أثار إعلان وزارة الداخلية بالحكومة المقالة مؤخراً فتح باب التجنيد الاختياري كتوطئة للتجنيد الإجباري تساؤلاً بين أوساط سكان قطاع غزة بشأن إمكانية تطبيق مثل هذا القرار في ظل انقسام سياسي تشهده الساحة الفلسطينية بعد سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عسكرياً على القطاع منتصف العام 2007.
وبدت علامات السخرية واضحةً على وجه المواطن أحمد العسولي (34 عاماً) حين سمع بالقرار، وتساءل "هل يمكن لرجل مثلي أن يخوض غمار حرب طاحنة، وما فائدة القرار الآن، أم أن الحكومة تتنبأ بحربٍ عالمية ثالثة تلوح بوادرها في الأفق".
وعلى العكس منه تماماً أعرب إبراهيم خليل (25 عاماً) عن تأييده لقرار الوزارة، قائلا "من واجب الحكومة فعل ما تراه مناسباً لخدمة مواطنيها، والقرار يسري في العديد من الدول العربية ولا يستهجن، فلماذا لا يلقى قبولاً في غزة وهو يخدم أبناءها".
وكان وزير الداخلية فتحي حماد أعلن بالسابع والعشرين من يوليو/ تموز الماضي خلال افتتاح مقر المديرية العامة للتدريب شمال القطاع أن وزارته بصدد الإعداد لفتح باب التجنيد بأجهزة الشرطة دون إبداء تفاصيل.
إيضاحات
وأكد الناطق باسم وزارة الداخلية بتلك الحكومة إيهاب الغصين أن التجنيد سيكون اختيارياً وليس إجبارياً كما فهم البعض "واستيعابهم سيكون ضمن قوات الأجهزة الأمنية والشرطية وليس تحت لواء أي فصيل مقاوم".
وأوضح الغصين، خلال حديث مع الجزيرة نت، أن وزارته شكلت لجنة تدرس حالياً مقترح التجنيد الاختياري فقط، وهي بحاجة لمزيد من الوقت كي تنتهي لعرض المقترح بعد ذلك على الحكومة لاعتماده أو رفضه، مشيراً إلى أن التجنيد الإجباري سيدرس بعد نجاح الاختياري.
وخلال حديثه لم يتطرق الغصين إلى توقيت بدء العمل بالتجنيد الاختياري، وقال "من السابق لأوانه الحديث عن التفاصيل المتعلقة بالقرار, لكننا شرعنا في التفكير به من منطلق شعورنا بأهميته في الوقت الراهن".
وأشار الناطق باسم الداخلية إلى الانقسام السياسي كأبرز الصعوبات التي قد تواجه وزارته في حال فكرت جدياً بتطبيق التجنيد الإجباري.
دوافع ومبررات
ويعزو الغصين القرار لكثرة الطلبات من الشباب للعمل في قوى الأمن الفلسطينية، وفتح المجال أمامهم لخدمة المواطنين كي يشعروا بالانتماء الحقيقي؛ وتزيد ثقتهم بالحكومة ووزارتها.
كما لفت إلى أن الفكرة جاءت بعد استقرار المنظومة الأمنية في قطاع غزة واستتباب عملها جزئياً، وتجهيز بعض من مقارها الأمنية التي دمرت تماماً خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة.
بدوره نفى مصدر حقوقي، رفض الكشف عن اسمه، وجود مادة بالقانون الأساسي الفلسطيني تُشرع للتجنيد الإجباري أو حتى الاختياري، وقال "كل ما يوجد هو قانون الخدمة لقوات الأمن الذي يضمن حقوق منتسبي الأجهزة الأمنية ويفصل في آليات انتسابهم وترقياتهم".
ويرى المصدر أن وقوع الشعب الفلسطيني تحت نير الاحتلال يحتم عليه آليات عمل خاصة فيما يتعلق بتجنيد الأشخاص، مبيناً أن التعامل بمثل هذه الأمور لا يستلزم اتخاذ قرارات أو قوانين إنما يحتاج لآليات عمل غالباً ما تكون داخلية بين الأجنحة المسلحة لفصائل المقاومة.
وعلق على حديث الغصين بشأن استيعاب المُجندين في قوات الأمن وليس ضمن صفوف المقاومة بالقول "(الحكومة) المقالة تنوي تعزيز سلطتها التنفيذية في قطاع غزة لحماية واقعها وليس للأمر علاقة بالدفاع عن الوطن والمواطنين".
واستذكر المصدر طرح تنظيمات فلسطينية للقرار بعد الانتفاضة الثانية في إطار العمل السياسي "لكن خصوصية الواقع الفلسطيني فرضت تأجيل النقاش لعدم وجود قانون ينظم العملية".