إيران… حلم إمبراطورية “فاشلة”ترك وعجم — 05 June 2013
<a class="postlink" href="http://www.alarab.co.uk/wp-content/uploads/2013/06/20130604_155057.gif" rel="nofollow" target="_blank">
تكبير الصورةتصغير الصورة معاينة الأبعاد الأصلية.
عباءة واحدة تجمع قادة إيران
محمد بن امحمد العلوييراود نظام طهران حلم تجذير نفوذه داخل تربة الخليج ومن ثم تكون الرقعة الجغرافية الممتدة من الشمال (آسيا الوسطى) إلى الجنوب (الخليج)، ومن الشرق (أفغانستان) إلى الغرب (العراق وسوريا ولبنان) تحت السيطرة الإيرانية.
هل كان من الممكن ركون الدول العربية إلى التمني بأنه ربما تستفيد من برنامج إيران النووي بدعم هذه الأخيرة حقها في اكتساب التكنولوجيا النووية؟ وبعد انكشاف طهران وأدواتها في المنطقة أين ستقف هذه الدول سياسيا واستراتيجيا؟ هل مع الدول الغربية المناهضة لامتلاك إيران لهذه التكنولوجيا أو مع المشروع الإيراني النووي، أو ستقف موقف الحياد؟
هناك من يروّج إلى فكرة أن إيران النووية ستصبح رصيدا إستراتيجيا للدول العربية، ومنها تستمد التكنولوجيا العسكرية وإليها تلجأ في وقت التصعيد مع الأعداء أيّا كانوا، لكن عند قراءة سياسة إيران الخارجية وسلوكاتها الاستفزازية مع الجيران ومنهم دولة الإمارات العربية المتحدة حول جزر أبو موسى أو إغراءات نظام الإخوان في مصر ومحاولاتها في البحرين، يتبيّن أن الاستفادة من نووي إيران مجرد حلم أو أمنية لن تتحقق إلا بالدخول تحت عباءة المرشد.
ويدخل هذا الطرح في إطار الدّعاية لنظام الملالي في طهران، فتوجّهات إيران تاريخيا كانت إمبراطورية وذلك بامتلاكها لكافّة المقومات العسكرية والاقتصادية للتمدّد والمواجهة أو التطلّع إلى دور إقليمي وعالمي فاعل، مع احتكار لمعظم موارد واحتياطيات النفط العالمية ومحاولة استكمال مشروعها النووي.
إيران كقوة إقليميةلم يكن البرنامج النووي الإيراني وليد اليوم بل هو استمرارية من العهد “الشاهنشاهي” إلى العهد الثوري وهذا ما يثبت رؤية ثابتة واستراتيجية مستمرة للدولة الإيرانية رغم اختلاف طبيعة النظامين، فسعي إيران الدؤوب لتطوير برنامجها النووي ليس فقط لأغراض سلمية بل أيضا لأهداف عسكرية، وتصريح أية الله مهاجراني، نائب الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني، في 23 أكتوبر/تشرين الأول عام 1991 يؤكد أن “امتلاك إسرائيل للسلاح النووي يجعل من الضروري على الدول الإسلامية أن تتزود بنفس هذا السلاح، ويجب أن تتعامل من أجل الحصول عليه”.
في نفس العام 1991 وأثناء حرب الخليج الأولى التزمت إيران الحياد المدروس جيدا والذي عاد عليها بالنفع حيث خرجت من عزلتها وأصبحت مركزا مثاليا للاتصال والمشاورة خلال الأزمة، لتتبوأ مرتبة متقدمة خصوصا مع تراجع دور العراق العسكري ومن ثم تصنع لنفسها نفوذا في المنطقة وتزيد توثيق علاقاتها مع سوريا استراتيجيا، واعتبارها مجالا حيويا مهما بالنسبة لها.
وكانت جريدة “الجمهورية الإسلامية” قد دعت في نفس الفترة إلى إنشاء تحالف إيراني خليجي تهيمن فيه إيران على اعتبار أنها تمتلك شروط القوة اللازمة لحفظ أمن المنطقة، كنتيجة لذلك يتبين أن إيران لم تتوانى في البحث عن الاعتراف بها كقوة إقليمية فاعلة ومرجع في صناعة القرار الدولي في المنطقة والعالم، وعطفا على ما سبق فأنشطة إيران الخارجية تثير مزيدا من القلق والريبة لاسيما بتدخلها في العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003 وفي لبنان عبر صنيعتها حزب الله الذي تدخّل سَاسَتُهُ بشكل سافر في الأزمة السورية وعبر فلسطين بدعم حماس التي تمر الآن بتوتر في العلاقة مع طهران بسبب الموقف مما يحدث في سوريا وكذلك اليمن عبر الحوثيين…
<a class="postlink" href="http://www.alarab.co.uk/wp-content/uploads/2013/06/20130604_154819.jpg" rel="nofollow" target="_blank">
تكبير الصورةتصغير الصورة معاينة الأبعاد الأصلية.
مصالح وأهدافبالعودة إلى المشروع النووي الإيراني الذي يتماشى مع سياساتها النفعية والتدخلية لابد في هذا الإطار من استحضار صفقة السلاح مع إسرائيل في 1981 وأخرى مع أميركا والغرب فيما يخص أفغانستان والعراق، و تحايلها التكتيكي على العقوبات بإبرام صفقات مقايضة النفط بالذهب والحبوب لعرض بيع نفطها مع الصين والهند وروسيا وكوريا الجنوبية.
إن امتلاك إيران للسلاح النووي وشراستها في توطين قدمها في منطقة الشرق الأوسط يمكن إدخاله تحت بند تقوية مجالها الحيوي الذي تدافع عنه بمنافستها إسرائيل وأميركا في المنطقة وحولها ومحاولتها السيطرة عليها بتقويض أي دور لأي دولة إسلامية سنيّة تنافسها في الإقليم.
فحماية مكتسباتها الإقليمية المتزايدة منذ عام 2003 بتسهيل تدخل أميركا في العراق، وهي مكتسبات تركزت حول تعاون استراتيجي في سوريا ولبنان والعراق وفلسطين، ومن ثم فأي ضربة لهذه المرتكزات سوف تخلخل مشروعها الإمبراطوري، ومن هنا تحذوها الرغبة في امتلاكها للدور المهم في صياغة العلاقات الإقليمية – الدولية في منطقة الشرق الأوسط بعد ترتيب الأوراق داخل المنطقة، خصوصا بعد الحسم الدولي في الملف السوري الذي تعتبره عصب إستراتيجيتها داخليا بتدعيم موقع المرشد والتيار المحافظ وإقليميا بتصدير نموذجها الديني من أجل الهيمنة.
ما يحدث الآن على الأرض السورية هو صراع من أجل الوجود لجميع الفاعلين وخصوصا إيران خدمة لموقفها في الحفاظ عن مصالحها إقليميا خصوصا في اليمن وسوريا والعراق بعدما وقفت حركة حماس إلى الجانب الآخر المضاد لطهران فكان الرد ماديا بسحب الدعم المالي .
هذه كلها أوراق تفاوضية تستغلها من أجل مصلحة مباشرة أكبر بالنسبة لها فحزب الله وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي و جيش المهدي وحزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي والقوات المناهضة لطالبان والمؤيدة لها في أفغانستان كلها عناصر تفاوضية بالنسبة لها، في السياق نفسه عمقت إيران علاقاتها مع الصين وروسيا للاستفادة من الخبرة التكنولوجية والعسكرية لهما عوض التكنولوجيا الأميركية والغربية .
قوة عسكرية ونفطيةإقليميا تعتبر إيران الدولة الثانية بعد إسرائيل التي تمتلك القدرة على إطلاق أقمار اصطناعية وذلك بعد أن دشَّنَتْ في 4 فبراير 2009 قمرا اصطناعيا من صنعها، حيث أطلقته بواسطة صاروخ “سفير2″. ويُعَدُّ هذا مصدرا للقوة الإيرانية في محاولتها تحقيق مشروعها التوسعي. بالإضافة إلى امتلاكها لترسانة صاروخية لا يستهان بها من طراز شهاب 1،2،3،4،5 وأخرى مثل “زلزال”و”الفاتح “، فضلا عن امتلاكها للأسلحة الكيمائية والبيولوجية وتكنولوجيا تصنيع الغواصات ومجموعة طائرات من دون طيار .
يعتبر امتلاك إيران للقوة العسكرية والنفطية من أهم ركائز سياستها الخارجية والتفاوضية، وهذا ما يتبين من صعوبة فصلها القوة عن المصلحة باعتبارها العامل المركزي في المكانة التي “تناضل” من أجلها إقليميا ودوليا، وما دامت إيران قد حسمت موقفها باعتمادها القوة والبرغماتية في تصريف شؤونها الداخلية والخارجية فكان من الضروري امتلاك الدول المنافسة في الشرق الأوسط والدول ذات المصلحة من امتلاك نفس اللغة المتمثلة في القوة الشاملة والنظرة الواقعية للمصالح لجعل علاقتها مع إيران يطبعها التوازن الاستراتيجي حتى لا تكون العلاقات مختلة لصالح الطرف الأقوى مما يؤدي إلى صراعات عاصفة وعدم استقرار وتوتر دائم.
بموازاة القوة العسكرية والنووية هناك سلاح لا يقل فتكا إنها الإيديولوجية والخطاب الديني الذي تتلاعب به دعما لمواقفها وتدخلاتها فمنذ ثورة الخميني صاغ صناع القرار في طهران مجموعة من المبادئ تتلخص في “التصدي للولايات المتّحدة وإسرائيل وأن إيران هي أمل المستضعفين والمظلومين وهي المدافعة عن حقوق المسلمين”.
وبهذه الذهنية حاولت إيران اكتساب تعاطف الشعوب الإسلامية وذلك بإخفاء التطلع الاستراتيجي للسيطرة والتوسع ببرغماتية كبيرة، وما يقع في سوريا ولبنان حاليا عبر حزب الله الذي لم يخفي ولاءه المطلق للمرشد الإيراني ومن تدخل طهران المباشر وسيطرتها على القرار السياسي داخل العراق لهو الدليل العملي على استدعائها كل ما هو ممكن من أجل التمكن والتوسع وإنجاح مشروعها الكبير والبعيد المدى ولا يهم ما تضخه من أموال ودماء خدمة للهيمنة ومن ثم فالمثلث الذي ارتكزت عليه الخمينية قد نسف على أرضية التدخلات المشبوهة في شؤون الجيران بما لا يخدمهم على جميع الأصعدة.