تفكيك العرب داخليا لاضعافهم خارجيا!
رويدا رويدا ينحدر العالم العربي نحو الفوضى في العلاقات الداخلية لكياناته التي رسم حدودها ساسة القوى الاستعمارية في بدايات القرن الفائت وفي علاقات تلك الكيانات بعضها ببعض. وبالفعل تحول مفهوم الفوضى (أي غياب النظام) الى مفهوم استراتيجي اسمي 'بالفوضى الخلاقة' على يد منظري ادارة بوش الابن.
المصدر الاول لهذه الفوضى هو الكيان الصهيوني الذي استطاع اقتلاع معظم شرائح الشعب الفلسطيني من مناطق '1948' وتشتيتها في دول عربية مجاورة الامر الذي ادى الى خلق حالة من الفوضى في الكيانين الاردني واللبناني بسبب تمسك الشعب الفلسطيني بهويته الوطنية العربية واعتماد النضال المسلح املا في استعادة وطنه .لكن النظام العربي وعلى مراحل استطاع امتصاص هذه الموجة من الفوضى عبر 'تدجين' الفلسطينيين في لبنان والاردن. وانتقلت هذه الفوضى الى اقاليم '1967' بعد اتفاق اوسلو.
المصدر الثاني لهذه الفوضى هو نظام الامام الخميني الذي راهن على الالفة المذهبية الطبيعية بين الشيعة كأبناء مذهب كي يستعيد 'الامجاد' الفارسية القديمة. ووقع ضحية لهذا التوجه شعوب عربية ثلاثة هي شعب العراق وشعب لبنان وشعب اليمن. وسلم شعب لبنان من هذه الفوضى بحكم مناهضة الاحتلال الصهيوني المباشر للارض اللبنانية ورعاية سورية للمد الخميني في لبنان.
المصدر الثالث لهذه الفوضى هو الولايات المتحدة واداراتها المتعاقبة بما في ذلك ادارة السيد الاسود للبيت الابيض. فالولايات المتحدة هي الراعي الدائم للكيان الصهيوني وهي المنظر الاول لتسلم حركة دينية للحكم في ايران لكي تسد الطريق امام روسيا السوفييتية الى الخليج.
وعندما فشل الكيان الصهيوني وفشل نظام الامام الخميني في تطويع العراق واخفق الحصار الخانق لشعب العراق قرابة 13 عاما في اسقاط العراق الوطني الموحد قامت امريكا بغزو العراق عبر المياه والاجواء والاراضي العربية. ومع احتلال امريكا للعراق وقيام المقاومة العراقية في الشهر الاول للاحتلال ارتأت امريكا استقدام القطيع الايراني الى العراق بل واقامة نظام مكون من عملائها هي وعملاء ايران هذه المعادلة كانت قمة النماذج 'للفوضى الخلاقة'. لم اتحدث عن الصومال لاني اشك في عروبة هذا البلد رغم انتمائه الى جامعة الدول العربية.
المصدر الاساسي لهذه الفوضى هو مصدر عربي بامتياز بسبب غياب الادارة العربية الموحدة تاريخيا للتصدي المدروس لتلك المصادر الثلاثة. فمصر انور السادات سحبت نفسها من الصراع كلية وتحولت الى مسالم للمصدر الاول (الكيان الصهيوني) وغير مكترث بالمصدر الثاني تاركة امره للمصدر الثالث (اي ايران وامريكا على التوالي). وسورية الاسدين عقدت تحالفا مع المصدر الثاني (ايران) وتفاهما مع المصدر الثالث (امريكا) نكاية بالعراق الوطني الموحد. بلدان المغرب العربي كانت في افضل الاحوال متعرجة. اما 'دول' النفط في الخليج فقد كانت وما زالت في الجيب الصغرى للمصدر الثالث لهذه الفوضى (امريكا). من طبيعة الاشياء ان يكون النظام هو الاصل والفوضى هي الاستثناء. لكن الاشياء قد تخلت عن طبيعتها لفترة طويلة جدا في عالم اهل الضاد منذ انهيار الخلافة العثمانية حتى اليوم. العرب كأمة بحاجة الى اعادة قراءة لكل شيء عرفوه او تعارفوا عليه لان قراءاتهم التاريخية قد جلبت لهم الفوضى والمزيد من الفوضى. هم بحاجة ماسة اليوم لقراءة موحدة لكل شيء يهم الامم.
احمد سرور - نيويورك