اذا كان العراقيون في هذه الايام الحزينة وهم يواجهون ظلم حزب الدعوة وجور عملاء بوش واوباما وخامنئي، وسراق قوت الشعب من المالكي نزولا الى أصغر صبيانه، يشعرون بالمرارة والفجيعة لما انحدر اليه بلدهم من فقر وجوع وحرمان وتهديدات بالغاء البطاقة التموينية، فانهم لا بد ويتذكرون جنديا باسلا قاد معركة ( البطاقة التموينية ) باقتدار، وأدخل الطعام والدواء الى كل بيت عراقي من زاخو الى الفاو، ومن مندلي الى الرطبة، ورفع هامات العراقيين وقوض مخططات التجويع والتركيع التي رسمتها دوائر وجهات ودول لخنق العراقيين وحصارهم، هذا الانسان الطاهر النقي اسمه - محمد مهدي الراوي - وزير التجارة في العهد السابق وقد اطلق سراحه مؤخرا بعد أن أمضى في سجون الاحتلال ومعتقلات نوري المالكي قرابة تسع سنوات وكل جريمته انه نجح في إطعام الملايين من العراقيين ودفع الامراض عنهم وتوفير الغذاء والدواء لهم باقل الاسعار.
هذا الرجل الوفي لشعبه، التقي في مسلكه ومنهجه، حقق الامريكان معه واستجوبه أتباع ايران في جلسات طويلة ومحاكمات كريهة، كانوا يمنون انفسهم فيها بالعثور على دولار واحد وضعه في جيبه أو في حصة غذائية واحدة أضافها الى بيته، او في حاجة معينة استحوذ عليها دون وجه حق، ولكنه خيب آمالهم لان صفحته ظلت بيضاء ناصعة لم تغره الاموال ولم تعبث به الاهواء، فهو من طينة حرة وبيئة شريفة وعالي جناب، لم تقدر على لي ذراعه دول وحكومات اضطرت في النهاية ان تستجيب لشروطه العراقية ورضخت شركات كبرى لتلبية ضوابطه الوطنية، وانتصر واستحق ثناء العراقيين واعجاب العرب وتقدير العالم واستمر في نظافته وعفته الى نيسان 2003 تاريخ الغزو الامريكي، وكم كانت دهشة الامريكان عندما وجدوا مخازن وزارة التجارة في منطقتي الدباش وابو غريب مليئة بالمواد الغذائية التي كانت تكفي العراق لستة اشهر قادمة، وسأله المحققون الامريكيون كيف صنعت ذلك؟ فرد عليهم بالعزيمة والايثار والتضحية وقال لهم ايضا ان العراقيين شعبا وموظفين ووكلاء توزيع تعاونوا مع اجهزة وزارته وكانت النتيجة خيرا عم الجميع وأرضى الجميع، هذا هو محمد مهدي الراوي رجل من زمن جميل ومعدن صاف، تحكمه المروءة والاخلاق والقيم النبيلة، حيوا معي ابن راوة والانبار وخادم العراق والعراقيين، وادعوا له بالصحة وهو يعاني في غربته آثار السجن والاعتقال وقسوة الجلادين.
ولان المقارنة بين العهد السابق والنظام الحاكم الحالي لا تصح لاعتبارات سياسية واجتماعية باتت معروفة، لكن لاحظوا سلوك الوزير الراوي وهو في وزارة التجارة لاكثر من خمسة عشر عاما دون ان يمد يده الى الحرام مع ممارسات وزير من نتاج حزب الدعوة يدعى عبد فلاح السوداني جاء به الامريكان وهو يتسكع على أرصفة شوارع بيكادلي وبيزووتر واجورد رود في لندن ونصبوه وزيرا للتربية اولا والتجارة تاليا وفي الوزارة الاخيرة التي قضى فيها بضعة اشهر لا غير، تحول الى مليادير وصاحب ارصدة وشركات وقصور وسيارات وخدم وحشم ومرافقين وحراس، بينما وزير صدام وبعد سنوات طويلة وهو يقود أغنى الوزارات يستأجر شقة متواضعة في عمان يقيم فيها قانعا ومقتنعا، سعيدا في حياته وممتنا لحماية الباري عز وجل له من شرور واشرار هذه الدنيا الفانية التي لا يبقى فيها لكائن من كان بعد موته غير الاسم المحمود والذكر الحسن والسمعة الطيبة.
مات صدام حسين وسيموت نوري المالكي ولكن من سيبقى في ذاكرة العراقيين والعرب والبشرية ومن سيخلده التاريخ ؟
سيقول التأريخ اليوم وغدا وبعد غد، ان صداما صعد على المشنقة واثق الخطوة يمشي ملكا، رجلا بهيا لم يترك وراءه فلسا أحمر او قصرا أخضر او ذهبا أصفر وهو حكم أكثر من ثلاثين سنة حفلت بالمنجزات والمكاسب والتحولات وبين يديه المليارات كان بمقدوره ان يغرف منها ما يشاء دون حسيب او رقيب، ولكنه انسان مهيب يحترم نفسه وموقعه ويحتقر اللصوصية والسحت الحرام، بينما سيموت المالكي والله وحده يعرف كيف سيموت؟ ولكن بالتأكيد ستكون ميتة رخيصة لن تنفعه فيها ملياراته الدولارية ولا استثماراته الموزعة على نصف الكرة الارضية، لانها مسروقة ومغتصبة من المال العام الذي يعود أصلا الى الشعب الذي يكابد ويعاني ويشكو الى الله ظلم من جاء جائعا وشبع من خير العراق، واقبل عاريا وتغطى بموارد العراق، وبدلا من حمد العراق وشكر أهله، فانه استل خنجره المسموم وراح يطعن الاحرار والاشراف من الخلف ويذبح الفقراء بوقاحة ويسيل طوفا من الدم العراقي البريء، غير مكثرث بصرخات اليتامى وأنات الارامل وبكاء الاطفال .
وسيموت محمد مهدي الراوي بالتأكيد ولكن قلوب الملايين ستحزن لرحيله وعيون الملايين ستدمع عليه وسيواجه ربه وعلى محياه ابتسامة رضا، مهذبا ومؤدبا ومحترما، لانه خدم أهله وشعبه بنزاهة بلا طمع ولا ثراء او إثراء، ونجح في ان تكون البطاقة التموينية في عهده ذات عشرين مادة من حليب الاطفال الى الرز والطحين والسمن والسكر والشاي والبقوليات حتى ان كثرة من الاسر والعوائل كانت تبيع الفائض عن حاجتها لتنتفع من ايراداتها في مجالات اخرى ، في حين سيموت العبد السوداني وهو اسود الوجه من كثرة سرقاته وتلاعبه بقوت الشعب وسيلعنه العراقيون لانه شطب على ثلاثة ارباع بطاقة الراوي، ولم يُبق منها غير ربع كسيح لا يُشبع بطنا ولا يفيد بشرا، فسن بذلك سُنة مشى عليها من أتى بعده وعلى شاكلته المدعو صفاء الصافي، النشال الحافي وهو ايضا من حزب الدعوة قلد ابن السوداني وسار على دربه في سرقة موازنة البطاقة التموينية وفضيحتي الزيت المغشوش والشاي ( نشارة الخشب المصبوغ ) تكفيان لفضح معدنه الرديء .
واذا كان الراوي سيقف امام الله يوم الحساب وهو مرفوع الرأس مطمئن النفس غير خواف ولا جزع، لانه صادق وأمين، شجاع وكريم، ومكانه جنة الخلد إنشاء الله، فان السوداني سيكون في أحط موقف لا تقوى رجلاه على حمله لضخامة آثامه وذنوبه وجرائمه وقطعه للارزاق الذي هو أشد من قطع الاعناق ومصيره جهنم بلا شك ولن يفيده يومذاك المالكي وخضير الخزاعي وابراهيم الجعفري ولن يقدر خامنئي ولاريجاني وقاسم سليماني الدفاع عنه لانهم سيساقون اما قبله او بعده الى النار.
وعندما نقول ونكرر أن شيعة واشنطن وطهران لا يصلحون الا للسلب والنهب والتهريب والاختلاس، فاننا ننطلق من خواء عقيدتهم القائمة على الاباطيل والخرافات والبدع والضلالات، فهؤلاء لهم دين لا علاقة له بالاسلام الحنيف ورسالته المحمدية السامية، هم من ملة اخرى لا دين لها غير الطعن في الاسلام والاساءة الى نبيه المصطفى وآل بيته الاطهار والتشهير بالخلفاء والقادة والرموز والابطال الذين صانوا الاسلام وحملوه على اكتافهم وسيوفهم وتضحياتهم يقوضون امبراطويات الشر والعدوان في المشرق والمغرب وينقذون البشرية من عبادة الاوثان وتقديس النار والحيوان وينشرون العدل والمحبة والتعاضد والابداع في ارجاء الدنيا، فليس مسلما حقيقيا من يأكل حقوق الناس وينهب ثروات الوطن ويسرق موارد البلاد ويُفقر العباد، ويرهن نفسه أجيرا في خدمة الامريكان وايران ويعادي العروبة والعرب.
ان استمرار حزب الدعوة الخائن للعراق منذ نشأته والعميل لايران البهلوي ثم الخميني منذ ظهوره وانتعاشه، في السلطة والحكم مع حلفائه ومرتزقته سيودي بالعراق الى كوارث خطيرة ترزح البلاد تحت وطأة بداياتها الآن والآتي منها أدهى واعظم، واذا ظل هذا الحزب يتحكم بمفاصل الحياة ويواصل سرقة موارد العراق وثرواته وخيراته ويسعى الى قهر الشخصية العراقية وتجويعها واخضاعها لمنهجه المدمر فهذا يعني ببساطة ان العراقيين مقبلون على ايام سود وموت جماعي في البيوت وعلى ارصفة الشوارع، لذلك فان المسؤولية الوطنية والاخلاقية تحتم على العراقيين شيعتهم قبل سنتهم الى العمل بجد وفاعلية لاسقاط حزب الدعوة ومنع هيمنته على مقدرات العراق، لانه يسعى في واحدة من أجندته بالغاء البطاقة التموينية الى تزوير الانتخابات المقبلة لصالح ازلامه واتباعه، بعد ان ثبت ان هذه البطاقة تكاد تكون الوثيقة الرسمية الوحيدة الباقية التي لا يستطيع المالكي وشلته الافاقة تزييفها، وايضا يريد ان يطمس انجازا - شئنا أو أبينا- مسجلا باسم صدام حسين وعهده ووزرائه.
ان تداعيات قضية الاسلحة الروسية الاخيرة تفضح السلوك اللصوصي للمالكي وتكشف ان قادة حزب الدعوة لا يستيطعون العيش دون اختلاسات وعمولات وسرقات، واغلب المتهمين هم من اقارب واصهار وحاشية زعيم الحزب، والشبكة تبدأ من الناطق الرسمي باسم حكومته الذي قدم استقالته اعتقادا منه بان الاستقالة تجنبه الحساب، مرورا بابن المالكي أحمد الذي لا يُحمد الا من قبل والدته ( حفظها الله ) وأصدقاء السوء، وانتهاء بابن صخيل المدعو ياسر وهو زوج ابنته المصون ( إسراء ) ومرافقه الاقدم كاطع الذي اشتغل ( قصاب ) في الكويت لسنوات طويلة قبل ان يهرب منها الى ايران وسوريا بعد ثبوت ضلوعه بمحاولة اغتيال امير الكويت السابق الشيخ جابر وتفجير السفارتين الفرنسية والامريكية في مطلع الثمانينات.
ألم نقل ان حزب الدعوة لا يضم الا السراق واللصوص و ( الحرامية ) ؟
|