"الخارج من السلطة ميت سريرياً".. ثلاث قوى شيعية خسرت المغانم واتجهت للمعارضة
وسام كريم – رووداو – بغداد:يوم الاقتراع في الانتخابات العراقية، هو خلاصة جهد مستمر على مدى اشهر بدءاً من مفوضية الانتخابات وانتهاءً بحملات المرشحين الدعائية، الى ذلك اليوم تتوجه انظار القوى السياسية ويحذوها الامل احداها علها تكون محظوظةً، في اعتلاء منصة التتويج بالحصول على اعلى الاصوات، تلك الاصوات التي ستؤهلها في نهاية المطاف بان تكون في مقدمة ركب الفائزين، مما يجعلها في بحبوحة من طرح افكارها في تشكيل الحكومة الجديدة وقيادة مرحلة اخرى من تاريخ العراق الجديد.
وتسعى قوى بجهود حثيثة الى تغيير المسارات القديمة في تشكيل الحكومة، انطلاقا من مبدأ ان واقع الحال لا يمكن تغييره من غير الاستعانة باسلوب اخر في ادارة الدولة والحكومة، ووفق قوى سياسية ان هناك معطيات تشير الى ان تشكيل الحكومة المقبلة ستشكلها قوى محددة فائزة في الانتخابات وهي فريق "الموالاة"، واطراف اخرى ستكون في فريق المعارضة لديها برنامجها في تشكيل حكومة ظل مهمتها متابعة منجزات الحكومة المشكلة.
"لا لمبدأ التوافقية"
وفيما يتعلق بتشكيل الحكومة القادمة، فان ما ستفرزه الانتخابات هي التي ستظهر بشكل جلي ملامح الحكومة المقبلة، كما يقول المرشح للانتخابات عن تيار الحكمة مراد شاكر، والذي اشار الى ان "تيار الحكمة لديه سياسة واضحة، وهي انه مع مشروع الاعتدال، وهو المشروع الذي يلتزم بهيبة الدولة وسلطتها بعيدا عن السلاح المنفلت وبعيدا عن التدخلات الاقليمة في الشان العراقي".
وقال شاكر لشبكة رووداو الاعلامية ان "تيار الحكمة يضع نصب عينيه، ان المقياس والبوصلة لبرنامجه هي مصلحة العراق قبل كل شي، ومن يؤمن بهذه المقدمات نتحالف معه في تشكيل الحكومة، واذا وجدنا نهجاً اخر فلربما سنسلك ما سلكناه في عام 2018 وهو المعارضة".
واضاف ان "قضية الموالاة لتشكيل الحكومة او المعارضة حالة ايجابية وجيدة في اي دولة كانت، وهذه تعتبر خلاصة تطور ورقي النظام السياسي لتلك الدولة في وجود قوى موالية للحكومة المشكلة وقوى اخرى تكون في المعارضة".
ويعتقد شاكر ان "وجود جهة مؤلفة من قوى سياسية تعارض وتحاسب وتراقب من قام بتشكيل الحكومة، سيكون ذلك حافزاً في الوصول الى حلاتٍ من التقدم والازدهار وما يطمح اليه المواطن العراقي"، لافتاً الى ان "تيار الحكمة الوطني قدم دعوات لكثير من القوى السياسية بأن تكون الحكومة المقبلة حكومة عابرة للمكونات، لا وجود فيها لمبدأ التوافقية المبنية على اسس المحاصصة، بل ان المعيار الاساسي فيها هو الكفاءة".
ومن المقرر أن تشارك في الانتخابات 110 أحزاب سياسية و22 تحالفاً انتخابياً، وقامت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بدعوة 76 سفارة ومنظمة أجنبية لمراقبة العملية الانتخابية المقبلة.
وكانت قد اشارت المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات إلى أن عدد الذين يحق لهم المشاركة والتصويت في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، يبلغ 24 مليوناً و29 ألف و927 شخصاً، في حين يتنافس 3523 مرشحاً عن 83 دائرة انتخابية على 329 مقعداً في البرلمان.
أما بشأن فكرة المعارضة التي اصبح الحديث عنها كثيرا في الاونة الاخيرة، يبين مرشح تيار الحكمة ان "اول جهة سياسية هو تيار الحكمة من وضع فكرة الذهاب الى المعارضة"، مستدركاً ان "الجميع شكك بهذه الفكرة، بتبريرات تتهم الحكمة بعدم الحصول على المناصب، ولكن في نهاية المطاف تمكنا من الاثبات للجميع باننا لسنا من طالبي المصالح والمناصب بقدر ان نبين للاخرين، انه لابد من ان تكون في كل حكومة موالاة ومعارضة على اسس سليمة ومشروعة وما معمول به في اغلب دول العالم".
وأعرب شاكر عن أعتقاده ان "من يدخل في المعارضة يجب ان يتحلى ببعض الصفات ان لا يعارض من اجل المعارضة او من اجل اسقاط الحكومة، وان اي نجاح لها ينعكس على الجميع"، مضيفاً ان "الحكومة اذا كانت مقصرةً فلا بد ان تظهر المعارضة ادواتها بشكلٍ واضح وجلي وفعال لاجل ان تحاسب الحكومة وان تدقق بافعالها وتعرض على الرأي العام".
"الخارج من السلطة يموت سريرياً"
وقد يشكل بناء السلطة في العراق عقدة لبعض القوى السياسية، والتي تعتقد ان تشكل الحكومة لا يكون وفق الدستور في اغلب الاحوال، كما يرى عضو مجلس النواب عن كتلة سائرون، رياض المسعودي، والذي يشير الى "عدم وجود مفهوم المعارضة في العملية السياسية، لان بناء السلطة هنا هو بناء هش لا يتناغم وطبيعة الواقع السياسي في العراق من اختلافات سياسية وتنوع ديموغرافي ومشاكل تاريخية".
وقال المسعودي لشبكة رووداو الاعلامية ان "المادة 76 ثانيا من الدستور واضحة كل الوضوح في ان من يشكل الحكومة هو رئيس الوزراء"، معرباً عن استغرابه ان "هذه المادة معطلة ولم يعمل بها كون ان القوى السياسية تؤمن ان لا وجود لها خارج الحكومة، وبالتالي فأن القوى السياسية ذاهبة باتجاه بناء السلطة بدلا من بناء الدولة وغياب هوية الدولة ادى الى بروز هويات فرعية وخلافات حقيقة في العملية السياسية".
واضاف المسعودي انه "لا يمكن بحال من الاحوال ان ينظر الى العملية السياسية بها جهة داعمة ومرشحة لرئيس الوزراء وجهة اخرى معارضة، لان هذا المفهوم ينبغي ان ينطلق من مفهوم جبهة للمعارضة وجبهة مشكلة للحكومة قبل اجراء الانتخابات وليس بعد اجراء الانتخابات".
ويعتقد المسعودي ان "تشكيل المنظور السياسي المعارض بعد الانتخابات، هو مفهوم سياسي خاطئ، وبالتالي ينبغي تشكيل هذه الجبهات وهذه المحاور قبل اجراء الانتخابات، من جانب اخرى هنالك نقطة محورية دستورية واضحة في لا بد من تحقيق مبدأ التوازن".
وكانت الرئاسات الثلاث في العراق قد اكدت في وقت سابق على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد في تشرين الأول المقبل، موضحةً أنها تحظى بأهمية بالغة كونها تأتي بعد حراك شعبي مطالب بالإصلاح.
ومن المقرر إرسال فريق أممي لمراقبة الانتخابات البرلمانية المقبلة في البلاد.
اما رفض اغلب القوى السياسية من الذهاب باتجاه المعارضة قبل الانتخابات، فيرى المسعودي ان "السبب في ذلك رغبة القوى السياسية بأن تعتاش على الوزارات والهيئات المستقلة وعلى المنافذ الحدودية والمطارات والغاز والضرائب والتجاوز على مقدرات الدولة، وبالتالي لا يمكن لهذه القوى من ان تتجاوز على هذه القطاعات والمؤسسات دون ان يكون لها تمثيل في الحكومة".
ويوضح المسعودي ان "المعارضة هي جهة تشارك في العملية السياسية، لكنها لم تشترك في تشكيل الحكومة وانها تعارضها مقدما وهذه تسمى المعارضة، لكن من الواضح انه لا يوجد مفهوم للمعارضة السياسية في العراق"، لافتاً الى ان "هذا حدث مسبقا لبعض القوى السياسية كتيار الحكمة ودولة القانون وائتلاف النصر، بسبب عدم اعطائهم الوزارات والوكالات وما يرغبون به فقاموا بمعارضة الحكومة، وقاموا بتحريك الشارع وحملة الشهادات".
واختتم المسعودي قوله ان "المعارضة جبهة سياسية تعلن عن امتلاكها حكومة ظل وامتلاكها لبرنامج ورؤية في ادارة الدولة، كما هو موجود في بريطانيا لديهم حزبين والولايات المتحدة الامريكية لديها حزبين وفي ايران لديهم المحافظين والاصلاحيين"، منوهاً الى انه "في العراق لا يوجد احزاب ولا يوجد المفهوم الحزبي الحقيقي الحزب الذي يمتلك مؤسسات وبرنامج ويمتلك ادوات ومنهاج وهو يعمل سواء في السلطة او خارجها، اما هنا فاي حزب يخرج عن السلطة يموت سريرياً".
"قد يذهب الصدريون للمعارضة"
في المقابل يرى مرشح الانتخابات المستقل سعد المطلبي ان "هناك مؤشرات بناء على معطيات الساحة السياسية والكتل المنسحبة والكتل المستمرة في بقائها بالعملية الانتخابات تشير الى انه من الممكن ان تكون هناك قوى حاكمة واخرى معارضة وعلى الاغلب هذا هو الواقع الحالي".
وقال المطلبي لشبكة رووداو الاعلامية انه "ننتظر نتائج الانتخابات والنتائج هي التي ستحدد هل ان اغلب الكتل ستكون مشتركة بالحكومة، ام ان هناك كتلتين واحدة حاكمة واخرى معارضة، ومن الممكن ان يذهب التيار الصدري باتجاه المعارضة اذا لم يشاركو في الانتخابات، لكن هذا غير قطعي على اعتبار ان هناك امل بعودتهم الى الانتخابات، ويجب ان ننتظر اجراء الانتخابات وما هي نتائجها".
وكان الكاظمي والقوى السياسية قد جددوا في وقت سابق الدعوة للكتل السياسية المقاطعة للانتخابات؛ للعدول عن قرارها، حيث اقترح الكاظمي تشكيل لجنة من القوى السياسية الوطنية للحوار مع الكتل المقاطعة، وإقناعها بالعدول عن قرارها؛ من أجل توحيد الجهود خلال المرحلة المقبلة.
ونوه المطلبي الى ان "المناخ العام الجماهيري ايضا يدعو الى ان يكون هناك قوى تشكل الحكومة واخرى تكون في المعارضة"، مشيرا الى انه "من غير الصحيح ان يشارك الجميع في الحكومة او ان يكون الكل في المعارضة لا بد من وجود فرقين موالات ومعارضة، وهذا سيصب في صالح العملية السياسية وسيؤدي الى انجاز المشاريع الحكومية".
وخلص المطلبي الى ان "الكتل السياسية لم تمارس عملية المعارضة، وعليها ان تتعلم عمل المعارضة وايجاد الية الصحيحة بحكومة ظل ووزارات ظل تتابع عمل الوزارة الحقيقية وتمارس الرقابة الشديدة على المشاريع والانجازات، واذا توجهنا بهذا الاتجاه فبالتاكيد سنصل الى نتيجة مهمة، ونستفيد من التجارب التي نجحت في دول العالم".
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أكدت، استعدادها لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، في العاشر من شهر تشرين الأول المقبل، مشيرة إلى أن الانسحابات لا تؤثر على سير عملها.
وينقسم الشارع العراقي بسياسييه وشعبه إلى طرف مؤيّد لإجراء الانتخابات وطرف آخر معارض لها، عازياً رفضه إلى عدم ملائمة الوقت لإجراء العملية.