نحن مهددون نوويا من دولة مارقة؟
د. عبدالعظيم محمود حنفي
5/15/2010
احدى الدلائل الدالة على تدهور الدولة العبرية الغاصبة هي تهافت قياداتها وازماتها المزمنة في القيادة، فالزعماء الاسرائيليون الذين فشلوا في اختبار القيادة يعاد تدويرهم مثل نتنياهو وباراك ثم يتزامن مع ذلك وصول رجال هم ابعد ما يكونون عن القيادة الا في مجتمع يعيش بالتنفس الصناعي في دولة تسمى اسرائيل. وهي ازمة مزدوجة؛ أي أنها 'أزمة قيادة وأزمة توجه وأزمة في الشخصيات التي تشغل المراكز القيادية في اسرائيل . هل رأيت في دولة طبيعية هذا الكم الهائل من الفساد في قمة الهرم السياسي في دولة واحدة؟
رئيس الدولة السابق كان المفروض في دولة تحترم نفسها ان يدخل السجن لقيامه بممارسات لا اخلاقية لا يقوم بها الا فاسق متمرس فهو اغتصب سكرتيراته وبدلا من ان يدخلوه السجن ارغموه على الاستقالة ليحل محله شمعون بيريس تكريما له في اواخر حياته السياسية الفاشلة فهو لم يدخل انتخابات الا وفشل فيها حتى مع تعاطف الاسرائيليين مع حزب العمل بعد اغتيال قائد كانت له مميزات نادرة في دولة يعز بها تلك القيادات مثل رابين. نتنياهو وباراك وشارون كلهم ادينوا في قضايا فساد، ورئيس الوزراء السابق أيهود اولمرت هو النموذج المثالي لتعفن وتهافت النخبة الاسرائيلية وهو نموذج للسياسي الذى يستمرأ تلقي الأموال من رجال الأعمال الذين تبرعوا لحملاته الانتخابية وهؤلاء الأشخاص وجدوا أنفسهم جزءا من المشاريع الهامة التي كان مسؤولا عنها. الصحف والتقارير الإسرائيلية أفاضت في ذلك مثلا الملياردير دانيال أبرامز من أصحاب شركة إنتاج طعام الحمية الأمريكي سليم باست كان احد اكبر أصدقاء ومتبرعي اولمرت طوال سنوات. في انتخابات 1993 حول له 68 ألف دولار.. عام 2004 باع اولمرت لابرامز الفيلا التي يمتلكها في القدس مقابل 2.7 مليون دولار. بعد ذلك استأجر منه المنزل.
وباع شقة أخرى كانت تعود له في حي نحلاؤوت لمليونير آخر وهو رجل الأعمال أوري هيركام الذي كان قد تبرع له بـ 25 ألف دولار في انتخابات 1993. وهكذا ينتقل المال من صاحب رأس المال الى الجيب مباشرة. هذا ما حدث مع اولمرت وزير الخارجية ليبرمان هو طرفة الطرائف في الزمن الرديء دعك من لغته التي تخلو من أي لياقة فهم قد جاءوا به من لاتفيا حيث كان يعمل بودي غارد في الخمارات هناك.
نصف الوزراء في حزب شاس الديني دخلوا السجن او على وشك دخوله لقضايا رشاوى واحتيال وفساد وسرقات تصلح سيناريوهات لافلام سينمائية رديئة . من يطلب ان يجد هؤلاء في طلب السلام مع جيرانهم مع دولة يتزعمها زعماء عصابات محترفين.
ولذا فانني ارى انه رغم التنفس الصناعي الذي تتنفسه اسرائيل بدعم امريكي وغربي مباشر فان هذا الكيان سيدمر نفسه بنفسه لأنه لا يمكن لمجتمع مهما كانت وصلات الاوكسجين له قوية ومتعددة ان يعيش ويواصل البقاء. فلا ارى على مدى المستقبل المنظور والبعيد أي مخرج لهذا الكيان الغاصب. انظر التقارير التي تتحدث عن استهداف الجيش والشرطة في ذلك الكيان للأجانب في مظاهرات الضمير العالمي تضامنا مع الشعب الفلسطيني المقهور والمحتل والمستباح انهم يستهدفون الاجانب باطلاق النار عليهم وازهاق ارواحهم. أي قوم هؤلاء والى متى سيتحمل العالم غوغائيتهم وعدوانيتهم والغريب ان هؤلاء القادة الفاسدين بغرور القوة يتصورون انفسهم دولة عظمى! كيف يمكننا الاطمئنان- كعالم عربي - بوجود تلك الترسانة الهائلة من الاسلحة وبوجود السلاح الذري والقدرة على اطلاقه من البر والبحر والجو في وقت واحد بيد هؤلاء؟ كيف يمكننا العيش بسلام ونحن مهددون بكل تلك الأسلحة في ايدي قادة مستهلكين غير راشدين؟! وفي ظل اعتراف العالم اننا بازاء دولة مارقة وفق كل الاعراف والقوانين الدولية؟!
ان مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي مطالب بوقف ذلك الامر الذي يخل بالتوازن في المنطقة، اذ كيف اعقد سلاما مع اخر يبتزني ويهددني ليل نهار باسلحته الذرية ونحن عزل لاننا صدقنا تعهدات العالم المتحضر ورفضنا امتلاك السلاح الذري ونادينا بمنع انتشاره ومن هنا لابد من تبني اخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة الذرية وارغام اسرائيل على الانضمام للمعاهدة وتفتيش مواقعها النووية والعمل على تفكيك تلك الترسانة حتى نعيش كعالم عربي واسلامي في سلام بعيدا عن الرعب النووي. ان التفاوض حول الترسانة النووية المفترضة لدولة وحيدة سيقر نجاح أو فشل المؤتمر الذي يهدف الى دراسة معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. هذه الدولة ليست إيران، بل إسرائيل التي هي ليست عضوا في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي تضم في عضويتها 189 بلدا.
' كاتب ومحلل مصري