حول مسلسل فراس إبراهيم صدقوني، المشكلة في المخيلة

حول مسلسل فراس إبراهيم صدقوني، المشكلة في المخيلة

زياد خدّاش

حول مسلسل فراس إبراهيم صدقوني، المشكلة في المخيلة 08qpt892

لم تعد مشكلة مسلسل فراس إبراهيم ــ في نظري ــ هي استمرار عرض المسلسل في فضائية فلسطين (فضائية بلد الشاعر الكبير)، ولم تعد كذلك مشكلة المسلسل في هبوط المستوى الجمالي وتشويه الحقائق لهدف تجاري بحت، لم يعد هذا السؤال مهماً: لماذا لم ينتظر فراس إبراهيم سنوات أكثر على رحيل الشاعر الكبير ليشرع في عمل فني وتاريخي ودرامي حول حياة شاعر الأمة وضمير فلسطين؟.
ولم يعد التساؤل أيضاً مجدياً ومهماً حول فشل أو عجز أو قلة صبر المنتج والمخرج وكاتب السيناريو في الحصول على معلومات بسيطة جداً ومتوافرة عن التفاصيل الصغيرة لحياة محمود، فمثلاً بالله عليكم، أعطوني سبباً يجعل المسلسل طافحاً بالمعلومات البسيطة المزورة عن محمود لباساً ولهجةً وحركة جسد وأثاث بيت وألوان جغرافيا وعلاقات اجتماعية؟ سأعطيكم أمثلة قليلة، كل من عرف محمود درويش عن قرب يعرف أنه لم يكن يحمل في جيبه (بطاقة تعريف) وأنه لم يكن يركب سيارات أجرة، ولم يكن يخاطب ليلى شهيد بـ(ست ليلى)، ولم يكن يلبس قمصاناً ليلكية، ولم يكن قصير القامة ويبتسم برعونة فجّة لكل معجبة تطرق بابه، ولم يكن يعرف أخبار أمه الصحية من أصدقائه (خبروني أنك مريضة يا أمي)، وأنه كان شخصاً ماكراً وخجولاً ومرتبكاً ومتوتراً، كل ذلك لم يعد مهماً الحديث فيه، يا إلهي، لماذا أتحدث إذن عن هذه المواضيع، إذا كانت بالفعل قد فقدت أهميتها؟ أي ضياع أنا فيه، وأي فوضى وحزن، وأي يأس، وعجز وأي توتر؟.
حدث إجماع هائل من مثقفي وفناني فلسطين والعرب حول الفشل الذريع لهذا المسلسل، وحول الطابع التجاري الفاضح لرسالته، إذ لم نسمع (ولن...) أحداً يمدح المسلسل أو يشيد بفكرته المتسرعة المريبة، كما قلت لكم كل ذلك أصبح وراءنا، السؤال الآن: هو كيف تحمل ويتحمل مؤيدو فكرة الاستمرار في عرض المسلسل على فضائية فلسطين ــ على الرغم من حديثهم المتوتر عن تجارية وقذارة وركاكة وهزالة هذا العمل ــ مشاهدة المسلسل. صدقوني إن مشكلة هؤلاء ــ الذين لا أشكك أبداً في وطنيتهم ومستوى إبداعهم وحب بعضهم لمحمود درويش ــ هو في ضعف مخيلتهم أو عدم استخدامهم إياها في استحضار غضب محمود درويش فيما لو قدر له أن يحيا لنصف ساعة فقط ويشاهد معنا اللقطات الأولى من المهزلة. مشكلة هؤلاء ليست أنهم ديمقراطيون بشكل أعوج فقط، إن مشكلتهم هي أنهم صبورون بشكل مغيظ، حد العقلانية الفجة والمؤذية وغير الإنسانية. سؤالي لهم: كيف يا أصدقائي الديمقراطيون ستتحملون مشاهدة هذا العمل التجاري المقزز والركيك حتى نهايته حتى تكتبوا عنه وتفضحوا ركاكته؟ أوه، كم أحسدكم على هذا الصبر وهذا الإيمان الغريب بشرعية وحق الهابط والضحل والتجاري في التواجد في منابرنا وشاشاتنا وحياتنا، إذا كان الأمر كذلك فأنتم مع حق شعبولا (العظيم) في التواجد في منابرنا الثقافية، أليس منعه يعتبر استبداداً وقمعاً وعدم ديمقراطية ؟ مرحباً مرحباً بهيفاء وهبي إذن على شاشاتنا باسم ديمقراطيتكم وعدم استبدادكم، سأنهي مقالتي هذه بسؤال إلى صديقي الذي أحترمه، الشاعر مريد البرغوثي والذي كتب في صفحته الفيسبوكية ما يلي: 'المسلسل عن حياة محمود درويش مقزز من كل النواحي، ولكن حماسة بعض المثقفين لمنع بثه تتنافى مع صمتهم على العبث بالقضية الفلسطينية ذاتها على يد قياداتها في رام الله وغزة طوال السنوات الماضية وحتى الآن. المسلسل مقرف وتجاري وانتهازي وركيك لكن دعوات المنع والمصادرة لا تليق بإنسان حر. وكما أدركتم أن المسلسل ساقط ثقوا بالناس التي ستشارككم الرأي حتماً ولا تفرضوا وصايتكم عليهم. ماذا تركتم للشرطة؟'.

وأسال هنا شاعرنا الجميل الذي نحبه ونحترمه:
المسلسل مقرف وتجاري وانتهازي وركيك وأنت يا صديقي مع الاستمرار في عرض المقرف والتجاري والانتهازي على شاشاتنا بحجة حرية التعبير. ؟! أنت إذن مع حق أي كاتب في نشر كتب مقرفة وتجارية وركيكة وانتهازية؟ تخيل مجلة أدبية تنشر نصاً مقززاً وتجارياً وانتهازياً جنباً إلى جنب مع نصك العميق والدال والجميل؟ هل توافق على ذلك؟ ولم لا فأنت تؤمن بحق المقزز والانتهازي والركيك والتجاري في التواجد في أدبنا وشاشاتنا ومنابرنا الثقافية؟
أنت تعرف شكل غضب محمود درويش جيداً يا صديقي مريد، كما أعرف أنا ويعرف كثير من المقربين منه، هيا نتخيل معاً أنفسنا جالسين مع محمود درويش، ونشاهد معاً اللقطات الأولى من مسلسل فراس إبراهيم على شاشة فضائية فلسطين،
أريدك وأنت صاحب أجمل مخيلة إنسانية وشعرية، أن تتخيل ردة فعل محمود درويش، وما الذي سيفعله حينئذٍ؟ وبمن سيتصل؟ وفي وجه من سيصرخ؟ والسؤال الأهم والأخطر هو: كيف ستكون ردة فعلك أمام محمود؟ هل ستقول له: ما قلته في صفحتك الفيسبوكية؟: يا محمود، صحيح أن العمل مقزز ولكن يجب ألا نطالب بوقفه، حتى لا يقال عنا إننا استبداديون؟.
أرجوك أرجوك يا مريد، أن تتخيل معي، صدقني، المشكلة في المخيلة، تماماً في المخيلة.

تحية الاسلام
تحية النصر المبين
تحية الشموخ والعزة
تحية الكرامة
تحية المرابطين
في ارض الرباط
الى يوم الدين
جزاك الله خيرا
وبارك الله
لك وعليك
حروفك واطلالتك
وعبق كلماتك
بحر من العطاء
لن ينضب
كلماتك سفينتي
التي ابحر بها
في عباب البحر
الى شاطئ
البر والامان
حروفك ابجدية عشق
من سالف الازمان
موسيقى كلماتك الحانية
انشودة تتحدى
السجان والقضبان
قوافيك حصار
يحاصر قوى الشر
والاثم والعدوان
شهادتي بك مجروحة
ارسلها اليك
على جناحي
طائر الفينيق
من عتمة الدرب
الى مصباح
الامل والبريق
دمت بحفظ المولى

» حمدان البغدادي ولغتنا العربية الجميلة - أسم فراس فراس: اسم علم تعود أصوله إلى اللغة العربيَّة، ويُطلق اسم فراس على الرّجال دونًا عن النِّساء، واشتُقَّ اسم فراس من الفعل الماضي فَرَسَ أي: اصط
» العراق: قتل المخيلة جريمة لا يعاقب عليها القانون! : هيفاء زنكنة
» حلويات المشكلة الجزآئرية
» الطائفة الإثيوبية ليست المشكلة
» الرئيس السوري بشار الاسد : يجب حل المشكلة مع مصر

صفحة 1 من اصل 1