عندما أصبح التعري رمزا لمعارضي الدستور!!
محمد محسن أبو النور ـ مدير مكتب القاهرة
اندهش الكثيرون من الموقف المباغت الذي اتخذته الناشطة الليبرالية المصرية علياء المهدي يوم الخميس أمام السفارة المصرية بالعاصمة السويدية ستوكهولم، بعد أن رافقت فتاتين من منظمة "Femen" الدولية التي تدعو إلى التعري للتعبير عن مواقف سياسية مناهضة للأنظمة.
... علياء ظهرت في فيديو على الموقع الرسمي للمنظمة وقد اتَّشحت بطوق من الورد وضعته على رأسها وفي طريقها إلى السفارة تجلت عليها سكينة وهدوء شديدين وكأنها ذاهبة إلى الاستشهاد في سبيل الله!!
ذهبت برفقة الفتاتين إلى حيث مقر السفارة وتجردت من معطفها الأصفر الذي ارتدته وحيدا دون شيء تحته وظهرت أمام الكاميرات عارية تماما من أي ملابس رافعة علم مصر، وقد كتبت على نصفها العلوي بالإنجليزية "Sharia is not constitution" أي أن "الشريعة ليست الدستور".
ما زاد الطين بله أنها غطت سوءتها بكتاب مكتوب عليه بالإنجليزية "قرآن" كما ظهرت زميلتيها بكتابين مكتوب عليهما التوراة والإنجيل، في رسالة واضحة الدلالة تؤكد استخفافهم بحرمة وقدسية الكتب المقدسة التي أنزلها الله من فوق سبع سماوات.
ما هو أكثر من ذلك أن الفيديو أضهر لافتة ملقاء على الأض ومكتوب عليها بالإنجليزية "No Religion" أي "لا دين"، ومعنى ذلك بداهة أنهم لا يؤمنون بالديانات من حيث المبدأ.
لم أندهش من موقفها خاصة أنني أعرفها وأعرف مدى انفلاتها منذ أن كنت أتابع نشاط حركة "6 إبريل" في أعقاب الثورة، وقد فَعَلتْ مثل فعلتها سابقا اعتراضا على وضع حرية المرأة في مصر؛ وهو ما دعى المنظمات الدولية الحقوقية إلى الاحتفاء بها وتكريمها في العديد من المناسبات ذات الشأن.
وفي الحقيقة يدعو توقيت ما فعلته المهدي إلى التأمل من حيث دلالته قبل الجولة الثانية من الاستفتاء بأقل من 48 ساعة، وهو ما يؤكد تخوفا دوليا وليبراليا من اكتساح الفريق المصري المؤيد للدستور ومحاولة تجييش كل ما أمكنهم لحض المصريين على تغيير بوصلتهم من (نعم) إلى (لا).
ما لا تعرفه علياء والقوى الدولية التي دفعتها إلى ذلك، أن كثيرا من المصريين الذين كانوا قد قرروا التصويت بـ (لا) سيعدلون عن موقفهم ويصوتون بـ (نعم) لأنها أصبحت في قياس الرأي العام العالمي رمزا لكل معارض لمشروع الدستور.
وهو ما يعد سبة وعارا في جبينهم ـ أقصد من يقولون (لا) ـ وقد عقدوا العزم على تحاشي هذا العار بأي ثمن، حتى لو على حساب عقائدهم السياسية.
المدهش في الأمر أن الدكتورين محمد البرادعي وعمرو حمزاوي اللذين يدافعان بضراوة عن حق التعبير عن الرأي ويعتقدان أن باب الحريات في مشروع الدستور فيه تقييد كبير لحرية الأفراد؛ لم يتفضلا بكتابة تدوينة واحدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" رغم علمهما أن هذا يخالف ليس فقط تعاليم الأديان بل يخالف ـ بشكل فج ـ كذلك تقاليد ومعتقدات المصريين.
وفي تصوري أن موقف التيار الليبرالي الصامت في مصر عن تلك الفعلة يعطي إيحاءات برضاه عن ما اقترفته الفتاة العشرينية "المتحررة" من وجهة نظرهم.
وأصبحت بذلك علياء المهدي قبل ساعات من المرحلة الثانية للاستفتاء على مشروع الدستور رمزا حقيقا لكل من يقول (لا)...
شاء من شاء وأبى من أبى!!!