نحو وحدة الرايات مجددا
وأخيرا، يبدو ان منطق الوحدة التي نبض بها قلب شعبنا في الضفة وغزة والشتات قد
تغلب على صوت الانقسام وان منطق العقل تغلب على الاعتبارات الفئوية والحزبية بعد
الجهود التي قامت بها فصائل العمل الوطني والاسلامي واعلان حكومة "حماس" في غزة عن
موافقتها على اقامة المهرجان المركزي لاحياء ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية في السرايا
والاعلان عن ان لجان "فتح" في القطاع المنظمة لهذا الاحتفال بدأت استعداداتها لاقامته.
وهو تطور هام يعيد الى اجواء المصالحة الوطنية ذلك الزخم الذي تولد مع تجسيد وحدة
شعبنا خلال العدوان الاسرائيلي على غزة ثم خلال احتفالات الانجاز الدبلوماسي السياسي
بالاعتراف الدولي بفلسطين دولة تحت الاحتلال بصفة مراقب في الامم المتحدة، وهي
الاجواء التي بدأت تخبو الاسبوع الماضي بعد ان حاول البعض عرقلة اقامة هذا المهرجان
تحت حجج وذرائع واهية.
واذا كان مهرجان الانطلاقة ال ٤٨ مهرجانا وطنيا بامتياز لأن الثورة الفلسطينية المعاصرة
التي اطلقتها "فتح" اواخر عام ١٩٦٤ ومطلع العام ١٩٦٥ هي ثورة الشعب الفلسطيني
بأسره بعماله وفلاحيه وطلابه ومختلف فئاته الدينية والفكرية وهي الثورة التي جاءت ردا
على الاحتلال ومحاولات طمس قضية شعبنا وتصفيتها وردا على محاولات فرض التبعية
والوصاية وتكريس اللجوء. ولهذا فأن هذه الثورة العظيمة التي اطلقتها فتح قبل عقود
وتواصلت لتحفر اسم فلسطين في ضمير العالم اجمع ولتحقق من الانجازات ما جعل فلسطين
رقما صعبا عصيا على النسيان او القفز عنه، هذه الثورة هي ثورة ابناء الشعب الفلسطيني
بأسره بعيدا عن الفئوية والحزبية. ولهذا كان من المستغرب ان يكون هذا اليوم الوطني
الذي يمثل ذكرى الانطلاقة التي يفتخر بها كل فلسطيني، موضع تجاذب وخلاف او ان تتم
عرقلة احياء مهرجان الانطلاقة.
وفي كل الاحوال، فقد احسن صنعا كل من غلب صوت الوحدة والعقل وبث الأمل مجددا في
نفوس ابناء شعبنا بقرب انهاء هذا الانقسام المأساوي لنرى رايات العمل الوطني والاسلامي
جنبا الى جنب مرفوعة خفاقة ليس فقط في ذكرى الانطلاقة بل ايضا في مواجهة التحديات
الجسيمة التي يفرضها الاحتلال امام شعبنا بأسره، لتستعيد ساحتنا السياسية وحدتها
ودرع الأمان الواقع في المسيرة الطويلة نحو فلسطين المستقلة.