حكومة بريطانيا تكافئ مجرمي الحرب الاسرائيليين
يعتبر وليام هيغ وزير الخارجية في الحكومة البريطانية الائتلافية من اكثر الشخصيات المؤيدة لاسرائيل وسياساتها العنصرية في المنطقة العربية، ولذلك لم يكن مفاجئاً بالنسبة الينا ان يتعهد ببدء اتخاذ خطوات لتغيير القوانين البريطانية لحماية مجرمي الحرب الاسرائيليين، مثل تسيبي ليفني وزيرة الخارجية السابقة، من اي ملاحقات قضائية في حال زيارتها لبريطانيا.
هيغ الذي كشف برنامج تلفزيوني وثائقي بثته القناة الرابعة في بريطانيا مدى علاقاته الوثيقة مع اللوبي الاسرائيلي في بريطانيا، الى جانب عدد كبير من النواب المحافظين، قال حرفياً يوم امس 'انه من غير المرضي او المبرر ان يشعر المسؤولون الاسرائيليون بأنهم لا يستطيعون زيارة بريطانيا دون التعرض الى الاعتقال' ووعد بالتحرك بسرعة لتعديل القوانين.
المسؤولون الاسرائيليون لم يتوقفوا مطلقاً عن زيارة بريطانيا، ولكن مجرمي الحرب الملطخة اياديهم بدماء الشهداء الاطفال في قطاع غزة هم الذين يخشون القدوم الى بريطانيا خشية الاعتقال. وتعديل الحكومة البريطانية الائتلافية للقوانين لتوفير الحصانة لهم هو تواطؤ فاضح مع جرائمهم هذه.
نحن نسأل المستر هيغ عن موقفه وحكومته والشعب البريطاني بأسره، لو طلب احد مجرمي النازية، ومرتكبي محارق الهولوكوست السماح له بزيارة بريطانيا، فهل سيكون هذا الشخص موضع ترحيب؟
تسيبي ليفني وحكومتها استخدموا الفوسفور الابيض، وحرقوا اجساد الاطفال، ودمروا اكثر من خمسين الف بيت فوق رؤوس اهلها، وقصفوا المستشفيات ومدارس الامم المتحدة بالصواريخ، وادينوا من قبل تقرير ريتشارد غولدستون القاضي اليهودي الجنوب افريقي بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية، فهل هؤلاء محصنون من الملاحقة القانونية في دولة مثل بريطانيا تعتز بديمقراطيتها وقضائها العادل المستقل؟
اذا كان وزير خارجية بريطانيا يريد ان يفرش السجاد الاحمر لمجرمي الحرب الاسرائيليين، لانه صديقهم، والمدافع عن مجازرهم، فانه اولى به ايضاً ان يستقبل زعيم تنظيم 'القاعدة' وقادة حركة طالبان من قبيل المساواة.
بريطانيا منعت مسؤولين في 'حزب الله' اللبناني من دخول اراضيها، مثلما منعت العلامة الاسلامي الشهير الدكتور يوسف القرضاوي، استجابة لضغوط اسرائيلية ويهودية، رغم ان الاخير يعتبر من القيادات الاسلامية المعتدلة، ولم يستخدم فسفوراً ابيض او احمر ضد اي أحد، بل لم يقتل دجاجة طوال تاريخه الطويل كداعية اسلامي. فلماذا لا يطالب هيغ بالسماح له وآخرين من امثاله بدخول بريطانيا، بينما يتحمس لدخول مجرمة الحرب تسيبي ليفني والجنرالات الآخرين الذين ارتكبوا مجازر غزة وقانا في جنوب لبنان! فهل لأن هؤلاء من المسلمين، وهل هذا الموقف البريطاني هو تجسيد للعنصرية التي طالما اتهم بعض نواب حزب المحافظين بممارستها؟
كنا نتوقع من الحكومة الائتلافية البريطانية مواقف اكثر عدالة وتفهماً لضحايا الارهاب الاسرائيلي، ولكن يبدو اننا كنا مخطئين في توقعاتنا هذه، فوجود انصار اسرائيل في هذه الحكومة سيدفع السياسة الخارجية البريطانية الى الوراء في هذا الصدد، وبما يشوه صورة بريطانيا ويزيد من الكراهية لها في اوساط مليار ونصف المليار مسلم، كما ان هذه المواقف ستعطي الذريعة للجماعات المتطرفة التي تريد ممارسة اعمال ارهابية ضد بريطانيا ومواطنيها.
اننا نطالب حزب الاحرار الديمقراطيين، وزعيمه نيك كليغ نائب رئيس الوزراء الذي عارض الحرب على غزة بقوة، ان يتدخل لكبح جماح وليم هيغ وسياساته الموالية لاسرائيل مبكراً، قبل ان يورط بريطانيا في حالة عداء مع العالمين العربي والاسلامي من خلال مواقفه هذه المؤيدة لمجرمي الحرب الاسرائيليين.
تسيبي ليفني وايهود باراك وشاؤول موفاز وكل مجرمي الحرب الاسرائيليين يجب ان يمثلوا امام المحاكم البريطانية لتلقي العقاب الذي يستحقونه بسبب المجازر التي ارتكبتها حكومتهم في حق الابرياء المحاصرين المجوعين في قطاع غزة وجنوب لبنان، لا ان يكافأوا بفرش السجاد الاحمر لهم في مطارات بريطانيا كضيوف مهمين على حكومتها ومؤسساتها.
القوانين البريطانية هذه التي يريد هيغ تعديلها وضعت باتفاق دولي، وتطبيقا لمعاهدات جنيف بشأن حقوق الانسان، وكيفية التعاطي مع مجرمي الحرب، وانتصاراً لضحايا النازية من اليهود، ومن العار تعديلها لحماية ضحايا ضحايا النازية ولأسباب عنصرية تمييزية.
نقلا عن صحيفة القدس العربي