الفلسطينيون يتمنون الخير
والاستقرار لمصر الشقيقة
في البداية نؤكد أن ما يحدث في أرض الكنانة هو شأن داخلي يهم المصريين أولا
وأخيرا. وما يوصف بحالة الانقسام في الدولة الشقيقة التي نكن لها كل التقدير والعرفان
على دورها في مساندة القضية الفلسطينية مسألة نثق كل الثقة بأن شعب مصر العظيم،
الذي يستند إلى حضارة عمرها سبعة آلاف عام، قادر على حلها وتجاوزها بحكمة عقلائه
وأصحاب الرأي فيه، وما أكثرهم. لكن هناك من يدخل الموضوع الفلسطيني في هذا
الانقسام أو يزج بالفلسطينيين فيه إما بحسن نية أو بغير ذلك، لغاية في نفوسهم ما
يؤدي إلى سوء فهم أو حساسيات مفتعلة لا تخدم أيا من الشعبين الشقيقين، اللذين
تجمع بينهما عوامل التاريخ والنضال المشترك والأخوة الصادقة عبر مئات السنين،
وربما آلاف السنين.
الشعب الفلسطيني خاصة، والأمة العربية عامة، يريد أن ترتفع القضية الفلسطينية
فوق الخلافات والمنازعات بل والانقسامات الداخلية بين الدول العربية، وفي كل دولة
عربية على حدة. لأن لهذه القضية قداستها، والزج بها في المهاترات والإسفافات
الإعلامية المغرضة تكمن وراءه نوايا سيئة تستهدف القضية الفلسطينية في
الصميم.
والفلسطينيون، قبل كل شيء وبعده، بشر، وليسوا ملائكة خصوصا حين تستدرج
عددا منهم بعض الأنظمة العربية لخدمة مصالحها تحت شعار الدفاع عن القضية
الفلسطينية. هذا حدث في الماضي، وما يزال يحدث في الحاضر، لكن الانتماء لفلسطين
هو الذي يوحد بين أبنائها، وهو المدخل لكل الأخطاء، وربما الخطايا، التي يرتكبها نفر
من أبناء الشعب الفلسطيني بحسن نية على الأغلب، ثم يتراجع بعضهم عنها، عندما
تستبين له السبيل الحقة لخدمة شعبه ووطنه وقضيته.
ما نريده لمصر الشقيقة في هذا الظرف الصعب الذي تمر به هو أن يجمع الله على
الخير كلمة أبنائها، وأن يتفقوا على ما فيه المصلحة لشعبها الكريم، وأن يتعاونوا
جميعا دون أي تفرقة على خدمة بلدهم والتغلب على مشكلاتها السياسية والاقتصادية
والاجتماعية وإعلاء مكانتها بين دول العالم، بما يتناسب مع تاريخها العريق وإمكانات
شعبها المتميزة، وموقعها الاستراتيجي في المنطقة، ومكانتها المرموقة في قلب
العالم العربي.
ويعلق شعبنا على مصر الآمال في تحقيق المصالحة الوطنية التي طال أمد انتظارها،
وسيكون إنهاء الأزمة العابرة في مصر البداية الموفقة للجهود المصرية المأمولة في
تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية هنا أيضا.
لكن ما يتفوه به بعض ذوي النفوس المغرضة من توجهات أو مخططات من جانب
اسرائيل تستهدف سيناء، كوطن بديل للفلسطينيين، هو مجرد تخرصات وأباطيل
وأكاذيب من نسج خيالات مريضة ومغرضة. فالفلسطيني لايرضى عن وطنه بديلا. وقد
عاين العالم عبر وسائل الإعلام كيف كان الجانب الفلسطيني من معبر رفح مكتظا بالغزيين،
بينما الطائرات الاسرائيلية تصب حمم قذائفها على القطاع خلال عدواني اسرائيل على
القطاع عام ٢٠٠٩ و خلال العام الحالي.وكان الفلسطينيون مستعدين لمواجهة الموت
في وطنهم، مفضلين ذلك على الأمن في أي دولة عربية أو أجنبية أخرى.
وسوف يشهد العالم كله أيضا تدفق اللاجئين العائدين إلى فلسطين بمجرد أن
تسمح لهم الظروف بذلك، داحضين بذلك أوهام الأوطان البديلة والتوطين، وما إلى ذلك
من المزاعم والأقاويل المغرضة التي لا تستهدف إلا الوقيعة بين الشعب الفلسطيني
وأشقائه العرب في الجوار، وغير الجوار.
أعان الله مصر العزيزة على قلوب أبناء الشعب الفلسطيني على تجاوز أزمتها، وسدد
على طريق الوفاق والتوافق مسيرة قادتها. فاستقرار مصر هو الضمانة الحقيقية للأمن
القومي العربي، وفعالية النضال الفلسطيني لتحقيق الأهداف والتطلعات الوطنية
الفلسطينية التي كافح الفلسطينيون والمصريون، والمخلصون من أبناء هذه الأمة، من
أجل تحقيقها وبذلوا التضحيات الجسيمة في سبيلها