اخلاء 100 الف مستوطن: لماذا لا؟
بن ـ درور يميني
January 29, 2014
‘وحدة كهذه لم تظهر منذ زمن بعيد، في اعقاب التصريح الذي خرج عن مكتب رئيس الوزراء عن يهود يبقون في اراضي الدولة الفلسطينية. المحللون، السياسيون من اليمين، الفلسطينيون والمستوطنون كلهم على حد سواء عرضوا هذا الاسبوع خطا موحدا. اليهود لن يعيشوا تحت سيادة فلسطينية. هذه وحدة غريبة بعض الشيء. فعندما طرح ابو مازن هذه الفكرة انقض اليمين عليه. انظروا ها هو الزعيم الفلسطيني العنصري يريد دولة نقية من اليهود.
نحن في شرك. فمن جهة لا توجد اي حكومة اسرائيلية قادرة على ان تخلي 100 الف مستوطن. احداث فك الارتباط ستكون مخيم صيفي مقابل ما ينتظر اسرائيل مع محاولة كهذه. ثمن الاخلاء لا يطاق. ومن جهة اخرى، فانه بدون فصل يبقي 100 الف فلسطيني في الجانب الاخر من الخط، لا أمل في السلام.
ماذا إذن هو الحل؟ خط الفصل الذي يبقي اسرائيليين في الطرف الاخر من الحدود. يهود مع اقامة فلسطينية ومواطنة اسرائيلية، في ظل ترتيبات خاصة من التبعية. فهل هذه فكرة منطقية؟ هل ‘كتائب التنظيم ستحمي اريئيل’؟ يجدر الانتباه بانهم يحمون منذ الان. وباستثناء بعض الحالات الشاذة، واحدة أو اثنتين في السنة، فان قوات الامن الفلسطينية تنجح في فرض إمرتها، رغم التنظيمات المسلحة. قليلا من حماس، قليلا في مخيمات اللاجئين، قليلا من الكتل الخصم. حماس تتهم السلطة الفلسطينية بالتعاون مع اسرائيل. هذا يدل على أن السلطة الفلسطينية ليست دمية من ورق. فلديها قوات أمن ناجعة. وكلما كانت دوافع هذه القوات اكبر، تكون قوتها أكبر.
ان احتمال أن تتحقق تسوية لا يزال قليلا. ربما فقط واحد من عشرة وليس واحد من الف، ولكن لا يزال يوجد احتمال. ولما كان لا احتمال في اخلاء 100 الف مستوطن، ولا احتمال في ادخالهم الى الجانب الاسرائيلي من خط الفصل، فان حل بقاء بلدات يهودية في المناطق لا يمكن أن يستبعد استبعادا تاما. وهكذا واضح على ماذا ولماذا يهاجمون نتنياهو من جانب اليمين. من لا يريد الاتفاق، لا يريد ان يسمع اي فكرة قد يكون بوسعها ربما ان تدفع الاتفاق الى الامام.
ولكن لماذا اليسار ومحللي الاعلام ايضا يهاجمون نتنياهو؟ فما الذي يقترحونه بالضبط؟ كيف بالضبط يريدون ان يدفع السلام الى الامام عندما يكون الخياران، للاخلاء وللاحتواء، أقل عملية من خيار الابقاء؟ في اسرائيل يعيش أكثر من مليون ونصف عربي. توجد تفرقة، المساواة لم تتحقق بعد، ولكنهم مواطنون متساوو الحقوق. وهم لا يعيشون اي خطر أمني. فلسطين ليست اسرائيل. ولكن يوجد شيء مثير للغيظ، متعالٍ بل وعنصري في الافتراض بانه لا يوجد اي احتمال في أن تتمكن اقلية يهودية من العيش في دولة فلسطينية. عندما يكون هذا منطق اليمين يمكن أن نفهمه. فالهدف هو افشال كل صيغة تؤدي الى تسوية أو فصل. ولكن لماذا اليسار ايضا غير مستعد لان يثق بالفلسطينيين؟ فاذا كان مصير اليهود حسم، وقوات الامن الفلسطينية لا يمكن أن تحافظ عليهم لان الجهاد سيسيطر، فلا معنى إذن لاي انسحاب.
ان ابقاء اليهود في الجانب الفلسطيني، في وضع من التسوية، هو مخاطرة غير بسيطة. فالتخوف من سيطرة حماس ليس بلا اساس. غير أن بالضبط لهذا الغرض تطالب اسرائيل بوسائل امنية اكثر جدية، وكذا كاستخلاص للدروس من فك الارتباط الذي اصبح فاشلا. واذا كانت اسرائيل مستعدة لان تنسحب مع وسائل امنية، فليس هناك اي مبرر ان تكون فلسطين نقية من الاسرائيليين الذين يكون بوسعهم ان يعيشوا هناك برعاية ذات الوسائل الامنية.
هذا هو السبب الذي يجعل جون كيري يحطم الرأس. هذا ليس بسيطا. ولكن كل من يحب السلام يجب أن يفتح الرأس لهذه الفكرة ايضا. هذا ليس الحل الافضل ولكن في الظروف السياسية لاسرائيل، هذا هو الحل الاقل سوءً.
معاريف 29/1/2014