يكاد يلامس زر الجرس،
فإذا الباب، في مهل لا يُصدِّقْ، يأخذ في الانفراج
ويدخلُ
**
يخطو إلى باب غرفته
حيث صورته بجوار السرير الصغيرِ،
وحيث حقيبته المدرسية ساهرة في الظلام·
يرى نفسه نائماً بين حلمين أو علمينِ
يدقُّ على غرفِ البيت،
يوشكُ ـ
لكنه لا يدقُّ
فيستيقظ الكلّ في ذهل:
عاد!
والله عاد!
يصيحون
لا يسمعون لصيحتهم أي صوت،
يمدون أذرعهم لاحتضان محمدَّ
لكنها لا تلامس أكتافَهُ
**
ودّ لو يسألُ الكلَّ عن حالهم تحت
قصف المساءات،
لم يجد الصوتَ،
**
قالوا كلاماً،
ولم يجدوا الصوتَ!
**
يدنو، ويدنون
مَرَّ· ومروا· استمروا ظلالاً تمرُّ خلال
ظلال ولا تلتقي!
**
أرادوا السؤالَ إذا ما تعشىّ
أيبرد في الليل؟ أم أن سُمْك الغطاء الترابيِّ يكفي؟
وهل أخرج الطبُّ من قلبه طلقة الخوف؟
أم أنه لم يزلْ خائفاً؟
ثم
هل حلّ مسألتيَّ الحسابِ
لئلا يُخيب آمالَ أستاذِهِ في الصباحِ
وهل···؟
**
وهو ودّ بكل بساطته، أن يقول
أتيتُ "أطل" عليكم
لكي أطمئنّ
وقلتُ أبي سوف ينسى، كعادته، حَبّة الضغطِ،
جئت أذكّره مثلما اعتدتُ،
قلت مِخَدّة رأسي هنا لا هناكَ
**
وقالوا···
وقال
ولا صوت:
**
لا جرسٌُ الباِب رنَّ!
ولا كان زائرُهم نائماً في السرير الصغيرِِ
ولا هُم رأوهُ!
**
وعند الصباحِ
تهامَسَ أهل الجِوارِ بأنّ الروايةََ
محضْ خيال،
فهذي حقيبته المدرسية مثقوبة بالرصاص،
على حالها،
ودفاتره غيرّتْ لونَها،
والمعزّونَ ما فارقوا أمَّه،
ثم
كيف يعودُ الشهيدُ إلى أهله، هكذا،
ماشياً، رائقاً
تحت قصفِ مساءٍ طويلْ !
الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي