَالاَ(2)
(1) وَلاَئـِي: واو العطف + "لا" خاصّتي.
لِـلأْلاَءٍ: لام الجرّ + لأْلاء (بفتح اللاّم الأولى قبل الهمزة المسكّنة):
جامع اللّؤلؤ أو بائعه.
بـِآلاَءٍ: باء الجرّ + آلاء: نِعَم.
لآلـِئَ: واحدتها لؤلؤة.
آلَ (يَؤُولُ): رَجِعَ.
(2) لا وجود لـ "سَؤُول" في معاجم اللّغة،
نحتُّها على فَعُول (مثل شَغُوف)،
بمعنى: كثير السّؤال.
حرفيش * الجليل * تشرين الثّاني (نوفمبر) 2009
_________________