اليمن حكومة تتسول بعاهاتها
احمد الحاج
22/02/2010
(1)
كمواطن يمني اشعر بالخجل عندما أرى حكومة بلادي تتسول حسنات الآخرين ومساعداتهم أيا كانت الظروف التي أعيشها ويعيشها الناس في هذه البلاد لان التسول في الأول والأخير ظاهرة مستهجنة وسلوك مشين على مستوى الافراد والجماعات والدول.
إن الحياة بطولها وعرضها لا تستحق من الإنسان لحظة واحدة من لحظات المهانة وهو يريق ماء وجهه طمعا في حسنات الآخرين.
(2)
إننا كيمنيين نؤمن اشد الإيمان أن في ظاهر هذه الأرض التي نعيش عليها وفي باطنها في برها وبحرها في جبالها وصحاريها في سهولها ووديانها في شواطئها التي تمتد أكثر من 2500 كم ما يكفي سكان هذه الأرض من الموارد والخيرات ويغنيهم مذلة السؤال طلبا لمساعدات الآخرين اذا توفر لهذه الموارد والخيرات القدر المطلوب من الإدارة الحكيمة القادرة على تنمية هذه الموارد وتطويرها وحمايتها من أيادي العابثين والمفسدين وستكون هذه الموارد كافيه لتحقيق حياة كريمة لسكان هذه الأرض كما كانت كافية لأجدادهم وآبائهم عبر آلاف السنين مع شيء من التخطيط والتنظيم بدءا من تنظيم الاسرة والجماعة وانتهاء بتنظيم الدولة وصولا إلى خلق حالة من التوازن بين عدد السكان وحجم الموارد والخيرات .
إن الله لم يوجد شعبا ويسكنه أرضا يتوارثها أبناؤه منذ الاف السنين إلا وفي هذه الأرض ما يكفي سكانها ليصبح التحدي الكبير أمام سكان هذه البلاد وتنحصر القضية فقط في حسن الإدارة والتنظيم .
(3)
كمواطن يمني لا يشرفني على الإطلاق أن أرى حكومة بلادي وهي تعرض مشاكلها على الآخرين في المحافل والمؤتمرات الدولية كما حدث أخيرا في مؤتمر المانحين في لندن الشهر الماضي وكما ستعرض مشاكلها في مؤتمر الرياض لاحقا لان هذه الحكومة تبدو كمن تتوسل بعاهاتها مع علم المشاركين في ذلك المؤتمر أن معظم تلك العاهات هي من صنع الحكومات اليمنية المتعاقبة وأثر من اثار السياسات اليمنية الفاشلة على مدى العقود الماضية كعاهة الفساد المالي والإداري وعاهة الوهن والضعف أمام الجماعات والتنظيمات الارهابيه كتنظيم القاعدة وعاهة الفشل في بسط سيادة الدولة وقمع الجماعات الخارجة على القانون كجماعة الحوثي وبعض عناصر الحراك الجنوبي وقبائل بني خطفان .....الخ.
ان الرهان على الخارج في معالجة مثل هذه المشاكل والازمات هو رهان خاسر وان الحلول الحقيقية والدائمة انما تأتي من الداخل اليمني بما في ذلك المشاكل والأزمات الاقتصادية والسياسية وقد أثبتت التجارب الماضية أن الاعتماد على الخارج لم يعط الا القليل من الحلول والمعالجات الانية إلتى سرعان ما تنتهي لتعود المشاكل والازمات كما كانت .
فإلى متى سيظل اعتماد الحكومات اليمنية على مساعدات الآخرين؟
(4)
كمواطن يمني اعلم ان معظم اليمنيين لا يوافقون على ما تمارسه حكومة بلادهم من سياسات الترهيب والترغيب في علاقاتها الاقليميه والدولية وعلى قاعدة إما أن تساعدونا ماليا واقتصاديا أو تنتظروا الويل والثبور وعظائم الأمور إذا انفرط عقد النظام الحاكم في اليـــمن وانهار كيان الدولة بسبب هذه المشاكل والازمات .
إن من شأن هذه السياسة غير السوية فوق أنها تفقد اليمن واليمنيين محبة واحترام الآخرين تثير في نفوس الأشقاء والأصدقاء ردود فعل رافضة لما يرونه نوعا من الابتزاز ونراه نوعا من الابتذال في المنطق السياسي.
صحيح إننا نعيش في عالم متشابك المصالح لا نستطيع معه الانكفاء والتقوقع داخل حدود هذا الوطن وإغلاق أبوابه أمام القادم والذاهب إلا أن علاقتنا مع الخارج لا ينبغي أن تسير وفق هذا المنطق وانما على قاعدة تبادل المنافع والخبرات وعلى أساس الاحترام المتبادل ولن يتأتى ذلك إلا باحترام الذات اليمنية لنفسها بعد ذلك سيأتي احترام الآخرين لها ليس من باب الشفقة والرحمة ولا تحت مطرقة التهديد والوعيد .
(5)
كمواطن يمني اعلم أن معظم اليمنيين لا يشرفهم أن يروا حكومة بلادهم تلهث وراء سراب انضمام اليمن إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربي مع علمها أن اغلبية أعضاء هذا المجلس يعلنون صراحة رفضهم لانضمام اليمن إلى مجلسهم لاسبات نعرفها ويعرفونها أهمها :
أولا: ان كل أعضاء هذا المجلس من الدول الغنية بثرواتها النفطية ولا تعاني من المشاكل الاقتصاديه والموارد المالية ولسنا كذلك .
ثانيا: لان تلك الدول قليلة السكان مقارنة بالكثافة السكانية في اليمن الأمر الذي يثير مخاوف هذه الدول من الغرق في الطوفان البشري لسكان اليمن إن انضم إلى مجلسهم.
ثالثا وأخيرا: لان دول هذا المجلس قد بلغت مستوى طيبا إن لم نقل ممتازا من التنظيم الإداري والاستقرار السياسي في حين أن اليمن لم يزل يتخبط في براثن الفوضى الإدارية وعدم الاستقرار السياسي.
لسنا متأكدين فيما اذا كانت هذه المخاوف صحيحة أم غير صحيحة غير أنها كفيلة بجعل مساعي الحكومة اليمنية للانضمام إلى هذا المجلس ضربا من الخيال السياسي أو جريا وراء سراب .
' كاتب من اليمن
Alhaj1960 @yahoo.com