بنت جبيل حاضرة جبل عامل ,واحدى امهات هذا الجبل,وهي تاريخيا عنوان بلاد بشارة ...
-------------------------------------------------------------------
التسمية والموقع
"بنت جبيل" تعني بيت شمس او بيت صناعة الخزف، وهي انثى ابن ومصغر جبل كما وردت في كتاب "خطط جبل عامل" للسيد محسن الامين، ويقال بان احدى الاميرات نزحت اليها نتيجة ظرف ما فعرفت بـ"بنت جبيل".
تقع البلدة في القطاع الغربي من المنطقة المحتلة، تحدها من الشرق عيترون، من الشمال كونين، اما من الجنوب فتحدها يارون. ومن الجهة الشمالية الشرقية تحدها عيناتا، ومن الجهة الشمالية الغربية الطيري، في حين تحدها من الجهة الجنوبية الغربية عين ابل ومن الجهة الجنوبية الشرقية مارون الرأس.
تصل الى البلدة من بيروت عن طريق: صيدا - صور - جويا - تبنين - معبر بيت ياحون - كونين - بنت جبيل (120 كلم ).
وعن طريق : النبطية - معبر كفرتبنيت - دير ميماس - كفركلا - العديسة - مركبا - حولا - ميس الجبل - بليدا - عيترون - بنت جبيل (150 كلم).
ومن المصنع اللبناني عن طريق: حاصبيا - جديدة مرجعيون - بنت جبيل (90 كلم). تبعد البلدة عن صيدا حوالي 83 كلم وترتفع عن سطح البحر حوالي 770 م. وتبرز فيها التكوينات الكريتاسية السينومانية التي تشكل مثلثا عظيم الاتساع يمتد بينها وبين يارون والناقورة وتبنين. واذا ما شاهد الانسان البلدة من مكان مرتفع يستطيع ملاحظة التواء طبيعي يمتد من جنوبها الى نبع الحجير طولا حيث يعتبر سبب تكون نبع الحجير في تلك المنطقة.
سكانها
يبلغ العدد الإجمالي لابناء بنت جبيل حوالي 43900 نسمة يسكن فيها منهم 3800 نسمة تقريبا، بينما ينتشر حوالي 72 % من ابنائها في اميركا واستراليا وافريقيا وبعض الدول العربية والاجنبية. ويقطن ما نسبته 20 % في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية.
تضم البلدة حوالي 80 عائلة اقدمها عائلة قصير .. ومن ابرز عائلاتها: بزي، بيضون ، شرارة، سعد، جمعة، فرج، الحوراني، بوصي، الصغير، الشامي، دباجة، حراجلي، الزين، حمقة.. وغيرهم..
بنت جبيل في التاريخ
كانت بنت جبيل مركز الناحية ايام الامراء ال علي الصغير وكان فيها ال سودون ومشطاح وشامي الذين قضى عليهم والي نابلس عام 1478 م. بعد ذلك برز ال بزي وخصوصا صالح اغا بزي عام 1729 بسبب مواقفه السياسية البارزة حيث استقبل في داره جنود ظاهر العمر وناصيف النصار الذين واجهوا الشهابيين آنذاك. وولي الولد الاكبر لصالح ويدعى سلمان، جباية الضرائب من قبل الجزار جمال باشا في القسم الجنوبي من جبل عامل ولكنه عاد واعدمه في عكار بعد الوشاية به. وقد ذهب والده لانقاذه فوجده قد اعدم فتوفي متأثرا بذلك ودفن هناك عام 1787م.
في العام 1839 برز الشيخ حسين السلمان الذي بنى سرايا وجعلها دار الامارة وعرف بمناصرة المصريين في ذلك الزمان، وورث عنه ابنه تامر بك الحكم والنهج وتعرض لكثير من المضايقات الخارجية وتوفي عام 1877 م ودفن في ميس الجبل.
وفي تلك الفترة، تزعم البلدة محليا الحاج محمد بزي حيث ذهب مع وفد من ابنائها للترحيب بالأمير عبد القادر الجزائري في قرية ديشوب (فلسطين)، وقد توفي عام 1880م فورث عنه الزعامة اخوه سليمان الذي توفي عام 1889م.
بعد ذلك اطل محمد سعيد بزي وكان يعاون كامل الاسعد وقد تبوأ عضوية محكمة مرجعيون ورئاسة محكمة صيدا ثم تفرغ للزعامة واقام علاقات وثيقة مع وجهاء فلسطين، كما انضم الى صفوف "جمعية الاتحاد والترقي" عام 1909 وسجن من قبل السلطة العثمانية ولكن خلال عملية لتبادل الاسرى تم الافراج عنه وعن آخرين. وكان محمد بزي من الزعماء الذين شاركوا في مؤتمر الحجير عام 1920م، فحكم عليه الفرنسيون بالنفي المؤبد هو وعبد الحميد بزي بالاضافة الى ضبط املاكهما، كما حكم بالاعدام على كل من محمود احمد بزي، فياض شرارة، عبد المجيد بزي ولكن لم ينفذ الحكم باي واحد منهم. وتجدر الاشارة الى ان معظم ابناء البلدة هاجروا هربا من التجنيد الاجباري ومنهم من جند بشكل قسري.
ومع مجيء الاحتلال الفرنسي للبنان، تشكلت فرق مقاومة فعرفت فرقة المقاوم محمود احمد بزي على غرار فرقتي ادهم خنجر وصادق حمزة. وضمت الفرقة، عبد الامير بيضون، العبد ونعيم ظاهر ايوب، يوسف محمود بزي ونمر حمودي بزي بالاضافة الى 9 عناصر من خارج البلدة.
وعمل الاحتلال الفرنسي على اشعال الفتن بين القرى مما ادى الى خرق التعايش الاسلامي-المسيحي بين بنت جبيل وعين ابل لتحقيق مآربه واطماعه وللحفاظ على سلامة جنوده من تحرك المقاومة في المنطقة. وهكذا حصلت هجومات بين الطرفين مما ادى الى تدمير بنت جبيل وسقوط قتلى وجرحى.
ونتيجة ذلك، هجرت البلدة باكملها الى القرى والبلدات المجاورة. كما حكم الفرنسيون بالاعدام على عدد من ابنائها، ومنهم من نفذ بحقه الحكم ومنهم من استطاع الفرار حيث استقر في بلاد المهجر.
انتفاضة عام 1936
بسبب رفضهم للاحتلال الفرنسي، انتفض ابناء جبل عامل مطالبين بتحرير ارضهم فاعتقل في سرايا البلدة كل من الحاج علي بيضون، علي بزي (نائب ووزير سابق)، موسى الزين شرارة وانيس الايراني. هذا التصرف دفع الناس الى التظاهر امام سجن السرايا محاولين اخراج المعتقلين ففوجئوا بطلقات نارية من العدو ادت الى استشهاد مصطفى العشي (بنت جبيل)، محمد الجمال وعقيل دعبول (عيناتا). وعلى الاثر تم اقتحام دار الحكومة واستطاع حسن بسام تحطيم باب السجن.. ويذكر ان معروف شرارة صعد الى سطح مقر الامن العام في بيت هيدوس وانزل العلم الفرنسي.
تاريخها العلمائي
الوضع الديني في بنت جبيل افضل حالا من القرى الباقية ذلك ان بنت جبيل خرجت العديد من رجال الدين. وبرز من علمائها القدماء الشيخ موسى أمين شرارة (1846-1884) الذي درس في النجف الاشرف لمدة 9 سنوات ثم عاد واستقر في بلدته وانشأ مدرسة دينية عام 1866، تتلمذ على يديه السيد محسن الامين وآخرون. للشيخ شرارة منظومة شعرية في الاصول تتألف من 1680 بيتا ومنظومة في المواريث. بعد وفاته حضر الى البلدة السيد مهدي الحكيم بطلب من ابنائها وتوفي عام 1891م، وجاء بعده السيد نجيب فضل الله، كما عرف الشيخ عبد الكريم موسى شرارة (1867-1901).
ونذكر من علماء البلدة : حسين بزي (1869-1920)، عبد الله بزي، علي شرارة (1881-1954)، عبد الكريم محمد شرارة (1867-1941)، محسن عبد الكريم شرارة (1890-1945)، موسى عبد الكريم شرارة (1905-1997)، علي بزي (1904-1996)، ابراهيم محمد حسين شرارة (1939-1970).
وبالنسبة إلى آل الحكيم، فبعد السيد مهدي جاء السيد هاشم مهدي الحكيم (1888-1954)، وولده السيد عبد الصاحب (ولد عام 1935) والسيد علي (ولد عام 1927) وهو قارئ عزاء.
ومن آل فضل الله عرف اية الله السيد عبد الرؤوف فضل الله وكان امام البلدة والقرى المجاورة، له مصنفات في الفقه والاصول ولعب دورا مهما في دعم الروح الوطنية والايمانية في صفوف شبان وشابات بنت جبيل. وزارها ايضا السيد محسن الحكيم الذي كانت له وقفات مشهودة. وكمرافق عبادة يوجد 7 مساجد و4 حسينيات.
المرافق الرسمية
كانت بنت جبيل ابان العهد العثماني مركز ناحية (مقاطعة) هونين ثم اصبحت تابعة لقضاء مرجعيون عند تأسيس ولاية بيروت. وابان الاحتلال الفرنسي، اصبحت مديرية لقضاء صور وشملت 39 قرية وعام 1925 الغيت المديرية وعام 1953 اصبحت البلدة قضاء مستقلا لـ70 قرية خفض عددهم عام 1954 الى 40 ثم الى 36 قرية، من بينها حاليا 18 قرية محتلة و3 مزارع شاغرة وقد اصبحت بنت جبيل الدائرة الانتخابية 29.
تأسست البلدية قبل الحرب العالمية الاولى (11 عضوا) وحلت في 4-3-1967، بالنسبة الى المجلس الاختياري، فان اول مختار كان في العهد العثماني ، في العام 1949، قسمت البلدة الى 5 احياء وعين لكل حي مختارا
في البلدة مخفر درك يعود تاريخه الى العهد العثماني وتوقف في فترة الاحداث وهو شاغر نسبيا. وأنشئ مركز الامن العام عام 1944 ثم نقل المركز بعد الاجتياح الى تبنين. اما مخفر الجمارك فقد انشيء مع مجيء الاحتلال الفرنسي ثم اغلق في الستينات. وانشئت دائرة النفوس عام 1953 ثم انتقلت فيما بعد الى صيدا واعيدت اليها عام 1983،. اما مكتب المالية فتأسس في الستينات ثم انتقل الى صور وبقيت بنت جبيل بدون مكتب. كما تأسست في اوائل الستينات مصلحة الانعاش الاجتماعي وعنه انبثقت مراكز أخرى كمركز الحضانة (1965) ومركز الخياطة ومركز للخدمات الشاملة..
ونظرا لغياب السلطة، حل العلماء مكان السلطة والقضاء في موضوع الاحوال الشخصية، وعين الشيخ علي شرارة في العهد العثماني في ناحية هونين. وفي العام 1956، انشئت محكمة رسمية هي المحكمة الشرعية الجعفرية. ولم يقتصر الامر عليها، انما انشئت في الثلاثينات محكمة صلح فيها تعمل 6 اشهر صيفا في حين تنتقل في الشتاء الى تبنين. وعام 1945 استقلت المحكمة عن تبنين فكانت المحكمة القضائية المدنية وتعقد الجلسات فيها كل ثلاثاء.
تعود الوثائق المكتوبة في بنت جبيل الى العام 1928م، عندما اضحى هناك كتاب للعدل..
وبالنسبة الى الهاتف، فقد انشئت خطوط الهاتف قبيل العشرينات على اعمدة بين البلدة وجديدة مرجعيون، ثم انشيء مركز للهاتف عام 1925. وفي السبعينات، شيد مركز الهاتف في ساحة السوق ويوزع على القرى المجاورة. والجدير ذكره ان الشبكة الحالية تشرف عليها قوات الاحتلال حيث ترتبط بمستعمرة نهاريا الصهيونية، وفي البلدة 3 سنترالات خاصة، اما البريد فقد انشيء مركزه عام 1925.
اقتصادها
الزراعة
على الرغم من وجود الاحتلال، الا ان وضع الاقتصاد افضل حالا من سائر القرى. فبالنسبة للزراعة، اشتهرت بنت جبيل في السابق بزراعة الكرمة لكنها اصبحت زراعة خجولة، وازدهرت زراعة القمح والزيتون في حين حلت زراعة التبغ في المرتبة الاولى، فقد تأسس مكتب "الريجي" فيها عام 1935 كما تأسست جمعية تعاونية زراعية عام 1991م تم نقلها الى رميش. ويوجد مطحنة للقمح وآلتان زراعيتان. ومن مزروعاتها: التين - الخضار.. وتزدهر تربية النحل حيث يوجد 9 ملاكين له. اما الثروة الحيوانية فتقتصر على عدد من رؤوس الابقار والماشية.. كما قام محمد احمد بزي بتأسيس مزرعة دجاج متواضعة تزود محلات البلدة والجوار.
الصناعة والتجارة
على صعيد الصناعة، عرفت بنت جبيل بصناعة وانتاج الاحذية في بيروت والمناطق، ففيها حوالي 22 معملا بالإضافة الى وجود صناعات أخرى. فهناك 5 معامل المنيوم، 4 معامل حدادة و 3 معامل باطون بالإضافة الى صناعة الحلويات وحرفة الخياطة (15 خياطا وخياطة). وقد ازدهرت سابقا صناعة لفائف التبغ في 3 معامل لكنها اقفلت عام 1940.
تجاريا: ذاع صيت سوق الخميس الذي تحدث عنه مشاهير من علماء دين ورحالة زاروا البلدة. فهو مورد اساسي لتصريف البضائع الصناعية الزراعية..
اما النشاط التجاري فهو في تزايد مستمر، فهناك 263 محلا يبيعون مختلف المنتوجات بالإضافة الى 3 محلات مجوهرات ويوجد مصارف ومسلخ للحوم في منطقة الوادي..
وقالت بعض المصادر ان بعض التجار يقومون بشراء سلع وادوات من فلسطين في ظل غياب الجمارك وذلك عن طريق مرفأ الناقورة، حيث لا يوجد ضرائب والكلفة قليلة. ويقوم هؤلاء باحتكار السوق امام التجار الباقين.
كما ان العدو الصهيوني فرض على ابناء البلدة شراء بضائع ذات صناعة يهودية (عبرية) ومنعهم من شراء البضائع اللبنانية الا ان المواطنين رفضوا ذلك.
السياحة
في بنت جبيل معالم اثرية كثيرة ويقال بانه ابتداء من منزل السيد هاشم الحكيم وحتى الجامع الكبير شرقا كانت المنطقة عبارة عن قلعة لا تزال اثارها ظاهرة، ووجدت امام المسجد اعمدة مكتوب عليها بالرومانية حسب الشائع. كما اكتشفت مقبرة رومانية تشبه مدافن صور بالاضافة الى مجموعة كبيرة من الاباريق والخزفيات والذهب وبعض المعاصر القديمة. ويعتبر المسجد الكبير الاثر الشاهد على تاريخ البلدة وكذلك دار صالح بزي.
في القرن السابع عشر، بتاريخ 22-5-1838 مر فيها الرحالة الاميركي "ادوارد روبنسون" وبات في ضيافة احد وجهائها ووصف البلدة واخبارها.. كما مرة الرحالة "لويس لورتيه" عام 1884 واجاد في وصفها. ولزيارتها، هناك 13 مركزا بين مطعم ومحل للعصير وللقهوة، ويوجد استديو لتصوير الفيديو و 12 استديو للتصوير الفوتوغرافي.
خدمات عامة
المياه
بالنسبة الى وضع الخدمات، فان حالتها سيء بسبب الاحتلال. فعلى صعيد المياه، يوجد فيها بركة كبيرة تقع في وسط البلدة تبلغ مساحتها 6 دونمات وعمقها 4 دونمات وتعتمد على مياه الامطار وتستخدم للزراعة وري الماشية. وهناك ايضا عيون ماء كعين الكبيرة، عين الصغيرة، بيارة البركة ونبع بئر البراك الا انها تنضب في الصيف.
في العام 1963م، انشيء مكتب دائم لمصلحة المياه مصدر مياهها من الليطاني، وفي البلدة خزانان قديمان وهناك ابار خاصة لكل بيت بالإضافة الى اضطرار الاهالي الى شراء مياه الخدمة والشفة احيانا.. وبالنسبة الى البئر الارتوازي، اخبرنا ان الدولة قامت بانشاء واحد في عيترون الا ان مياهه لا تكفي الحاجة في منطقة المسلخ كما لا يوجد خزانات تضخ المياه عبرها الى البلدة.
الطاقة والكهرباء
انيرت بنت جبيل عام 1966 ثم انشيء مكتب لشركة الكهرباء عام 1967، ويوجد فيها حاليا 5 محولات كهربائية حالتها لا بأس بها لكنها لا تكفي حاجة الاستهلاك المحلي، كما يوجد 9 مولدات تقريبا. وهناك ايضا 4 محطات للوقود ومحال لبيع الكاز والمازوت وقوارير الغاز.
الوضع الصحي والبيئي
على صعيد الوضع الصحي. قبيل السبعينات، انشأت وزارة الصحة العامة مستوصفا عاين فيه طبيب القضاء. وأنشئ عام 1973 مركز التوليد، ومستوصف الانعاش الاجتماعي عام 1978، كما اسس أحد أبنائها مختبرا في البلدة.
يوجد في البلدة ايضا مستوصف للصليب الاحمر ، وخلال الاحداث، دمر مبنى المستشفى الحكومي، ويشرف عليه حاليا طاقم صهيوني قام بتجهيزه من جديد حيث يحتوي على 6 اقسام. ويقوم احد الخيرين ببناء مستشفى ضخم كلفته تبلغ حوالي مليون ونصف المليون دولار في منطقة السلاسل.
الوضع السيئ لم يمنع ابناء البلدة من التعلم حيث تخرج 58 طبيبا منهم، 12 موجودون فيها بالاضافة الى 9 ممرضات. وهناك مختبر خاص لطب الاسنان وعيادات طبية أخرى.
بيئيا، وعلى الرغم من ان البلدة تعتبر مركز قضاء الا انها لا تزال تعتمد على الحفر الصحية في كل منزل في غياب شبكة المجاري. اما النفايات، فلها مرام عند اطراف البلدة الشمالية تقوم البلدية بجمعها وحرقها بشكل دوري. وقامت شركة المانية مؤخرا بدراسة انشاء محرقة نفايات في البلدة ولكن الناس احتجوا ورفضوا ذلك.
الوضع التربوي
بالنسبة الى المستوى التربوي، اخبرنا أحد أبناء البلدة ان الكتاتيب عرفت عام 1874 مع الشيخ احمد مهدي شرارة الذي كان يدرس في بيته بالإضافة الى آخرين. اما تاريخ المدرسة الرسمية فيعود الى العهد التركي حيث درست اللغتان العربية والتركية. وفي ايام الانتداب الفرنسي اصبحت اللغة الفرنسية هي اللغة الرئيسية الى جانب العربية. وبعد فترة عرفت المدرسة الرسمية بمدرسة بنت جبيل للبنين (حاليا العالية) وهي تدرس حتى الصفوف المتوسطة.
بالاضافة الى المدرسة الرسمية هناك العديد من المدارس منها:
مدرسة بنت جبيل التكميلية للصبيان ، مدرسة بنت جبيل المختلطة ، مدرسة البنات الرسمية ، ثانوية بنت جبيل الرسمية ، المدرسة الفنية العالية (مهنية) ودار المعلمين
والمدارس الخاصة هي: مدرسة الجيل الجديد ، مدرسة الحنان ، مدرسة لتعليم الخياطة والتطريز للفتيات تأسست سنة 1940 ومدرسة الاميركان تأسست في اوائل الخمسينات ثم توقفت عن التدريس.
وبالنسبة للنوادي والجمعيات، فان اول ناد مرخص له هو اتحاد الشباب الديمقراطي عام 1972 والنادي الثقافي الرياضي. اما اول جمعية فقد تأسست في السبعينات والصندوق الخيري وتجمع امواله من المغتربين للايتام والمعوزين. وحاليا هناك الجمعية الخيرية الاسلامية لابناء بنت جبيل في بئر العبد، كما يوجد بعض الروابط الثقافية والاجتماعية. واللافت ان ابناء البلدة انشأوا جمعيات في بلاد المهجر (ميتشيغن، سيدني..) كما اسس السيد عبد الرؤوف فضل الله مكتبة قيمة الا انها مقفلة حاليا، كما يوجد 3 مكتبات لبيع الكتب والصحف.
برز من ابناء البلدة اختصاصيون في مختلف المجالات فكان منهم 120 استاذا، 24 جامعيا يدرسون في الجامعات اللبنانية والاميركية. 15 مهندسا او اكثر 10 محامين، عدد من المجازين والصحافيين. ومنهم من شغل وظائف رسمية
مراحل الاسر
عرفت بنت جبيل برفضها للاحتلال وكانت مقرا للاحزاب السياسية وللمقاومين والفدائيين، ففي عام 1948، كانت البلدة ساحة حرب بين جيش الانقاذ والعدو الصهيوني وبرز من الثوار علي بزي.
وفي معركة المالكية، اشتبك المقاومون مع العدو فاستشهد قاسم ابو طعام في حيفا على ارض فلسطين ونمر طرفة في منطقة الهراوي (قرب قدس)، بينما جرح عبد الامير بيضون ووهبي شبيب بزي. ومن اعتداءات العدو القصف المدفعي الذي تعرضت له البلدة في 22-5-1970 فاستشهد من جرائه كل من : عبد النبي جواد ابو عليوي، سكنة محمد ايوب، الطفلتين تحية واحترام احمد ايوب، منيب قاسم حمقة ونعيمة خليل سعد، فيما اصيب 18 آخرون.
وفي عام 1973، استشهدت ايمان نعيم سعد في منزلها من جراء القصف العشوائي. ومن الاعتداءات ايضا ما حصل في سوق البلدة يوم الخميس 21-10-1976 عندما استهدفه العدو الصهيوني مما ادى الى مقتل اكثر من 20 شخصا منهم والدا الشهيد غسان علوية (مارون الرأس) وفايز ابو عليوي وغيرهم.
وعلى اثر الاجتياح "الاسرائيلي" عام 1978، تعرض ابناء بنت جبيل للكثير من الممارسات التعسفية. فقد اقدم العملاء على سلب الراعي رامز ابو عليوي وتصفيته اثناء قيامة برعي قطيعه وجرح ابنه فاستنكر الاهالي ذلك ونظموا مسيرة ضخمة احتجاجا على ما جرى.
وفي الاتجاه نفسه، تشكلت "الادارة المدنية" التابعة للعملاء وقد فرضت على الاهالي حمل بطاقات صفراء اللون (كهوية) ودعتهم الى العودة الى منازلهم فهم بأمان، ولكن الذي حصل ان العميل علي نعمة جابر عمد الى اعتقال جميل السيد محمد الذي كان من بين العائدين ولم يعرف عنه شيء حتى يومنا هذا. وفي عام 1979، اتهم العملاء الطالب محمد داغر (16 عاما) بوضع قنبلة في المدرسة التي تشرف على مركز العملاء فاختطف وسيق الى تل النحاس ولم يعرف عنه شيء حتى الآن.
وفي العام 1984 شهدت البلدة اوسع حملة اعتقالات في تاريخها حيث اقدم العدو وعملاؤه على اعتقال 9 شخصا من ابنائها وتدمير 10 منازل حيث لا يزال عدد من هؤلاء في معتقل الخيام حتى اليوم.
ومن الممارسات التعسفية فرض الحراسة الليلية على الاهالي من عمر 18 سنة حتى 70 سنة لحماية العدو وعملائه في منطقة المسلخ وساحة البركة وساحة السرايا (السوق) وصف الهوا.. وعلى المواطن الذي يرفض الحراسة دفع مبلغ كبير من المال.
ومن الأساليب الإرهابية إقدام العملاء على تجميع المواطنين ف 14-3-1978 في ساحة البلدة لمدة 7 ايام مما ادى الى اصابتهم بامراض شتى، وصودف ان اطل عبد الامير فرج من النافذة فرآه العدو وقتله وكان اول شهيد يسقط، وفي مقابل هذه الممارسات، جرت تحركات للتوعية الوطنية تصون الاهالي من الانخراط في صفوف العملاء، كان على رأس العاملين فيها السيد عبد الرؤوف فضل الله الذي كان يرفض التعامل مع العدو على الرغم من جميع المحاولات، كما اصدر فتاوى تحرم التعامل مع العدو وعملائه وتحرم شراء بضائعه مما اثار سخطهم.
وقد شهدت البلدة سلسلة عمليات للمقاومة الاسلامية ابرزها عملية الاستشهادي صلاح غندور في صف الهوا بتاريخ 25-4-1995، وقد استهدفت قافلة لقوات الاحتلال على بوابة مركز الـ 17 ادت الى مقتل 17 جنديا صهيونيا وجرح 15 آخرين بالإضافة الى احتراق 5 آليات وتدمير جزء كبير من مبنى ما يسمى بالإدارة المدنية.
بنت جبيل ,واقعها بعد عدوان تموز
بنت جبيل حاضرة جبل عامل ,واحدى امهات هذا الجبل,وهي تاريخيا عنوان بلاد بشارة,وهي بعد التحرير سنة2000 مدينة المقاومة والتحرير,وبعد عنوان تموزسنة2006 مدينة الانتصار,وحسب العدو الصهيوني,هي "المدينة الملعونة"لانها كانت لعنة عليه خلال هجمته البربرية المدمرة,والتي لم تحقق سوى الخزي والعار و المذلة و الاندحار و التراجع القسري عليه ,جراء صمود المقاومة و الالتفاف عليها و صبر الشعب واناته ,ليست المرة الاولى التي تتعرض فيه بنت جبيل لعدوان بربري ,فكل تاريخها نضال و جهاد في وجه المستعمرين و الطغاة.فقد وقفت في وجه الاتراك ثم في وجه الفرنسيين الذين حاولوا استعمار هذا البلد باسم الانتداب,ثم وقفت في وجه المختطات الصهيونية في العشرينات و الثلاثينات و الاربعينات ,لتعود و تتصدى له اواخر الستينات امتدادا حتى اليوم.وكانت بنت جبيل تعود,وبعد كل معركة ضد هذا العدو,وتنتفض من جديد,و تعيد بناء نفسها و تنهض من تحت الركام و الدمار,مؤكدة ان حرية الوطن و سيادته و استقلاله و عزته و كرامته لن يتم عن طريق نظرية "قوة لبنان في صفته" وانما عن طريق مقاومته وجيشه و التفاف شعبه حولهما ليتم تشكيل استراتيجية دفاعية صحيحة و فاعلة,لتكون رادعة للعدو و الصهيوني قبل قيامه باي اعتداء جديد على لبنان.
لقد عاشت بنت جبيل ست سنوات منذ سنة2000 حتى سنة2006 بعد فترة طويلة من العذاب و القهر و الظلم و اللااستقرار.وكانت فترة ذهبية ,حيث استعادت البلدة حريتها و اهميتها فقد استقبلت الوفود من كل انحاء لبنان العربية والعالمية لتكون بنت جبيل بالنسبة اليهم شاهدة على حقيقة الصهيونية وكانت حرك ةمهمةعلى صعيداعادة اعمار البلدة و تامين بنيتها التحتية و عودة كل المؤسسات الحكومية لها,و حضر ابناؤها المغتربون من كل ناحية,ليكحلوا عيونهم برؤية منازلهم و ارضهم و شجرهم و اقاربهم و اهالي بلدتهم الصامدة الصابرة طيلة اثنين و عشرين عاما,و ليساهموا في حركة اعمارية واسعة,حيث راينا انه خلال ست سنوات بني في البلدة اكثر من خمسمئة منزل لهل مواصفات حديثة و مكلفة.
و فتحت مدارس جديدة,استقبلت مئات التلامذة,في ابنية تستوعب الالاف.
و عاد للسوق الشعبي رونقه و سرت الدماء في شرايينه من جديد,و مقصده من كل انحاء لبنان,و لعبت جمعية تجار ابناء بنت جبيل دورا مهما في تنظيم شهر تسوق سنويا,و دخلت الى البلدة مبالغ مالية مهمة ساعدت في استعادة البلدة لوضعها الاقتصادي المحوري.
و نشطت الحركة الثقافية في المدينة,من خلال الجمعيات و الروابط و النوادي المتعددة,وكانت المحاضرات و الندوات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الفكرية و الادبية و الشعرية و البيئية و الزراعية و الطبية و غيرها,ونشطت البلدية الاولى ثم الثانية,في مجالات متعددة اهمها الدراسات و النظافة و البيئة و تجميل الطرقات و الشوارع و تامين المياه و الكهرباء و رعاية المكتبة العامة,الى ما هناك من امور اخرى كانت بصدد القيام بها بمساعدة ابناء بنت جبيل المغتربينكالقصر البلدي و غيره.
ثم كان عدوان 12تموز2006 على لبنان,وكان لبنت جبيل الحصة الاكبر من تاثيرات الهيمنة الصهيونية,ولعل ما حصل فيها من تدمير شبه كامل و من قتل للمدنيين الامنين,هو خير دليل على انه هذا العدولا يمكن ان يفهم سوى لغة واحدة,وهي لغة المقاومة و التصدي , و قد تلاقت معظم التحليلات الموضوعية على انه العدو الصهيوني كان بصدد القيام بعدوان شامل على لبنان لتثأر من هزيمته سنة2000,وان تدمير بنت جبيل جاء بعد الخسارة الفادحة التي لخقت بالعدو في مربع التحرير و عند تلة مسعود(هذه التلة التي شهدت سنة 1978تصديا بطوليا للعدو وادى الى استشهاد عدد من الابطال المقاومين وعلى راسهم الشهيد حسان شرارة),وعدم استطاعة هذا العدو دخول بنت جبيل نتيجة التصدي البطولي للمقاومين.
بعد تحقيق وقف العمليات الحربية,كانت المفاجئة الكبيرة,التي تمثلت بالعودة سريعا الى بنت جبيل,وبثت وسائل الاعلام المحلية و العالمية تلك المشاهد المؤلمة,بعد ان كانت قد بثت بعضها خلال فترة الهدنة الاولى التي حدثت,و التي ادت الى نقل بعض المدنيين و الجرحى الى خارج المنطقة.
كانت العودة السريعة هي التحدي الاول للعدو الذي يراهن على بقاء اكثر من مليوني نازح خارج الجنوب,و تشكيلهم عبأ اجتماعيا و اقتصاديا و ديموغرافيا,و من ثم سياسيا على لبنان و حكومته,كأن ذلك لم يحدث,ونستطيع القول ,و بدون اي مبالغة,ان المدينة التي دمرت كل مقوماتها الاقتصادية و الادارية و التعليمية,كانت بعد اسبوع او اسبوعين على موعد مع عودة الحياة الى كل ما فيها من جديد.حيث بدأت عملية رفع الركام , وانتشال جثث الشهداء الذين كان لهم عرس قل نظيره,حيث خسرت بنت جبيل بعض خيرة شهدائها الابطال,فضلا عن خسارة لعدد من المدنيين المظلومين,الذين لم تمهلهم ظروفهم او اوضاعهم الخاصة للخروج من المدينة,وبعضهم لم يدرك ان العدو جبان لا يفهم ان الحرب هي قتال بين جيش و مقاومين,وانما هي حرب تدميرية بحيث لا يترك هدفا مدنيا او انسانيا او مدرسة او مؤسسة الا ويدمرها,دون مرعاة لحقوق الانسان و غير ذلك.
كان للحرب تأثيرا كبيرعلى الوضع العقاري للمدينة,حيث دمر وسط المدينة بكامله,لكن المساعدات السريعة التي قدمها حزب الله,بناء لقرار السيد حسن نصرالله,لعبت دورا مهما,في تأمين سبل انتقال الاهالي الى منازل جديدة في الاحياء المتفرقة والتي لم تنل منها الهجمة بالمقدار الذي نالته منها الاحياء القديمة,ويمكن القول ان معظم الاهالي اصبحوا مستقرين في اماكن جديدة مع ما في ذلك من صعوبات معينة.كما كان للمساعدات التي قدمتها حكومة "قطر"لجميع المتضررين بعد الكشوفات التي حدثت و دورا في اعدة ترميم بعض المنازل, على ان يحصل الباقون على تعويضات مماثلة لمباشرة الترميم.
أما المربع المدمر و الممتد من السوق حتى البركة,ومن الجامع الكبير حتى الطريق المؤدي من حي اللوكس باتجاه البركة فهو ينتظر الدراسات التي تقوم بها شركات لاعادة البناء طبقا لمواصفات حديثة,و تنظيم جديد يليق بمدينة حديثة.
كما ان تاثير العدوان كان ثقيلا على الوضع التجاري للمدينة,فمن المعروف ان التجارة تشكل ركنا اساسيا من اركان الوضع الاقتصادي للمدينة الى جانب اموال المهاجرين,بعد ان توقف الركن الثالث,و الذي كان عبارة عن حرفة الاحذية و زراعة التبغ.
و بجهد مبارك ايضا من دولة "قطر"و جمعية تجار بنت جبيل تم الاتفاق على انشاء سوق شعبي بمحلات جاهزة في منطقة البركة,على قطعتى ارض,ليكون ذلك بديلا عن السوق بشكل مؤقت,الى حيث اعادة اعمار السوق الاساسي التاريخي,الي لا بد منه,حتى تعود بنت جبيل الى سابق عهدها كمركز تجاري اساسي في المنطقة,حيث تجارة الجملة و المفرق ناشطة.
و بجهود دولة "قطر"ايضا تم ترميم كل مدارس بنت جبيل التي استعادت حيويتها,و كذلك اعادة اعمار مدرسة جميل جابر بزي المدمرة كليا.
اما في مجال نشاط الجمعيات و النوادي و الروابط,فان العدوان اثر على ذلك بشكل كبير,حتى ان بعض مراكزها قد دمر نهائيا او جزئيا,ولذلك فانها في صدد اعادة اعمار اوضاعها لاستئناف نشاطها مجددا,هذا اذا استثنينا مستوصف الرابطة الثقافية لابناء بنت جبيل,و مستشفى بنت جبيل الحكومي الذي بدأ منذ عدة اشهرباستقبال المرضى فيه و اعطائهم الادوية اللازمة,ويتم ذلك عبر طريق اطباء من بنت جبيل يداومون يوميا فيه.
وبالنسبة لمستشفى الشهيد صلاح غندور الذي كان خلال العدوان الاثم,ونقى حتى اليوم الاخير يقدم ما يستطيع ان يقدمه للجرحى و المرضى,واستطاع القيمون عليه اصلاح ما تم تخريبه من جراء القصف,وتم تجهيزه بكل ما تخرب من المعدات,و بالادوية اللازمة , و استئناف نشاطها بشكل مهم. بحيث خفف من وطأة عذابات الناس و آلآمهم.والجدير ذكره أن ألاستشفاء والمعاينات والادوية كانت مجانية خلال ألأشهر الثلاثة بعد إنتهاء العدوان تمشياً مع سياسة مساعدة الناس الى أقصى الحدود.ونشير الى أنه رغم تأثيرت ألعدوان،فإن ندوات شعرية وفكرية تعقد في المدينة،وهي إن دلت على شئ فإنما تدل على إصرار هذا الشعب على الحياة والتصدي وعدم الركون الى سياسة الإنهزام والذل.
أما في مجال نشاط ألبلدية،فإن العمل كان يجري على قدم وساق لتأمين نظافةالمدينة،ورفع الانقاض والردم من الطرقات والشوارع،وإجراء ألإتصالات اللازمة لتأمين الكهرباء والمياه والتليفونات،وإعادة ترميم المكتبة العامة،والتنسيق مع المسؤولين القطريين لوضع التصاميم اللازمة لبناء الوسط القديم للمدينة على أسس حديثة ومنظمة وإعادة إحياء السوق بالتعاون مع جمعية تجار بنت جبيل، وإجراء المسح والإحصاء للمؤسسات المتضررة وغير ذلك،وإيصال مساعدات تموينية للأهآلي مقدمة من عدة دول شقيقة.كما نشير الى الجهد المميز الذي يبذله مركز الصليب الأحمر في بنت جبيل وإستقبال آلآف المرضى(بين1500و2000مريض) وتطبيبهم وإعطاء الأدوية لهم،طوال ألأسبوع ، ثم مشاركة اطباء قطريين بالدوام في المركز وتأمينهم كل مستلزمات الطبابة والأدوية للمرضى. كما تجدر الاشارة انه حتى اليوم يمكن ان نقول ان الحياة اصبحت طبيعية وان الميادين الادارية التالية :السلطة الامنية بكامل اختصاصاتها,المياه,المحكمة الشرعية,المدنية,المركز الاقليمي لامن الدولة,الامن العام,المالية,دائرة النفوس,مركز الضمان,التنظيم المدني و الدفاع المدني,ونحن ننتظر الهاتف و مؤسسة الكهرباء و مركز الخدمات الشاملة.